الرئيسية / منوعات / “فسيفساء الرستن” كنز أثري وأساطير رومانية

“فسيفساء الرستن” كنز أثري وأساطير رومانية

الرمثانت – أزيح النقاب مؤخرا في مدينة الرستن بمحافظة حمص، وسط سوريا، عن لوحة فسيفساء مساحتها الأولية 120 متراً مربعاً، قد تزيد مع الأيام بعد الكشف عن امتدادات لها في مواقع مجاورة.

وتعتبر هذه اللوحة التي تعود للفترة الرومانية، وتحديداً إلى القرن الرابع الميلادي، الأهم على مستوى العالم، ووصفها علماء الآثار بـ”المذهلة ولا مثيل لها”.

اللوحة التي اكتشفها آثاريون سوريون في أرضية منزل سكني قديم تظهر تصويراً نادراً لمحاربي الأمازون في الأساطير الرومانية.

كما تتضمن مشاهد من حرب طروادة، وكما يقول الدكتور همام سعد مدير التنقيب والدراسات الأثرية في المديرية العامة للآثار والمتاحف في تصريحات إعلامية، إن هذه اللوحة مهمة من الناحية الفنية والأثرية، وقد تكون استثنائية ونادرة على مستوى العالم، كونها الأكمل التي تروي قصة حرب الأمازونيات.

وعن تفاصيلها، يوضح أنها غنية بالمشاهد، حيث نجد في المشهد المركزي تمثيلاً لـ”أخيل” لحظة مقتل “بنثيسيليا” التي وقع في حبّها.

وهناك تمثيل لـ”هرقل” الذي أنهى حياة ملكة الأمازونيات “هيبوليتا” واستحوذ منها على الحزام السحري، في واحدة من مهامه الاثنتي عشرة.

وثمة إطار آخر للمحاربات الأمازونيات في أرض المعركة مع الطرواديين ضدّ اليونانيين، وقد دُوّنت أسماؤهم بدقّة، ويظهر في اللوحة جنود يحملون أسلحة ودروعاً، وهم في وضعية قتال كما لو أنهم في ساحة حرب.

وتضمّ الفسيفساء كذلك كتابات باليونانية، وتصوّر أيضاً إله البحر الروماني القديم “نبتون” وأربعين من عشيقاته.

“اللوحة التي يتجاوز عمرها 1600 عام ليست الأقدم بين اللوحات السورية، لكنّها الأكثر اكتمالاً والأندر”، بحسب سعد الذي يبين أنّه “ليست لدينا لوحة مشابهة.. الجزء المكتشف حتى الآن بطول عشرين متراً وعرض ستة أمتار، وثمّة أجزاء أخرى لم يُكشف النقاب عنها بعد”.

عملية التنقيب تمت بالتعاون بين مديرية الآثار والمتاحف السورية ومتحف “نابو” اللبناني، والأخير يسعى لشراء مبانٍ أخرى في الرستن المليئة بالمواقع التراثية والتحف التي تنتظر من يكتشفها.

ويؤكد وزير الخارجية والمغتربين السوري فيصل المقداد أن الاكتشاف الأثري الحالي المهم على مستوى المنطقة والعالم دليل إضافي على دور سورية التاريخي كمركز إشعاع حضاري وثقافي وعلى ما تختزنه من موروث حضاري للبشرية جمعاء.

كما يشير العديد من المطلعين على أن تلك اللوحة مكتشفة منذ بداية الثمانينات بدليل وصف محتوياتها في كتاب “المشاهد الأسطورية في الفسيفساء السورية خلال العصر الروماني”، الذي نشرته المديرية العامة للآثار والمتاحف العام الماضي.

وازداد الجدل حول المكتشف الأثري الحديث عندما قال أحد الآثاريين بأن مديرية الآثار مخطئة في نسب اللوحة إلى العصر الروماني، إذ إنها تعود للعصر الهيليني، خاصةً أن “مادة اللوحة تتحدث عن انتصارات اليونانيين على شعوب شرقي المتوسط وهزيمة أتباع معبد داجون الموحدين للإله عليون (إيل) أمام قوات الإغريق التي نشرت ثقافة الآلهة الاثني عشر ومقرهم جبل أولمب”!

وهناك من يقول إن النسب الهيليني هو ما دفع الدكتور فداء غسان جديد، مؤسس متحف نابو مع رفيقه جواد عدرا، لشراء منزلي اللوحة الفسيفسائية بالرستن والتنازل عن ملكيتهما لصالح المديرية العامة للآثار والمتاحف، والخوف الذي لفت إليه الكثيرون هو النية باستملاك المنازل المحيطة باللوحة، لاسيما بعد تحديد 9 مواقع أثرية سيتم التنقيب فيها، ويعمل حالياً على تحديد القيم المالية للمباني المراد إزالتها.