الرئيسية / كتاب الموقع / الاردن الذي نريد 

الاردن الذي نريد 

الاردن الذي نريد

سليم ابو نقطة

لن تجد الدولة فرصة خيرا من هذه الجائحة لتشهد اردنا جديدا مبنيا على الدعائم التي بلورتها أزمة الوباء

فالكرة الان في ملعب الحكومة في ان تبادر بالمصالحة الحقيقة والمكاشفة بين الدولة بكل أجهزتها وبين الشعب . مصالحة بعيدة عن المناظرات الوطنية والنفاق السياسي ، بل أفرزها الشعور العام لدى الدولة والمواطنين بأنهما لم يكونا اكثر قربا وانسجاما من بعضهما البعض من مثل هذه الايام. فكلاهما في مركب واحد يواجهان مصيرا واحد وليس لهما إلا التعاون والتضامن فإما أن ينجوا جميعا أو لا قدر الله يغرقا جميعا.

 

لقد تجاوب الشعب بتلقائية مع أجهزة الدولة في الإجراءات التي اتخذتها لمواجهة الازمة، ووضعوا ثقتهم فيها. هذه الثقة وهذا التلاحم عبر عنه المواطنون والمسؤولون في مواقف وصل فيها منسوب الوطنية مداه بنثر الورود على الجيش وهو يفرض الحظر عليهم ويمنعهم من الخروج من منازلهم خوفا على حياتهم.

 

ان الحزم الذي تتعامل به الدولة مع كل من يخرق الحظر الصحي والسرعة التي اتخذت بها القرار لتطويق انتشار الوباء متجاهلتا الكارثة الاقتصادية التي قد تلحق بها ترك ارتياحا واسعا في نفوس المواطنين لانه لم يكن الا حماية لأرواحهم وللمحافظة عليهم

فحضور الدولة بهذا الحزم في تطبيق القانون أعاد الطمأنينة إلى الشعب ومنحهم ثقة أن الدولة لم تفقد هيبتها ولم تترهّل سلطتها خصوصا بعد تغوّل المفسدين وناهبي المال العام عليها دون أن تطالهم يد العدالة.

 

ولو كانت الحكومة حاضرة الذهن ما قبل الازمة لحظة وقوف المعتصمين على الدوار الرابع لإدراكت ان مطلبهم كان ينصب في الاتجاه الذي تنتهجه الان في ادارة الازمة وهو جعل الدولة ومؤسساتها ومواردها في خدمة المواطنين، وقد أدرك المواطنون حقيقة أن الدولة فعلا تجند كل إمكاناتها لمصلحتهم ، وهذا ما لمسه المواطنون في تعامل الحكومة معهم وقد وفرت معظم ما يحتاجونه لتجاوز الازمة.

 

إن الفساد بكل أشكاله هو من أهم أسباب فقدان ثقة المواطنين في الدولة وأجهزتها. فحين اختفى او تضائل في ظل الأزمة وجدت الدولة المواطن اللين والمطيع الذي يتحمل معها المسؤولية حتى وهي تعصف بقوة يومه.

 

لقد تبين للحكومة ايضا أن الاستثمار في غير الإنسان سرعان ما انهار وأثبت عجزه بسبب تفشي الوباء، الذي لم تنفع معه البوارج الحربية ولا الأسلحة النووية ولا حتى الثراء الفاحش في ايقافه ، وعودوا الى فيديو رمي الطليان لأموالهم التي لم يعد لها قيمة في ظل الازمة في شوارع روما ان كنت مخطئا!

إن جائحة كورونا فرضت على الدولة أن تسترجع هيبتها وحزمها عبر أوجه عدة أولها اجتثاث الفساد بكل صوره

البغيضة التي تأتي اما على هيئة اختلاس المال العام او رواتب فلكية لمؤسساتها المستقلة التي لا دور لها سوا ابتزاز المال العام والمحسوبية والواسطة التي ضيعت حقوق الناس ، كل هذا وغيره هو ما افلس الحكومة الحالية والحكومات السابقة وجعلها تسلب كلما سنحت لها الفرصة معظم ما في جيوب مواطنيها كي تسدد عجز خزينتها.فخسرت هيبتها امام سخط الناس واستيائهم

 

ان الدولة لن تكون قوية إلا بتطبيق القانون وحماية الحقوق تماما كما هي حريصة اليوم على حماية حق المواطنين في الحياة ضد وباء كورونا.