الرئيسية / كتاب الموقع / ومن يوم يومنا تكاذبنا المجتمعي.. واليوم أدهى

ومن يوم يومنا تكاذبنا المجتمعي.. واليوم أدهى

ومن يوم يومنا تكاذبنا المجتمعي.. واليوم أدهى

فهمي العزايزة

ذات يوم من أيام زمان مضى، جمعتنا تعليلة، دار الحديث فيها عن سوالف وأحاديث شتى من بينها سوء بعض سلوكياتنا المجتمعية، وكيف هي المسافة فلكية بين ما نتكلم به وبين ما نفعله، إذ روى أحدهم قصة حدثت معه كنموذج لسوء ما فعله، ناقدا ومؤنبا وجالدا نفسه، دون أن يتكلم عن سوء فعل غيره، فعادة ما يًفتل لسانه واحدنا و”يتلعمظ” به عن نموذجه الفريد من نوعه والذي يجب أن يُحتذى، كعادتنا في جلساتنا وتعاليلنا نتكاذب على بعضنا بعضا..؟!

ويروي لنا قصة مفادها: “ذات مرة كنت برفقة صديق لي في طريقنا من السوق إلى بيتنا، وإذا بتجمع قليل من الناس أمام بيت حدا من قرايبي، ما دعاني فضولي للسؤال، فأجابوني: لقد توفيت زوجته، وفقط ترحمت عليها وتابعنا طريقنا؛ ففلان هذا بسيط وفقير الحال، مختبيء وراء فقره المدقع داخل بيته، مستغرق في تعب عيشه، وما في حدا مننا “بتchيل بصاعه”، وفي طريقنا صادفنا أحدهم: إدريتوا شو صار مع أبو إبراهيم اليوم (ثري ووجه قرايبنا)، يا ستار.. خير شو صار معه، فأجابنا: باب سيارته سكر على اصبعه، له.. له.. ما بستاهل، وبوجهنا إلى بيته لتهنئته بسلامته.. فشوفوا يا جماعة؛ هظاك ماتت مرته، وهاظ بوجعه إصبعه، ترى هاظ احنا، وهاظ إلي صار معي مش مع غيري، والباقي عندكوا..”؟!

ساد تعليلتنا صمت رهيب، وجميعنا ينظر بوجه بعضه، وما حدا مننا حتchى تchلمه، نهضنا وغادرنا كل إلى بيته، وربما كل منا دعته ذاكرته ليتذكر ويُذكر نفسه؛ فواقعنا مثخن بمشاهد مجتمعية كهذه جمة.. هكذا هي سلوكياتنا الكاذبة المتكاذبة.. نطبل ونزمر لذوي النعمة، ولذوي المناصب الحكومية، نزحف على بطوننا لاستقبال ضيوفهم وجهاء ومسؤولي القوم والمخشرم والفيصلية، نتازحم.. تتصادم أكتافنا.. نتحاشك.. وكل منا يريد الاقتراب والسلام ليتمسح ببركة قُدس سره.. هذا ما كان يحدث في زمان مضى، وما زلنا نمضي في السلوك ذاته، تعج الخيمات والمضايف بالأجساد، والشوارع بالسيارات الفارهة، وكل ينتظر نصيبه الذي يتوهمه، والظفر بصورة تذكارية يعلقها على صدر غرفة ضيوفه، بل وهذه الأيام صارت تبث مباشرة على هواء “فسابوكنا” ومواقعنا الإخبارية، هذا غير روايات بطولاتنا الكلامية بتوسلاتنا وشحداتنا وتسحيجنا، وكيف مردغنا أفواهنا بزفر ذو النعمة على شرف ضيوفه من أصموا آذاننا، منذ ألف وتسعمية وخشبة، بوعود كاذبة.. ومن يوم يومنا بعدنا على حطة إيدنا.. بل وأدهى..؟!

تعليق واحد

  1. محمد خالد بديوي

    والحمد لله رب العالمين ان رزقنا بشيوخ مرخصين بشهادات وصور حقيقية مع الذي لا يذكر إلا بخير هؤلاء الشيوخ الذين صاروا يأخذون ثمن جهودهم من خلال قطروز يهمس باذنك دون ان يلاحظ الحضور هذا ان حضرت في وقت يحضر فيه صبية الشيخ جميعا..يعني لو ظلينا على الكذب لوحده فإن الأمر أهون!
    تقديري واحترامي