الرئيسية / كتاب الموقع / إنسانٌ لا جرذان

إنسانٌ لا جرذان

الدكتور ناصر نايف البزور
بيّنَ الله عِلّة خلق آدم “الإنسان” وصرَّح بها للملائكة وهو غنيٌّ عن بيان أيّ عِلّة فقال لهم: “إنّي جاعلٌ في الارض خليفة” 🙂 فالغاية مِن خلق الإنسان بما لا يدع مجالاً للشك أو الخلاف هي أن يكون هذا الإنسان خليفةً في بناءِ الأرض وصونها ورعايتها ليخلفَ في ذلك خالق الأكوان ومبدعها وبانيها وراعيها؛ فالخليفة يلتزم بأوامر المخلوف…  🙁
ومع خلْقِ هذا الإنسان كان لا بُدّ من وجود كائنات ومخلوقات أخرى تشاركه العيش على هذا الكوكب؛ فكان خلقُ الحيوان كلٍّ بحسبِ وظيفته والغاية من خلقه نفعاً خالصاً … أو ضرراً خالصاً… أو نفعاً بثوب ضَرر… أو ضَرراً بثوب نفع… 🙂
ويعتقدُ الجاحظُ في كتابه “الحيوان” أنّ هناك علاقةً وطيدة بين طبائع البشر وطبائع الكثير من الحيوانات… 🙁 ولطالما كان الجرذ على سبيل المثال عبر العصور وعِند أغلبِ أهلِ الأرض حيواناً بغيضاً، وذميماً، ونجِساً، وضاراً وناقلاً للأمراض القاتلة كالطاعون الذي أهلك عشرات الملايين في آوروبا في العصور الوسطى وكان يُسمّى “الموت الأسود” 🙁 بل ويشير الباحث ‘هـ.ب. لوفكرافت’ إلى وجهة النظر القائلة (وإن كُنّا لا نتَفقُ معه في بعض الأمور) بأن “الجرذ هو العنصر الذي يسبِّبُ الانحلال البشري… بل إنه يبدو وكأنه يمثِّلُ الشرَّ بحد ذاته” 🙁
بل يُعتقَد هءا الباحث أنّ الجرذ يمثل في حد ذاته ذروة انحطاط التطور،  حتّى يقول الكاتب: “لو تطور الإنسان نحو الأسوأ، فإننا لن نصلَ إلى القرد، بل إلى الجرذ” 🙂 فهذا يجعل الإنسان خليفة بحُسن خلقه وإنسانيته ونفعه فيما يبقى الجرذ مُنحطّاً بذمامته وأذيّته وضرره… 🙁  وربّما يكون هذا هو السبب الرئيس لكراهية الكثير من الناس لهذا الحيوان الذميم في شكله، ورائحته، وسلوكه وتأثيره السلبي واشمئزازهم من رؤيته أو الاقتراب منه … فلا شَرفَ بلمسه، ولا بالنظر إليه، ولا بالاهتمام به، ولا حتّى بسحقه  🙂
فهل كان الجاحظ مُحِقّاً إلى حدٍ ما فيما ذهبَ إليه… 🙁 فكم من البشر تجِدون فيهم بطشَ الأسود، أو نشاط الغراب، أو دهاءَ الثعالب أو مكرَ وفتكَ الذئاب، أو قذارة الجرذان، أو غباء النعام، أو كسَل بعض الدببة.. 🙁 وقد يعشق البعضُ مِنّا الأسودَ أو الدببة أو الذئاب أو الثعالب؛ لكنّ هل يُمكن لأحدٍ أن يعشق الجرذان… 🙂 فسبحان الخالق المُصوِّر الذي خلقَ الجرذان وخلقَ الإنسان وخلقَ مِن بني الإنسان مَن يُحاكي بأفعاله الجرذان…فتبارك الله أحسن الخالقين.. 

تعليق واحد

  1. إذا أردنا أن نعرف ماذا في إيطاليا فيجب أن نعرف ماذا في البرازيل!