الرئيسية / كتاب الموقع / نحو ثقافة شجرية مثمرة

نحو ثقافة شجرية مثمرة

سارة طالب السهيل

الحاجة هي أم الاختراع هذا الاثر الانجليزي، يدعونا الى التعامل مع واقعنا وتحدياته بعقل لابتكار حلول علمية لمشكلاتنا، ومنها أزمة شبح الجوع الذي يواجه شعوب العالم اليوم، ويدفعنا إلى تغيير ثقافتنا الاستهلاكية إلى ثقافة مفيدة وعملية كاستبدال أشجار الزينة في الشوراع بأشجار مثمرة.

وقد أثبت العلم أن أشجار الزينة بالشوراع لا تسمن ولا تغني من جوع، وأنها تستهلك الكثير من الماء، بينما الاشجار المثمرة أكثر فائدة للإنسان والحيوان والطير، فهي تحافظ على التنوع البيولوجي، حيث تعيش فيها الكثير من أنواع الطيور وتتغذى منها، وتقاوم الجفاف والملوحة.

كما أنه و في ظل الارتفاع الجنوني للاسعار بالعالم، بات شراء الفاكهة للفقراء أمرًا صعبا، لذلك بتنا في أشد الحاجة لتغيير ثقافتنا الشجرية باستبدال اشجار الزينة، بأشجار مثمرة فهي أيضا تحقق البعد الجمالي والإيماني معا. فقد حث نبينا المصطفى صلى الله عليه وسلم على الزرع والغرس، في حديثه «مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَغْرِسُ غَرْسًا أَوْ يَزْرَعُ زَرْعًا، فَيَأْكُلُ مِنْهُ طَيْرٌ أَوْ إِنْسَانٌ أَوْ بَهِيمَةٌ، إِلاَّ كَانَ لَهُ بِهِ صَدَقَةٌ»، تخيل لو ان كل واحد منا زرع شجرة مثمرة بنية الصدقة الجارية ونفع الناس، فكيف سيكون شكل الشوراع من الجمال والبهاء والخير العميم للانسان والطير والحيوان؟!

فالأشجار المثمرة تمد الإنسان والحيوان بالثمار المليئة بالعناصر الغذائية الضرورية، وهي جزء أصيل من دورة حياة بعض الحيوانات، وتشع بالجمال وتسعدنا برائحتها الذكية، ويمكن للمارة الاستفادة من ثمارها وقطفها كصدقه لكل محتاج، بل إن مجرد قطف ثمرة يجلب السعادة ويعلم الاطفال حب النبات وعشق الطبيعية والحفاظ عليها، كما أننا نربى أجيالا على الجمال وحل مشاكلهم النفسية من العنف والتنمر وغيرها.

زراعة الاشجار المثمرة لا يحتاج إلى أموال طائلة، بل يحتاج الى قرار من المسؤولين فقط في بلادنا ليصبح قيد التنفيذ، علماً بأن هناك العديد من الاشجار المثمرة التي يمكن زراعتها بالشوراع وامام المنازل و المحال التجارية مثل أشجار الموالح وهي اشجار موفرة للمياه تتحمل العطش وملوحة التربة.

فشجرتا الليمون والبرتقال تقاومان الامراض ولهما مظهر جمالي ورائحة عطرة، والتمتع بنظام الحماية الذاتي من خلال الشوك الذي يحافظ على استدامة الإنتاج بما يحقق العوائد الاقتصادية من ورائه على المدى الطويل مثل إنتاج حمض السيتريك الذي يستخلص منه فيتامين «سي»، الذي يدخل في صناعة الأدوية والمستحضرات الطبية والتجميلية.

وكذلك شجرة الرمان فثمارها الشهية تعالج الكثير من الأمراض، بجانب اشجار التين والتوت والزيتون بفوائدها الغذائية و شجرة السنط المنتجة للأخشاب وأفضل أنواع العسل.

في تصوري أن العمل على زيادة الغطاء النباتي بالاشجار المثمرة يجب ان تكون مسؤوليتنا جميعا حكومات ومؤسسات وأفرادا باعتبارها قضية حياة او موت، فالشجرة الواحدة تنقي الماء والهواء، وتمتص الشجرة حوالي 20Kg غبار سنويا وَ تبتلع 80Kg من ترسبات المعادن السامة، وتطهر حوالي 100 ألف متر مكعب هواء ملوث بالسنة. وتنتج 700Kg أكسجين، وتستوعب 20 طن ثاني أكسيد الكربون. وتخفض درجة حرارة الجو صيفا حتى 4 درجات.

فلنحيي ثقافة غرس الأشجار المثمرة لنفع الناس ولتذوق الجمال وكسبا للثواب والآجر من الله تعال.

إذن فلنبدأ حكومة وشعبا جماعة وأفرادا بتطبيق هذا الأمر فعلا وليس قولا و كل يبدأ من أمام بيته.