الرئيسية / كتاب الموقع / الفرق بين ما يقرأ ويرى

الفرق بين ما يقرأ ويرى

حسين محمد البشابشة

إن من اسوء الفخاخ التي يقع فيها المتصفح للتاريخ الإسلامي، ومن أبرز التناقضات التي تبدو لمن يقرأ في كتابات علماء الإسلام متقدمين كانوا او متأخرين الذين يتفاخرون بل ويشتعلون حماسة وسعادة بنعمة الدين الإسلامي على هذه الأمة هو أن يرى التعارض بين ما يقرأ وما يرى، وما يفهمه بعقله وما يبصره بعينه ولك في هذا الباب كثير الأمثلة وعديد النماذج فحيث انه يسيء الحكم على النصوص استنادا على أفعال من تلقوها لا على النص نفسه.

فإن الإنبهار بالثقافة الغربية وما حققته من إنجازات لا يمكن إنكارها وليس لعاقل ان لا يثني عليها في مختلف مجالات الحياة المادية لم يعد سرا،والحق يقال أن ما هو مبهر للإنسان ان يبهر به، ولكن المشكلة الرئيسية التي تظهر متجذرة في أقوال وأفعال من يتبعون الثقافة الغربية ويرونها مثلا أعلى في جميع أفعالها، سواءا كانوا من العلمانيين او الملحدين او حتى من المسلمين الذين يملكون في أنفسهم شيئا من الإزدراء للدين نظرا لواقع الأمة، هي في الواقع افتقارهم لأحد أساسات النقد والبحث العلمي الا وأنهم لا يفرقون بين الفكرة والواقع ولا يأخذون الثقافة العلمية الأخلاقية والمنجزات على حد سواء، بل يطمسون عيونهم بحاجز الإندهاش وحب التقليد.

والعاقل هنا من عرف ان الحضارة لا تحقق إلا بموروث ثقافي أخلاقي يسير جنبا إلى جنب مع الموروث المادي العلمي، وبالتالي فإن الأجدر بنا ان ندرك ان القدوة لا تكون في مجتمع مليء بناطحات السحاب، واسفل منها الالاف الأطفال الغير شرعيين والأباء المهجورين من أبنائهم ويحدث تحتها يوميا من الجرائم ما لا يعد ولا يحصى.

إن إنكار إنجازات الغرب جملة وتفصيلا ضرب من الجنون، بل وهو من الغباء بمكان وليس هو في الأصل ما يدعو إليه ديننا او موروثنا الحضاري، إن الأصل ان نفرق بين الفكرة والواقع والأساس والبناء، فنستعين في بناء واقعنا بكل ما يمكن الإستفادة منه كان مصدره من ما عرفنا بأنفسنا او ما اكتشفه غيرنا، ولكن نحذر ان نمس الأساس الثابت والمبادئ الراسخة التي هي أجدر بالحفاظ عليها، من التضحية بها من أجل الإرتقاء المادي.

هذا والله اعلم، والله من وراء القصد.