الرئيسية / من هنا و هناك / تقرير يكشف تحديات تغيب أدوية في القطاع الصحي العام

تقرير يكشف تحديات تغيب أدوية في القطاع الصحي العام

الرمثانت- كشف تقرير “الحق في الصحة”، انه عندما يتعلق الأمر بالإمدادات الصيدلانية في القطاع الصحي العام، يبدأ إجراء إعادة التخزين، بتحديد الحاجة لإعادة التخزين وينتهي بتوزيعها على المريض.

وأشار التقرير الذي اعده مرصد الحماية الاجتماعية، وأطلقه في ندوة “إشكالية أدوية الأمراض المزمنة في القطاع الصحي العام”، إلى انه وعقب اللائحة الداخلية للمشتريات للعام 2019، وحدت أنظمة الشراء، ودمجت إدارة المشتريات المشتركة للمستلزمات الطبية وإدارة التوريدات العامة في إدارة المشتريات الحكومية، ليؤكد التقرير انه “لا توجد إجراءات موحدة تنظم معايير وإجراءات طلب شراء الأدوية”.

وبين التقرير، ان الإجراء الحالي يبدأ بتقديم المستشفيات والمراكز الصحية، طلبًا لمديريات الصحة لكمية معينة من الأدوية، ثم يجري تقديم هذه الطلبات من مديريات الصحة للوزارة المختصة.

ولفت الى ان وزارة الصحة تجمع هذه الطلبات وترفعها للجان مختصة لطلب الأدوية، تقوم بدورها بتقدير وتحديد الكميات وفقًا للطلبات، وعادةً يجري تضمين 10 إلى 20 % إضافية من المبلغ المطلوب لضمان التحضير في حالة الطوارئ، أو للمرضى الجدد الذين لم يُؤخذوا في الاعتبار عبر التطبيقات الأصلية.

وقال التقرير، إنه بعد ان تتوصل اللجان المختصة لتوصية بشأن الأدوية التي ستصرف، تقدم الطلبات بالكميات النهائية لمديرية المشتريات والتزويد، بعدها ترفعها مديرية المشتريات والتزويد إلى مديرية المشتريات الحكومية، التي تواصل مباشرة وتجري اتفاقيات مع الموردين الذين لم يكونوا حتى هذه اللحظة جزءًا من العملية.

وبحسب وزارة الصحة، فإن عدم توافر أنواع من الأدوية، يرجع أحيانا لمشاكل في التزويد، مثل تأخر المقاولين (مستودعات الأدوية في القطاع الخاص) بتوفير الأدوية لتأخرهم بسداد مستحقاتهم المالية للمصنعين.

كما ويرجع أيضا لتأخر وزارة المالية بدفع مستحقات المقاولين (مستودعات الأدوية في القطاع الخاص) أو الموافقة على الموازنة، ما يؤدي لتأخير التزويد، وعزوف اشتراك الموردين (المقاولين) في المناقصات.
وهناك مشكلة أخرى تتسبب بها مديرية المشتريات الحكومية، والتي قد تعتمد على البيانات التي لا تعكس حالة المستشفيات في المناطق البعيدة واحتياجاتها، بحيث أشار أشخاص لوجود تحديات بتتبع البيانات المتعلقة بمخزون أدوية المستشفيات ومراكز الرعاية الصحية.

وتكمن إحدى المشكلات وفقا للتقرير، في حقيقة أن الصيادلة قد يهملون أحيانًا بتتبع مخزون الأدوية بدقة، إذ إنه من الصعب إعادة تخزين الأدوية بشكل مناسب من دون فهم واضح لمقدار المتاح منها في مرافق وزارة الصحة، والمرافق المتوافرة أو غير المتوافرة فيها، وفق التقرير.

وفي العام الماضي، حولت وزارة المالية 13 مليون دينار لمستشفيات وزارة الصحة والمستشفيات الجامعية، التي التزمت بدورها باستخدام الأموال لدفع المبالغ المستحقة عليها لشركات الأدوية مقابل المستلزمات الطبية.

كما سددت وزارة المالية ديونا بـ50 مليون دينار لشركات الأدوية والمستودعات في الربع الأول من العام الماضي، وقال الصيدلاني الدكتور زيد الكيلاني إن مديونية قطاع الأدوية للحكومة بلغت نحو 160 مليون دينار.

وأضاف الكيلاني في تصريحات صحفية، أن شركات الأدوية ليس لديها سيولة مالية عالية، ما يهدد قدرتها في تلبية احتياجات القطاع الصحي من الأدوية والمستلزمات الطبية.

ولفت التقرير الى ان الأدوية التي يرجح نقصها في المرافق الطبية التي تديرها وزارة الصحة، غالبا ما تكون هي الأدوية التي لديها مورد واحد، والأدوية غير المسجلة لدى المؤسسة العامة للغذاء والدواء التي تتطلب إذن استيراد خاص، وأدوية أمراض الدم، أي الأدوية المرتبطة بالأمراض الوراثية ومشاكل الكلى ومثبطات المناعة، ويجري استيراد معظم الأدوية من الخارج.

وأشار الى أن الطلب على أدوية الأمراض المزمنة كبير، فنسبة كبيرة من السكان، يعانون من أمراض مزمنة، فحسب آخر الأرقام الصادرة عن المركز الوطني للسكري والغدد الصماء والوراثة (NCDEG)، هناك 2 مليون مواطن، يعانون من مرض السكري، و2 مليون يعانون من ارتفاع ضغط الدم.

وغالبا، يمكن استمرار نقص توافر الأدوية في المؤسسات والمراكز الصحية التابعة لوزارة الصحة لمدة تصل بين 20 الى 25 يومًا في كل مرة، ما يدفع المرضى لشراء الأدوية على نفقتهم الخاصة.

وقال التقرير “تعتبر أشهر الشتاء صعبة بشكل خاص، بحيث يؤدي الطقس البارد لإصابة الناس بالعديد من الأمراض، كما أن مستشفيات وزارة الصحة ومراكز الرعاية الصحية الأولية في المناطق البعيدة عن العاصمة، معرضة بشكل خاص لنقص الأدوية.
ويكمن أحد جوانب هذه المشكلة، وفقا للتقرير، بأن بعض الأدوية لا يمكن وصفها إلا من المتخصصين، ما يعني بأن الأطباء العامين مقيدون بما يمكنهم وصفه، وإذا ربط هذا مع احتمالية أن تعاني مستشفيات وزارة الصحة خارج العاصمة من نقص الموظفين، فإنه يرجح أن يكون عدد المتخصصين فيها أقل من المستشفيات الموجودة في المناطق الحضرية المكتظة بالسكان مثل العاصمة.
ويؤكد التقرير، ان نقص الأدوية له تأثير سلبي على المرضى، وسيتمكن المرضى القادرون على تأمين الأدوية التي يحتاجونها عبر قنوات وزارة الصحة أحيانا للجوء إلى القطاع الخاص وشراء أدويتهم على نفقتهم الخاصة، لكن العديد من المرضى لا يمكنهم الحصول على أدويتهم دون دعم وزارة الصحة.

ولفت الى انه في هذه الحالة، قد يلجأ المرضى إلى آليات التأقلم السلبية، مثل إيقاف أدويتهم أو تقليل جرعاتهم دون استشارة أطبائهم لتوفير المال، موضحا انه أحيانا، تكون بدائل الدواء إما غير متوفرة أو غير فعالة، بالإضافة لذلك، يؤدي نقص الأدوية لإطالة فترات انتظار المرضى، وقد يتطلب الأمر، مزيد من زيارات المستشفى و/ أو الصيدلية.

ويؤثر نقص الأدوية أيضًا على الأطباء والصيادلة الذين يواجهون أعباء عمل متزايدة، ويتدخلون في حرية العاملين الصحيين بتقديم الرعاية أو العلاج الذي يعتقدون بأنه الأفضل للمريض، ويزيد من الإحباط داخل مكان العمل.

ويشرح التقرير، انه يمكن ربط نقص الأدوية في القطاع الصحي العام، لتأخير الحكومة بتسديد التزاماتها المالية، لموردي الأدوية من المقاولين (مستودعات القطاع الخاص)، غالبًا ما يتأخر موردو الأدوية لوزارة الصحة في الشحن والتوزيع، ويؤدي ذلك لعدم ايفائهم بالتزاماتهم التعاقدية بشأن مواعيد التسليم، ما يؤدي لحصول الموردين على مدفوعاتهم متأخرة.

وقال التقرير، ان هذا يؤدي لنقص سيولة لدى المقاولين (مستودعات الأدوية للقطاع الخاص)، وبالتالي نقص توافر الأدوية بالكميات الكبيرة التي تطلبها وزارة الصحة، علاوة على ذلك، لا يوجد حاليًا نظام للتسجيل والإبلاغ المنتظم عن متأخرات السداد.
وقال التقرير “أحيانا يحدث مصدر نقص الأدوية عند نقطة التوريد، لا يوجد حاليًا نظام تحذير متقدم داخل سلسلة توريد الأدوية، ولا توجد آلية مؤسسية حول التخطيط للنقص المحتمل. يعتبر الباحثون أن هذا يسهم بشكل كبير في نقص الأدوية”.

وبين انه يمكن أن تلعب العوامل البشرية، كنقص الوعي الصحي لدى المرضى وعدم وجود إرشادات للممارسات الجيدة للعاملين في الرعاية الصحية، دورًا بتفاقم نقص الأدوية، لافتا الى انه قد يفتقر العاملون في الرعاية الصحية للمعرفة حول بدائل الأدوية وكتيب الوصفات، وهي مشكلة تزداد سوءًا لعدم وجود إرشادات العلاج.

وأشار إلى أن سوء إدارة المخزون يؤدي أحيانًا لتراكم الأدوية في مستودعات وزارة الصحة، ما قد يؤدي لانتهاء صلاحية الأدوية في وحدات التخزين، ويؤدي الإخفاق في إجراء فحوصات جرد روتينية للأدوية لتحديد الكميات الزائدة أو القريبة من انتهاء الصلاحية، لاستخدامها وتوزيعها على الأماكن التي يوجد بها نقص وهدر.

علاوة على ذلك، يمكن أن يؤدي سوء إدارة المخزون أيضًا لنفاد الكميات بشكل غير متوقع، ما يجبر مستشفيات وزارة الصحة على شراء الأدوية، بأسعار أعلى لتجنب انقطاعها، ما يؤدي لزيادة نفقات الرعاية الصحية، وهذا يؤدي لعدم اعتماد معايير الاقتصاد الصيدلاني، لاتخاذ قرارات مبنية على الأدلة عند اختيار الأدوية في قائمة الأدوية، إلى توسع غير مبرر في قائمة الأدوية المدرجة في المناقصات الرسمية.

وفي هذه الحالة، يجب مراجعة القائمة دوريا، ومراقبة التزام مؤسسات القطاع العام بالقائمة كمرجع عند تقديم العطاءات الحكومية للأدوية.

ومن أحد جوانب سوء إدارة مخزون الأدوية، وفق التقرير، سوء تخصيص الإمدادات لمستودعات المناطق والمحافظات، بكميات لا تعكس الاحتياجات الحقيقية في تلك المجتمعات، مشيرا الى ان هذا يعكس ممارسات الطلب السيئة، وممارسات الاتصال والتواصل الضعيفة بين المستودعات المركزية لوزارة الصحة والفرعية في المناطق والمستشفيات، وفق التقرير.
“الغد”