الرئيسية / كتاب الموقع / الفروة، البقدلية والشالة

الفروة، البقدلية والشالة

 
 

الدكتور سعيد البشير الشقرآن
 من التراث
*الفروة، البقدلية والشالة*
لقد كان من لباس الرجال في الرمثا في أيام الشتاء، وخاصةً في الأيام شديدة البرودة، الفروة. والفروة تأتي على ثلاثة أنواع، ويكون اقتناء إحداها وفقاً للحالة الاجتماعية والمادية (المالية) للرجل:
*النوع الأول* : الفروة العادية ذات الاكمام (الردان) القصيرة نوعاً ما، وهي تشبه الفروات اللواتي يرتديها البعض هذه الأيام، ولكنها مصنوعةً من جلود الغنم وخاصةً الخراف صغيرة السن، حيث يكون صوفها قصير التيلة ناعم الملمس. وتُقبَّب أيْ تُلبَّس عند الخياطات الماهرات بقماشٍ اسود يسمى ( *الكلمنظو* )، وكان يخاط من هذا القماش أيضاً سراويل الرجال، وهو افخر أنواع القماش لهذا الغرض. وبعض الرجال ممن تكون حالتهم المادية جيدة يُقببونَ الفروة بنوعٍ من الجوخ الخاص، وذلك لإضفاء مهابةً أكبر عليها.
والذين يلبسون هذا النوع من الفروات هم من ذوي الحالات المادية المتوسطة أو الاعمار المتوسطة.
*النوع الثاني* : ( *البقْدليّة* )، وهي أيضاً فروة يكون حجمها أكبر من حجم الفروة العادية السالف ذكرها، ولكنها مصنوعة من جلود الخراف الصغيرة السن والتي لا تزيد أعمارها عن خمسة شهور وتُسمى الوردية، وهذه الجلود تتميز بقصر تيلة صوفها ونعومته الحريرية. ترسل هذه الجلود بعد رش الملح عليها وتجفيفها تحت الشمس للحفاظ عليها من التعفن والفساد، إلى الفرواتي، والفرواتي هو صانع ماهر يتعامل مع هذه الجلود بكل مهنية، حتى تصبح ناعمة وليّنة كالمخمل.
عندها يبدأ الفرواتي بخياطتها مع بعضها البعض بتقنية عالية.
وبعد ذلك يقوم هذا الفرواتي بتفصيل الفروة من الجلود المخاطة مع بعضها البعض وفق مقاس صاحبها. ويأخذ هذا العمل المتقن من الفرواتي جهداً ووقتاً كبيرين قد يستغرق اسابيع.
والجدير بالذكر أنه كان في الرمثا مجموعة من الفرواتية ( *صانعي الفراء* )، وكلهم من القطر السوري الشقيق، اذكر منهم على سبيل المثال ابو فوزي الفرواتي، وهو من مدينة دمشق. وكان اخرهم من مدينة حماة، حيث كان مقرهم في محلات المرحوم محمد الفواز خلف محلات الشيخ حسين. ولكن للأسف فإن الفراء الصناعي قد قضى على هذه المهنة.
اما بالنسبة لصنع البقدلية، فبعد أن يقوم الفرواتي بتفصيلها وخياطتها، تُرسل إلى امهر الخياطات في الرمثا (جواهر) لتقبيبها. وتُقبَّب البقدلية بقماش خاص من الجوخ، إما الاحمر او الاخضر او الازرق السماوي، وذلك وفقاً لذوق صاحبها. وأحيانا تُقبَّب بقماش الكلمنظو كما اسلفنا.
وتتميز البقدلية بحجمها الكبير وبأكمامها (اردانها) الطويلة التي يتراوح طول الكم من 70 سم إلى 80 سم، وبعضها يكاد يطاول الأرض، حيث يتباهى لابس البقدلية بهذه الاكمام الطويلة حين يمشي بها متبختراً. وتُزيّن البقدلية بأشرطة زاهية من الأمام والخلف والاكمام.
والذي يرتدي هذا النوع من الفروات هم شيوخ العشائر والوجهاء واصحاب اليسار المادي من كبار السن. إذ انها مُكْلِفةً جداً ولا يستطيخ أي شخص عادي اقتنائها.
وقد ورد ذكر البقدلية في شعر عرار شاعر الأردن في قصيدته المشهورة:
_يا مُدعي عام اللواءِ وخير من فهم القضية_
_ومناط آمال القضاة وحرز إنصاف الرعية_
_ليس الزعامة شرطها لبس الفراء *البقدلية*_
_يفوز عمرو دون بكر بالمقابلة السّنية_
_والعدل يقضي أن تعامل الناس بالسوية_
واذكر من بين الذين كانوا يلبسون البقدلية من الشيوخ والوجهاء والميسوري الحال، وعلى سبيل المثال وبما تسعفني به الذاكرة، الذوات المرحومين:
الشيخ سليمان خالد البشير الشقرآن، الشيخ خلف الحجي الذيابات، الشيخ يوسف الحمد الذيابات، الشيخ فاضل الأحمد العزايزة، الشيخ الحاج رجا الداهود، الشيخ سليمان الدرايسة، الشيخ فلاح الفواز البركات الزعبي، الشيخ ناصر الطلاق الزعبي، الشيخ ابو خالد المخادمة، السيخ كريّم الفياض الخزاعلة، الشيخ حمد الخميس الشرع، الشيخ محمد الحمد الذيابات، الحاج محمود العماري، الحاج ابراهيم السليم السريحين. وهناك اسماء كثيرة لا تسعفني الذاكرة بذكرهم. وأكون ممتناً لمن يعرف المزيد من هذه الأسماء فيثري بها هذا الموضوع.
أما *النوع الثالث* من الفروات هي ( *الابطية* ): وهي فروة صغيرة لا تكاد تغطي وسط الرجل وبدون أكمام، وتُلبس تحت الدامر أو السترة أو الجاكيت، وأحياناً تكون مُقببة وأحياناً غير مُقببة، وهي ملبوس الرجال المتوسطي الحال أو أقل من ذلك.
وهناك ملبوس آخر من ملابس الشتاء لا يعرف الكثير عنه شيءً، وقد اختفى وجودها منذ الستينات من القرن الماضي الا وهي ( *الشالة*) .
والشالة: عبارة عن نصف عباءة مصنوعة من وبر الجمال او من شعر الماعز كان يلبسها الرجال او النساء لإتقاء البرد أو المطر، وهي ملبوس الفقراء.

6 تعليقات

  1. شكرا للاخ الدكتور سعيد المحترم

    اتمنى لك طول العمر والتوفيق لتسعدنا بتلك الذكريات الجميله…… ادر ذكر من اهوى ولو بملام ……

  2. د/معاويه علي الياسين -امريكا

    اشكر الدكتور سعيد على ما يتحفنا به مما تختزنه ذاكرته من تراث الاباء والاجداد والمكان ,وهذا يدل على الجهد المبذول من لدن سعادته لايصال تلك المعلومات والاحداث للاجيال التي ابتعدت قصرا او عمدا عن قراءة تاريخها الحافل بالاحداث والقصص ، شكرا دكتور سعيد وحبذا لو يدون ما تكتب في مجلد تراثي ليكون نبعا يستقي منه الباحثون عن التاريخ والمهتمين بالتراث بكل ما فيه. تحياتي

  3. سعيد البشي الشقران

    شكراً على حسن الرد ، متمنياً لكم كل التوفيق والنجاح ، مع فائق الاحترام

  4. الدكتور سعيد البشير الشقران

    الاستاذ بسام المحترم
    بعد التحية
    اولاً كنت قد كتبت رداً على ما علق به الاخ محمد ابو صباح البارحة ، وليوم تفقدته فلم اجده .
    ثانياً لقد وضعت مقالتي في زاوية ضيقة ، ولم تضعها في زاوية كتاب الرمثا ، مما لم يتح للقراء بالاطلاع عليها ،
    لا ادري لماذ كان ذلك ، هل انّ المقالة لم تعجبك مثلاً ، واذا كانت كذلك كان عليك اخباري ، قبل نشرها وان اقبل اعتذارك عن نشرها
    بنية حسنة . ان المقالات الت اكتبه تأخذ من وقتا. وجهداً كبيرين في جمع المعلومات عن الماضي ، وذلك من اجل ان يطلع عليها الجيل الحالي ،
    وتىثيقاً لهذا التراث . فإذا ركنت مثل هذه المقالات في زاوية ضيقة يصعب الاطلاع عليها فلا فائدة من نشرها . اعتقد انّ المحرر في شبكتم لم لم يقرأ المقالة ،
    بل قرأ العنوان ، وحسب انها خبر او خاطرة ، فلم يهتم بها .
    لذلك فأنا اذا كان الامر كدلك فأنا سأعتذر عن تزويدكم بمقالاتي مستقبلاً ، متمنيا للرمثا نت كل النجاح والازدهار ، والسلام عليكم .
    المحرر
    دكتور نحن نرحب بمقالاتك ونتمنى ان تكون دائما على راس موقعنا ثم المقالة نشرت وكانت على الصفحة الرئيسية وعندما تم تغير مكانها وضعناها في مكان افضل من كتاب الرمثا نت في زاوية اضاءات وهي من الزواية المهمة وهذا دليل على اهتمامنا بمقالتك اما بخصوص ردك على الاخ محمد ابو صباح فهو موجود تحت رد الاخ ابو صباح
    لك من كل الاحترام والتقدير والمحبة

  5. دكتور سعيد الشير الشقران

    اشكرك اخ محد ابو صباح على هذه الاضافة القبمة

  6. محمد ابوصباح ابوحازم

    اشكرك دكتور على هذا الموضوع اللذي اثار مشاعر كل من يعشق الرمثا رحم الله جميع الرجال اللذين بنيت على اكتافهم الرمثا الحبيبه التي تعتز ونفتخر بها اسمح لي ان اضف الى ما ذكرت ….

    الشيخ محمد ابو علي البشابشه الذي كان من اعز اصدقاء الشيخ يوسف الحمد الذيابات رحمهما الله
    الشيخ نواف خليل البشابشه رحمه الله
    الحاج سليم ابراهيم البشابشه رحمه الله
    الشيخ عبدالله الحميدي رحمه الله
    هذا ما يحضرني ممن عاصرتهم رحمهم الله جميعا وجمعنا واياهم واياكم في الفردوس الاعلى من الجنه