الرئيسية / منوعات / الفطر البري.. نبات موسمي ألوانه زاهية لكنه يخفي سموما قاتلة

الفطر البري.. نبات موسمي ألوانه زاهية لكنه يخفي سموما قاتلة

يحرص محمد الحسين بالمحافظة على طقوس رحلة نهاية الأسبوع مع عائلته حتى وإن كان الجو باردا، وذلك لتغيير الروتين وقضاء وقت أطول معهم.
عادة يترك أطفاله يلعبون حتى يفرغوا كل طاقاتهم، بدلا من المكوث بالشقق الضيقة التي لا تتسع لهم، ولا يجدون المساحة الكافية للعب.
لكن هذه المرة، اختلف الوضع بعدما شاهد ابنه الصغير يلتقط شيئا عن الأرض ويتناوله، ليكتشف أنه فطر بري.
أول ما تبادر إلى ذهنه كان، الحادثة التي سمع عنها قبل فترة بوفاة شاب يبلغ من العمر 16 عاما، بعد الاشتباه بتناوله فطرا بريا بجانب بيته، الأمر الذي أدى إلى تسمم في الدم، وبالتالي وفاته لاحقا.
وبالرغم من جمالية الرحلة الأسبوعية في الشتاء، لكنه بعد أن سمع عن حالات تسمم، قرر أن يقلل من الجولات خلال موسم نمو الفطر البري”.


ويقول الحسين، “في الحقيقة لا أعلم إن كان فطرا ساما أو لا، لكن فكرة تناول الأطفال من الأرض شيئا غير معروف، أمر مؤرق، ويتوجب الحذر الشديد، وعدم الاستهانة بهذا الأمر”.
وتأكيدا لهذه المخاوف، يقول الناطق الإعلامي في وزارة الصحة حاتم الأزرعي “إن وزارة الصحة حذرت من المخاطر الصحية الناجمة عن تناول الفطر البري السام”، لافتا إلى أن الوزارة تنفذ حملات توعوية حول المخاطر الصحية الناجمة عن تناوله، ولا سيما أن هناك أنواعا منه ذات درجة سمية عالية.
وشددت الوزارة بحسب الأزرعي أن على المواطنين عدم تناول الفطر البري، إذ أن غالبيته سام ومن الصعوبة عليهم تمييز الأنواع الضارة من غيرها، وبالتالي يفضل عدم تناوله نهائيا.
مختص في علوم الفطريات الدكتور أحمد المومني، يؤكد أن بعض أنواع الفطر البري سامة، لكن سميتها تتدرج من البسيط إلى السم الخطير، لكنه يشدد أن الأنواع القاتلة بالفعل غير موجودة في الأردن، بعد بحث ودراسة أعدها على مدى عام كامل.

ويكمل، إن الفطر السام موجود لكن “القاتل منه” غير موجود، في حين أن هناك أنواعا لا تكون سامة إلا إذا ترافقت مع شرب الكحول، فتتحول تركيبتها من غير سامة إلى سامة.
ويحدث كثير بحسب المومني أن البعض يتسمم من الفطر “نفسيا”، لوجود معلومة أن الفطر سام، فيبدأ بالغثيان وينقل إلى المستشفى لكن في الحقيقة لا يعاني من شيء، إلا أن ذلك لا يبرر الإهمال بالصحة في حال الشعور بأي توعك بعد تناول الفطر.
ويبين أن الأردن يحتوي على 137 نوع فطر بري ما بين الحجمين الصغير والكبير، ويؤكد خلال بحثه المطول أنه لم يجد فطرا مميتا في الأردن والذي يطلق عليه اسم “أمانيتا” نسبة للمادة السامة أمانيتين.
الأزرعي أوضح أعراض التسمم الفطري، والتي تتراوح بين إزعاجات هضمية بسيطة كالغثيان والتقيؤ والآم البطن والإسهال، وقد تصل إلى مضاعفات خطرة كالفشل الكلوي أو الكبدي.
وأعدت الوزارة نشرة توعوية حول التسمم الفطري تم تعميمها على جميع مديريات الصحة بالمحافظات لاطلاع الكوادر الصحية عليها فضلا عن تنظيم حملات توعية للمواطنين لتعريفهم بالمخاطر الصحية الناجمة عن تناول الفطر البري والتنسيق مع وزارة التربية والتعليم لتوعية الطلبة في المدارس بهذه المخاطر وتجنب تناول الفطر البري.
ويذكر الأزرعي، أنه تم التعرف عالميا إلى مائة صنف من الفطر السام، 15-20 منها قاتل، مبينا أن التسمم الفطري يسبب مضاعفات خطيرة لدى الأطفال وكبار السن.
المومني من ناحيته، يقول إن هناك الكثير من الأنواع البرية التي تؤكل طازجة ومن دون طهي، رغم أنه يفضل طهي الفطر غير السام، إذ لا بد من أخذ الفطر إلى مختبرات لفحصه جيدا فالكثير من أنواع الفطر، إن لم تكن سامة إلا أنها قد تكون فاسدة أو تحتوي على طفيليات يمرض من يأكلها.

وفي حال تناول الشخص فطرا ساما يمكن أن يكون مميتا، أول أعراضه وفق المومني الشعور بالغثيان والتعب وتلف الكبد والكلى ومن ثم تلف في الدماغ مع غيبوبة ويكون الموت في اليوم السادس أو السابع من تناول الفطر السام.
والفطر كباقي المأكولات يمكن أن يفسد، وتناول الطعام الفاسد يؤدي إلى التسمم، وله آثار على الجسد، ما يجعل الأعراض التي حدثت مع من أكله لأنه طعام فاسد.
ويضيف المومني أن أكثر أنواع الفطر موجودة في منطقة وادي الرمان ووادي شعيب مثل فطر “الكلخ”، وهو فطر بري يؤكل وغير سام، وفي منطقة ثغرة عصفور يوجد فطر “تراكوما” وهو فطر ابيض وقمته رمادية يوجد بالقرب من الأشجار، فالفطريات تعيش حياة تكافلية مع الأشجار.
ويؤكد أن 95 % من الفطر في العالم هو غير قاتل و5 % فقط هو فطر سام قاتل، والأكثر سمية موجود في أميركا، وعادة ما يكون لديه حراشف تشبه البصل أكثر من الفطر.
وينصح من يريد اختبارا سريعا عند قطف الفطر البري، الذي ينبت منذ شهر كانون الثاني (يناير) وحتى نهاية شهر شباط (فبراير)، ويمكن مشاهدته في الكثير من الأماكن الرطبة كالأغوار ومنطقة المشارع وثغرة عصفور أو الغابات بالقرب من الأشجار، إذ يمكن فصل جزء منه وتذوقه بطرف اللسان فإن كان لاذعا فهو بالتأكيد سام ويجب الابتعاد عنه. وإن لم يكن لاذعا يتوجب غسله جيدا وطهيه كذلك، لأنه يحتوي على أبواغ من الممكن أن تكون مجرثمة وتؤدي للتسمم. وينصح شراء الفطر من مصادر موثوقة، وتجنب تناول البري لأنه وكما ذكر سابقا لا يمكن التفريق بين الفطر السام وغير السام من الطعم أو الشكل أو اللون او الحجم ببساطة ويحتاج إلى خبير، وعدم ترك الأطفال دون مراقبة.