الرئيسية / كتاب الموقع / آه يا بلدنا.. دعستك سيارات لامعة إمحششه 

آه يا بلدنا.. دعستك سيارات لامعة إمحششه 

آه يا بلدنا.. دعستك سيارات لامعة إمحششه

فهمي العزايزة

ذات يوم وأنا عائد عبر طريق حواره اربد أسوق على مهلي وإذا بسيارة خمرية تسير نحوي مباشرة، وكأنها بلا سائق أو حدث له أمر سيء، فحرفت مقود سيارتي بسرعة نحو بنكيت ترابي خارج ألزفته، توقفت مندهشا مرعوبا متخيلا لو أنه صدمتي بوز لبوز، نظرت ورائي نحوه وإذ هو لا يدري يمينه من شماله، وربك ستر.. أني نفذت بأعجوبة.. وقبل أيام وما أن أكملت وضع مشترياتي في سيارتي، جلست وراء الستيرنغ استعد للمغادرة وإذا بسيارة سوداء بتلمع تمر بجانبي كثور انطلق في ساحة سباق الثيران وأخذت تتمايل سكرانة ثم توازنت وبقيت مسرعة، فصرخت بأعلى صوتي: مهره.. مهره.. وبعدها حمدت الله أنني بفارق ثواني لم أُحرك سيارتي، ربما حدث لي وللمارة ما لا يحمد عقباه.. تسمرت مكاني لأنهي شرب سيجارة طاسة الروعه..؟!

… وكثيرة.. كثيرة هي السيارات المرعبة تعبر شوارع بلدتنا المحفرة، يقودها شباب هائمون منتشون طربا بغناني الهيشك كيشك، تارة كالبرق مسرعة وتارة تمشي على الهدى فيتجاوزوننا ويجحرونا بغضب ومسبات من تحت الزنار وفوقه، لكننا منخلي حالنا “طُرم” خاف نوكل “بدن” ونصير فرجة.. لنضحك وبأعلى صوتنا جوفية: إدعس ودوس صارت الرمثا.. مسخرة..؟!

… آه.. آه.. يا بلدنا.. صارت أرضك شمسية لم تعد تثمر سوى الحنظل، يسودك متعلمين لا عندهم علم يُنتفع به وأثريا بلا صدقة جارية وأولاد زغورتية لا بحللوا ولا بحرموا وبلا رحمة، وعلى سطح مستنقعك طفت “أقفية” زلم منسية “إرثوع وسطول مصدية” ينفثون من عوادمهم الفوقانية والتحتانية كل رائحة نتنة، مثل “قرصة ابو قرع” يظهرون في “حول”/مواسم الانتخابات، يتصدرون المضافات والخيم ومن حولهم سحيجة “رعاع بني فجفج”، وبموازاتهم عصابات مخدرات ومهرة ومخبرون صغار يشمون بأنف أبو كلبشه وزعران سيارات لامعة سُواقها يتلصصون يمينا وشمالا بحثا عن فريسة.. بينما “زلمك المليحة” يا بلدتي المسكينة.. باتوا لا يجرؤون على التمتمة خشية من البهدلة، صارت أخلاقهم عيب، وكفر إن هم تجرءوا على النصيحة، مختبئون داخل معابد بيوتهم حفاظا على كبريائهم من أن تدعسها سيارات إمحششه..؟!