الرئيسية / فلسطين / لماذا تفشل عمليات الاغتيال في إنهاء فكرة المقاومة بالضفة؟

لماذا تفشل عمليات الاغتيال في إنهاء فكرة المقاومة بالضفة؟

الرمثانت
يسعى الاحتلال الإسرائيلي باستمرار على مدار تاريخ القضية الفلسطينية إلى تصفية رموز المقاومة في الأراضي المحتلة، لكن مجريات الأحداث والاغتيالات المستمرة لقادة المقاومة، تثبت أن أدوات المقاومة بكافة أشكالها لم تتوقف بل تطورت وزادت ضد الاحتلال.

ومن خلال عمل أمني وعسكري مركز، يستمر الاحتلال وعبر أذرعه المختلفة هذه الأيام في تصفية المقاومين في الضفة وخاصة الناشطين في مجموعة “عرين الأسود” التي تعمل في نابلس ضد الاحتلال وأيضا “كتيبة جنين”، حيث تمكن حتى الآن من قتل العديد من المقاومين، خلال عمليات عسكرية، كان آخرهم 5 من قادة وعناصر “عرين الأسود”.

تأييد شعبي كبير للمقاومة

اللافت في مجريات الأحداث وفق متابعة “عربي21″؛ حالة الالتفاف والتأييد الجماهيري الكبير لما تقوم به هذه المجموعات المقاومة التي تعمل ضد الاحتلال وفي أغلبها بشكل منفصل عن التنظيمات الفلسطينية؛ وهو ما يمكن لمسه في وسائل التواصل الاجتماعي وأيضا واقعا على الأرض.

كما يزداد غضب الشارع الفلسطيني بعد كل عملية اغتيال ينفذها جيش الاحتلال ضد نشطاء المقاومة في الضفة الغربية، ويظهر هذا جليا في مشاركة جماهير واسعة في تشييع الشهداء.

وعن موقف الفصائل من استهداف المقاومين في الضفة الغربية ومحاولة الاحتلال القضاء على المقاومة هناك، أكد عضو المكتب السياسي لحركة حماس، سهيل الهندي، أن “الاحتلال يحاول تصفية رموز المقاومة في الضفة وخصوصا في نابلس وجنين، من أجل منع العمليات ضده، ولكننا تعودنا، أنه كلما نزفت دماء كلما تمرد شعبنا وثار على هذا الاحتلال”.

وأوضح في تصريح خاص لـ”عربي21″، أن “الدماء النازفة ترسم خارطة للوطن ولسياسة المقاومين في الاستمرار، وهذه الدماء ما هي إلا عنوانا على قوة وانتشار الثورة”، منهبا أن “هذه رسالة المقاومة للاحتلال؛ أنه لا يمكن بأي حال من الأحوال التراجع عن مسيرة التحرير وطرد الاحتلال من أرضنا”.

وقال الهندي: “نحن على يقين، أن هذه الثورة وانتشارها، ستكون أكبر قوة خلال الأيام القادمة، خصوصا إذا ما انضمت مدن أخرى مثل الخليل وغيرها، وبالتالي ستكون هناك ثورة عارمة في الضفة الغربية المحتلة”.

وعن المطلوب من أجل الحفاظ على المقاومة في الضفة الغربية، نبه القيادي الفلسطيني على أهمية “دعم الفصائل الفلسطينية للمقاومة في الضفة بكل ما تملك؛ بالمال والسلاح وتوفير حاضنة شعبية؛ وهذه جاهزة”، مشددا على أهمية “وقف السلطة للتنسيق الأمني مع الاحتلال، وهذا هو الموضوع الأخطر”.

فكرة المقاومة لا تموت

وطالب السلطة الفلسطينية بـ”حماية المقاومة والمقاومين، وقضيتنا تعاني اليوم كثيرا ونحن جربنا كافة الحلول السلمية ولم نحصل في النهاية إلا صفر كبير جدا، وبالتالي لا بد من منح المقاومة الفرصة، لأنها عندما تقول تفعلن وتستطيع أن تؤلم هذا العدو”، معتبرا أن “التنسيق الأمني مع الاحتلال خطيئة كبيرة جدا”.

أما أستاذ الإعلام في جامعة بيرزيت بالضفة الغربية، نشأت الأقطش، فقد أكد أنه “لا توجد طريقة لإضعاف المقاومة إلا وسلكها الاحتلال، ومنذ 1917 يوجد حوالي 19 انتفاضة وهبة شعبية وثورة، وبالتالي لا يمكن القضاء على المقاومة بالقضاء على “عرين الأسود” أو على “حماس” أو غيرها من التنظيمات الفلسطينية”.

وأوضح في حديثه لـ”عربي21″، أن “المقاومة الفلسطينية عمرها منذ 1917، ولا يوجد إجراءات يمكن أن توقفها، فهذه إرادة وقرار شعب؛ عفوي أحيانا ومنظم أخرى، لكنه غير متربط بقوة أو ضعف الفلسطينيين، وإنما مترابط بإيمان الشعب بحقوقه، وهذا هو المزعج للاحتلال الذي حاول بكل الطرق أن يبعد شعبنا عن إيمانه بفلسطين لكنه لم يستطع”.

ورأى الأقطش، أن “ما يقوم به الاحتلال محاولة يائسة، لأن المقاومة في غزة وجنين ونابلس ومختلف المدن الفلسطينية”، موضحا أن “ما يجري اليوم هو لعبة انتخابات؛ حيث يقدم الدم الفلسطيني قربان للناخب اليهودي المتعطش للدماء، وهذا أخطر شيء”.

ونبه إلى أن “الاحتلال يعتمد على عملائه ومعاوينه في السيطرة والتحكم بالفلسطينيين، والأنظمة العربية التي تكبل يد الفلسطينيين لعبت هذا الدور، وإسرائيل تمارس ما تريد”، مضيفا: “لو تركت إسرائيل دون العون الذي يقدم لها مع الفلسطينيين وحدهم لما استطاعت أن تصمد دقيقة واحدة”.

وذكر استاذ الاعلام، أن “عرين الأسود” كنموذج للمقاومة الفلسطينية، هي “فكرة، والفكرة لا يمكن لها أن تموت حتى لو تم القضاء على أصحابها”، منوها أن “العمليات الفردية غير المنظمة مستمرة منذ عام 2015، وهذه المبادرات الفردية لم تجد قيادات جديرة تقودهم، فقرر أصحابها أخذ زمام المبادرة، وهذا يكفي وحدة لإيصال رسالة؛ أنه لا يمكن لقوة تحت السماء أن تقضي على فكرة المقاومة؛ لا في فلسطين ولا غيرها”.

مسلسل العصا والجزرة

من جانبه، أوضح المختص في الشأن الفلسطيني والإسرائيلي مأمون أبو عامر، أن “لدى الاحتلال تقديرات أن عملية اغتيال المقاومين ستؤدي إلى إرباكهم ووضعهم في حالة دفاع عن النفس في المرحلة الأولى، تمهيدا لعملية الهجوم عليهم والانقضاض عليهم وتصفيتهم، أو أن يختاروا عرض السلطة بتسليم أسلحتهم مقابل العفو عنهم”.

وذكر في حديثه لـ”عربي21″، أنه “بعد رفض “عرين الأسود” عرض السلطة، قرر الاحتلال تصفيتهم جسديا، وما حدث في نابلس (قتل الاحتلال لخمسة مقاومين فجر الثلاثاء الماضي) هو جزء من مسلسل العصا والجزرة الذي يسعى الاحتلال لتطبيقه على الأرض؛ أما التسليم أو الموت”.

ونوه أبو عامر، إلى أن “لدى الاحتلال القدرة على تصفية أي تنظيم جسديا، في ظل الإمكانيات المتوفرة له، أو الحد من فاعليتها المباشرة، وظاهرة “عرين الأسود”؛ هي تعبير عن ظاهرة من ظواهر المقاومة التي تتعزز يوما بعد يوم، لذلك لن ينجح الاحتلال في القضاء على المقاومة”.

ولفت إلى أن “مشكلة الاحتلال؛ أن أسباب ومبررات بروز هذه الظاهرة للمقاومة ومثلها “كتيبة جنين”، تتعزز يوما بعد يوم، وعلى رأس هذه الأسباب فشل ما يسمى مسيرة السلام بعد 30 عاما من المفاوضات، حيث أضحت فكرة الدولة الفلسطينية بعيدة المنال علاوة على تصاعد الاستيطان في ظل الهدوء الذي جاء بعد اتفاق تسليم المقاومين سلاحهم عام 2007، وفي ظل اليأس من السلطة  كونها لا تعبر عن طموحات الشباب الفلسطيني خاصة في ظل انغلاق الأفق السياسي واستحالة إجراء انتخابات ديموقراطية يمكن للشاب أن يجد فيها بوابة أمل لطموحاتهم السياسية”.

وأكد المختص، أن “المقاومة الفلسطينية ومنذ عام 2017 تتصاعد في الضفة الغربية عاما بعد عام، خاصة في ظل تواصل مبرراتها وتصاعد الجرائم التي يرتكبها الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني ومقدساته، وهو ما يرجح أن فكرة وظاهرة “عرين الأسود” و”كتيبة جنين” ستبقى قائمة ومستمر

وأضاف: “من يلاحظ حجم المشاركة الشعبية في جنازات الشهداء، يدرك بأن هذه الحالة تجذرت شعبيا وتحول أبطالها إلى رموز وأيقونات وطنية  في أعين الجيل الجديد، وهو ما يجعل وسيلة القتل والتصفية الجسدية للمقاومين من قبل الاحتلال محدودة الأثر”.