تيس الملكة

……..

بسام السلمان

يقول المثل العامي: “عنز الشعيب ما يحب إلا التّيس الغريب! مثل قديم ومعروف يتداوله الكثير في معظم مناطق الجزيرة العربية من باب الحكمة، وهذا المثل يستخدم للدلالة على أن البعض قد يعجب بشخص غريب عنه لعوامل نفسية مرتبطة بالإثارة والإعجاب وحب التجديد

وعلى ذكر التيوس فإن تيس الملكة الراحلة إليزابيث فاق كلّ التيوس مكانةً ومنزلةً، فكما تناولت الاخبار ان التيس ويليام كما يُسمّى من سلالة إنكليزية عريقة، ويحمل رتبة “كولونيل” عقيد في الحرس الملكي البريطاني، ويقوم على خدمته ضابطٌ برتبة مقدّم، ويزاول نشاطه ومهامه في تفقد الوحدات العسكرية، ويصطفّ الجنود لأداء التحية له كلّ صباح.

والتيس ويليام يحمل لقب “دوق” وله حصانة دبلوماسية، وجواز سفر دولي يستطيع الدخول والسفر إلى أية دولة في العالم، وله أملاك في كندا وأستراليا، وكذلك خُصص له راتبٌ شهريٌّ مُجزٍ يُصرَف على زِيّه العسكري، وطعامه، ومكان إقامته الجميل، إذ يملك منزلاً فخماً يحيط به مرعًى في نواحي باكنغهام.

ويقول احد الكتاب ان التيس ويليام  ذكرني “بتيس البوكمال السوري وخلافاً للمثل “نقول تيس يقولون احلبوه” فقد حُلبَ التيسُ في البوكمال، ودرّ حليباً في ثمانينيات القرن الماضي، فقد استيقظ صاحب التيس يوماً، ووجد أن تيسه له ضرع، ويخرج منه الحليب، واعتقد أن هذا الأمر معجزةٌ ساقها الله له ليستثمرها، ويصبح غنياً، وسرعان ما تناقل الناس أخبار التيس الحلوب، وإن حليبه يشفي من الأمراض والعلل، وخاصة العقم، وأصبحت البوكمال مقصداً للناس، تزدحم شوارعها بهم، وشهدت انتعاشاً اقتصادياً، فافتُتحَتْ مطاعمُ وفنادقُ، وخُصصت حافلات لنقل الزوار، وليس غريباً أن تسمع أصحاب الحافلات والسيارات ينادون الركّاب “عالتيس عالتيس” بدلاً من “عالبوكمال عالبوكمال” ليذهبوا لرؤية هذا التيس العجيب، وأخذ ولو رشفة من حليبه السحري الشافي!

يبدو أن صاحب التيس استفاد مادياً، ولكن لم يدم ذلك طويلاً، فما لبثت أجهزة الدولة أن وضعت يدها على التيس وصادرته، لتشريحه، ومعرفة حقيقة الأمر.

لكن تيـــس الشاعر أحمد مطر يختلف عن تيس الملكة وتيس البوكمال فقد قال  فيه :

“ﻛﺎﻥ ﺗﻴﺴﺎً ﻣﻨﺬُ ﺃﻳﺎﻡِ ﺍﻟﺪﺭﺍﺳﺔْ

ﻛﺎﻥ ﺗﻠﻤﻴﺬﺍً ﻏﺒﻴﺎً ﻓﻲ ﻋﻠﻮﻡِ ﺍﻟﺒﺤﺚ ِﻟﻜﻦ

ﻓﻲ ﻋﻠﻮﻡِ ﺍﻟﺨُﺒْﺚِ ﺑﺤﺮٌ ﻣﻦ ﻧﺠﺎﺳﺔ

نعول الى تيس الملكة اليزبيث والتي كانت جنازتها فخمة كما يقولون وشارك فيها الكثير من الزعماء، والسؤال الذي اود طرحه الان بعد موت الملكة ماذا سيحل به، هل يحال الى التقاعد ام الى المسلخ، ام يجدد له اللقب ويصبح تيس الملك تشارز الثالث.

لا يهم، المهم ان التيس المبجل يحمل جواز سفر دبلوماسي في الوقت الذي يحرق الكثير من المواطنين في الدول العربية جوازات سفرهم ويهربون عبر البحر في رحلة الموت من اجل الحصول على اللجواء والعيش بصورة كريمة.