الرئيسية / منوعات / أفلام الكرتون العنيفة هدم لشخصيات الأطفال

أفلام الكرتون العنيفة هدم لشخصيات الأطفال

أبواب – الراي -غدير سالم

بات جلوس الأطفال امام التلفاز لساعات ومشاهدتهم أفلام الكرتون التي تحتوي مشاهد عنف وعادات خارقة مثار خوف كثير من الأهالي، وباحثي علم النفس، فهناك تخوف كبير من أن تؤثر في بناء شخصياتهم على المديين القريب والبعيد، من خلال النمذجة وتقليد الشخصيات المحببة لديهم، والتأثر بالممارسات السلوكية التي قد تكون خطرة أو غير مرغوبة في مجتمعنا العربي.

وفقاً لما تقوله الأخصائية النفسية الأستاذة في الجامعة الأردنية الدكتورة لطيفة دردس فإنه: « لا شك أن هناك العديد من العوامل تتدخل في عملية تربية الأولاد، فلم يعد ما يكتسبه الطفل من معارف وسلوكيات وأخلاقيات مقتصرة على ما يراه في البيت والمدرسة، إذ أن التلفاز والإنترنت والهاتف واللوحات الإلكترونية وغيرها من الوسائل أصبحت تلعب دوراً كبيراً في التنشئة الإجتماعية للطفل، ويتباين هذا التأثير بحسب ديناميكية العائلة وأسلوب التربية المتبع في الأسرة، وتعد أفلام الكرتون والرسوم المتحركة والألعاب الإلكترونية الموجهة للأطفال من المواضيع الهامة جداً في وقتنا الحالي وهي من العوامل ذات التأثير التراكمي التي وإن لم تظهر أثارها بشكل مباشر ولكنها قد تؤدي إلى مشاكل على المدى البعيد مثل مشاكل نفسية ،سلوكية وتربوية».

وعن أثر مشاهدة التلفاز وأفلام الكرتون وبالأخص التي تحوي تجسيد لشخصيات فيها عنف وغير واقعية وفيها قوى خارقة فتقول دردس: «هناك العديد من الأمور التي يتوجب على الأهل التنبه إليها فيما يتعلق بموضوع مشاهدة الكرتون للأطفال، وبالأخص تلك التي تجسد مفاهيم القوى الخارقة أو السحرية والعنيفة، بداية لا بد من الإشارة إلا أن جلوس الطفل المطول على التلفاز أو غيره من الأدوات يخلق لدى الطفل نوعاً من اللامبالاة أو الكسل والخمول، فتشير الأبحاث أن هناك ارتباطا بين هذا النوع من الممارسات واضطرابات تناول الطعام والوزن وفي النوم وفي الحركة».

وأضافت: « كما أن إشغال معظم وقت الطفل بالنظر إلى التلفاز أو الألعاب يقلل من مهارات المعالجة المعرفية عنده، إذ أن الطفل يصبح اعتماده بشكل كبير على الصور والحركات التي تكون في غالبها مغايرة للواقع فيحد ذلك من العمليات العقلية العليا للطفل والتي تساعد على القيام بمحاكمات عقلية منطقية مما يجعل الطفل مفصولاً عن الواقع، وخصوصاً إذا تزامن ذلك مع غياب التربية والتوجيه من قبل الأهل فيترك الطفل ليبني بنفسه نموذجاً غير واقعي قد يعتمد عليه عند تعامله مع الآخرين أو حتى عند الحكم على نفسه وعلى قدراته».

وترى دردس أنه: «وفقاً لنظريات التعلم إن المشاهدة المستمرة لهذه الأفلام تجعل منها مصدراً للنمذجة عند الطفل ويتضمن ذلك مراحل أربعة، في المرحلة الأولى مشاهدة النموذج، ثم تخزينه في الذاكرة طويلة المدى، ثم إعادة إنتاجه من خلال محاولة الطفل تقليده، سواء كان بشكل مقصود أو غير مقصود، ومن ثم إعادة إنتاجه أكثر من مرة فيصبح هذا النموذج سلوكا معتمدا للطفل، والمشكلة أن الطفل في مراحله الأولى لا يكون قد طور عمليات التفكير المجردة وفقاً لنظرية بياجيه وعليه فإن تقليده قد يكون فيه نوع من الخطورة والإيذاء، فمثلاً قد يعتقد الطفل بمجرد ارتدائه للباس سوبرمان أو باتمان أنه قد يتمكن من الطيران أو القفز وهذا بطبيعة الحال قد يعرضه للخطر».

وتابعت دردس: «معظم ما يراه أطفالنا الآن من رسوم متحركة وأفلام هي نتاج غربي، وبالتالي المحتوى مغاير لعاداتنا وثقافاتنا وقيمنا وقد يحدث أحيانا أن تقدم هذه الأفلام نموذجاً لخُلق حميد ما لكنه في بيئة مختلفة ومعروض بأسلوب مختلف غير ذلك الذي نعيشه في واقعنا وهذا يخلق عند الطفل حالة من التناقض والصراع بين ما هو مقبول وبين ما هو غير مقبول، ومن الآثار السلبية أيضاً والهامة فيما يتعلق بكثرة مشاهد الأفلام التي تحوي عنفا أن مثل هذه الأفلام تبرر العنف وتجعله طبيعياً في الحياة اليومية وأحياناً تظهره بطابع مضحك أو مشوق مما قد يؤثر على سلوكيات الطفل بشكل كبير، كما قد يحدث أن يفقده ذلك القدرة على التعاطف مع الضعيف أو مسامحة المؤذي أو نبذ العنف حيث أن ما يراه باستمرار وكأنه شكل طبيعي من أشكال الحياة اليومية».

وعن دور الأهل للحد من مشاهدة هذه الأفلام لساعات طويلة تبين دردس: «في النهاية من المهم أن نؤكد على أهمية دور الأهل في المراحل الأولى من حياة الطفل، فيجب أن يعمل الأهل على تقديم نموذج صحيح أخلاقي واقعي للطفل يكون بالتعاون مع المدرسة مصدر تنميته المعرفية، وأن لا يعتمد الطفل على ما يشاهده من أفلام غير واقعية في بناء شخصيته وقدراته المعرفية، ومن المهم جداً أن تحرص الأمهات على أن لا تعتمد على التلفاز أو الأيباد أو الهواتف كوسيلة لإشغال الطفل عنها لأنها تشغل الطفل عنها لكنها تفقده جزءا كبيرا من عمره على المدى البعيد، حيث أن الوقت المهدور بمشاهدة التلفاز هو أيضا مهدور من قدراته الفكرية ومن قدراته العاطفية والإنفعالية وكذلك من علاقته مع أهله، لذا يتوجب على الأهل التنبه إلى أن للطفل حق على والديه بقضاء الوقت معهم، وأن لا تكون وسائل التلفاز وغيرها هي وسيلة للتربية أو للتخلص من الطفل وطلباته، ووسيلة لتوفير وقت للأهل للقيام بمهام غير مهام التربية».

وعن السلبيات الأخرى لمشاهدة أفلام الكرتون تبين مها الطاهات المتخصصة في مجال الإرشاد النفسي بدرجة الماجستير بأن: «مشاهدة أفلام الكرتون لوقت طويل تنمي عند الأطفال العنف وحب التملك والسيطره وتقليد هذه الأفلام غير المرغوب فيها سلوكياً، وهناك أفلام تشكل خطرا على الأطفال حيث تغرس مفاهيم الشر، عدا أن جلوس الطفل أمام الأفلام لفترات طويلة يقلل من تفاعله الإجتماعي مع الأسره ومع المحيط الخارجي، بالإضافة إلى عدم تقبله للتعرف على اشخاص جدد، وهذه الأفلام تؤثر على صحته الجسميه فيصبح لديه صعوبة في الرؤية، وعلى صحته النفسيه كالتوتر والقلق الزائد والتبول الليلي، فلابد للأهل من اختيار أفلام فيها قيم دينية وتعليمية وأخلاقية».

رغم سلبيات مشاهدة أفلام الكرتون إلا أن لها إيجابيات لا بد من ذكرها فتقول الطاهات: «إن اختار الأهل لأطفالهم أفلام كرتونية مناسبة فهي تساعد على غرس عادات وقيم مهمة، عدا عن إكتساب خبرات جديدة وتكوين معلومات ومعارف جديدة، فبعض أفلام الكرتون تحوي على قصص واقعية ودينية واجتماعية قريبة لخيال الطفل وتوصل له الفكرة بشكل أوضح وأسهل، عدا أن هناك أفلام كرتون تهتم بالجانب الأكاديمي والعلمي وتنميه التفكير الإبداعي وزيادة المعرفة بالتطور التكنولوجي، وبعضها يساعد على تعلم الأطفال لغات مختلفة وخاصة اللغة العربية الفصحة ،واللغه الانجليزية ومعرفة مصطلحات جديدة من خارج البيئة المحيطة ، بالإضافة إلى أنها تشجع على حب المغامرة والإكتشاف وغرس روح المنافسة وتنمية خيال الطفل».