عباية وحصيرة.. بسام السلمان

بسام السلمان

نظر الي بعينه المغمضة عندما طلبت منه ان يقدم مساعدة لاسرة فقيرة تحتاج العون والمساعدة وقال: ذهبت زوجتي الى تلك العائلة حتى”تشوف ” حالتها على الواقع.

ابتسم الصديق الغني جدا واضاف: وجدت زوجتي بيت الاسرة مفروش ويوجد سجادة جديدة قد لا يكون في بيتي مثلها.

قلت له: وشو كمان وجدت زوجتك؟

قال: المرأة، ام الاطفال الايتام تلبس عباية يزيد سعرها عن ال 20 دينار.

قلت مستغربا:” وشو كمان “؟

نظر الي نظرة المنتصر وقال: ابنها الكبير معه تلفون خلوي.

تركت صديقي الغني وتوجهت الى ببيت تلك الارملة التي كل ما اذكره عنها انها لم تقلع عباءتها السوداء منذ ان رحل زوجها قبل عشر سنين تاركا خلفه اربعة اطفال اكبرهم كان وقتها يبلغ من العمر سبع سنوات، وبيتا مستأجرا يكاد سقفه يسقط فوق رؤسهم، عندما فتحت لي الباب كانت بالفعل تلبس عباية مزركشة وملونة، قدمت لي القهوة وكان يجلس بجانبي ابنها الذي خط شاربه ونبتت شعرات قليلة في ذقنه، سألته عن صفه قال السنة القادمة ان شاء الله توجيهي، وسألته عن تلفونه قال اشترته لي امي، تلفون مستعمل.

الارملة الذكية فهمت سبب زيارتي فقالت: تصدقت علينا جارتنا بحصيرة بعد ان رأتنا ننام في عز البرد على ارضية الغرفة الباردة.

سكتت قليلا، منعت دمعة كادت ان تسقط من عينيها التي تغطيها بنظارة طبية رخيصة الثمن، قالت: بعد زمن طويل في ارتداء العباية السوداء والوحيدة اهدتني قريبتي هذه العباية، واشارة الى عباءتها.

خرجت من بيتها الخالي من اي شيء، اخرجت هاتفي واتصلت على صديقي وقلت له: هل على الفقير ان يموت من الجوع والبرد حتى يثبت انه فقير؟