الرئيسية / كتاب الموقع / أن تهديني قلماً

أن تهديني قلماً

 

محمود فلاح المحادين

أجمل الهدايا هي تلك التي لا نتوقعها ولا ننتظرها حتى أننا نرتبك عند تلقيها فلا نوفي صاحبها حقه في الثناء ولا نتمكن من وصف سعادتنا أمامه بما أدخله إلى قلوبنا من سرور وفرح…حتى أشد الناس تعقيداً سيفرح إن تلقى هدية مباغتة على حين لفتة…أما البسطاء أمثالي فسيبزغ في ليلهم قمر وسيزين سمائهم قوس قزح….

أن تهديني قلماً فهذا يعني أنك استأمنتني على قطرات الحبر بداخله، أن لا أخطّ بها حرفاً لا يليق بنا أنا وأنت، هكذا نتقاسم هذه القطرات، أنت تمنحني الأدوات وأنا أستغل السلطة… ولاحقاً عندما تسفك الحروف فوق الأوراق تكون أنت بريئاً منها وأنا أكون المجرم الأوحد…

هل تعتقد أن قلمك الأسود مذهب الأطراف بغراماته القليلة ولون حبره الأزرق الذي يلتصق بالورق بثقة ورأسه المدبب الذي يشبه السهام التي كنا نرسمها صغاراً وهي تخترق قلباً فتثقبه فتخرج من الطرف الآخر حيث نضع الحرف الأول من إسم من نحب، هل تعتقد أن قلمك هذا سيطيعني مثل ما أطاعك؟ هل سيبوح لي بأسرارك؟؟؟ إذا ارتجفت وأنا أمسكه هل سيقول لي أنني لست شجاعاً مثلك؟؟

يقال أن بعض السجون كانت مليئة بالكتابات التي حفرها السجناء بأظافرهم، نحن بفطرتنا نحب أن يعرف الجميع ما نحس به، لذلك كانت الكتابة رفيقة الإنسان الأول، كان يستر جسده بأوراق الشجر ثم يعري روحه بكتابة مشاعره على أغصانها!إنما هذه الاقلام مشاعل نور تنتقل من مبدع إلى من يحاول أن يكون كذلك، فكرت كثيراً في الكلمات التي سأستخدم قلمك لكتابتها فزاد خوفي وإرتباكي… المهم أن هذه الرسالة ليست منها فأنا لا أزال أحتفظ بحبره لأمر جلل…

كان بودي أن أسبقك بالهدية ولكنك سبقتني وهكذا وكما نقول في عاميتنا(راعي الأوله ما ينلحق) فلو حاولت اللحاق بك ومبادلتك الهدية لكانت محاولة فاشلة للرد على كرمك فقد كسبت زمام المبادرة وما علي سوى التظاهر بأن الهدايا المعنوية تعادل الهدايا المادية وأن إحتفاظي بقلمك وعدم إستخدامه إلا إذا إجتاحتني رغبة عارمة في الكتابة وهو ما يندر حدوثه سيعبر لك قليلاً عن شكري و إمتناني…

 

تعليق واحد

  1. نص عاطفي مثير ومؤثر من كف
    كاتب خبير وعميق.
    بوركتم وبورك نبض قلبك النقي
    احترامي وتقديري