الغربة.. صعبة ومرة

 

بسام السلمان

من الذي يدفع اولادنا الى البحث عن هجرة الى بلاد الله الواسعة؟ من الذي يجعلهم يفضلون بلاد لا يعرفون فيها شيئا ويهجرون اهلهم بحثا عن رغيف خبز قد يكون ملوث بالذل والحرمان وفقدان الكثير من المبادئ؟

انها قسوة الحياة وظلم ذوي القربى من مسؤولي البلاد وانه الفساد الذي لم يعد يرحم البلاد ولا حتى العباد.

يقول صديقي الاستاذ مهيار مقابلة” عام 2004 كانت أول سفرة لي مغتربا خارج الأردن، قبل أن تبدأ حلقات السفر والغربة ذهابا وإيابا إلى الوطن والتي طالت نوعا ما وامتدت لعدة دول”.

ويقول” أتذكر وقتها رفض والدي العزيزين لفكرة الغربة، خاصة والدتي عندما طرحت عليهم فكرة تقديمي لوظيفة في دولة قطر. لكن الطموح كان كبيرا، فقمت بعمل إجراءات السفر دون اعلامهم، ولم اخبرهم الا قبل سفري بيومين عندما كانت تذكرة السفر في جيبي. وأتذكر كذلك الدموع ومشاعر الحزن في يوم السفر في أول وداع لأهلي إلى قطر-الدوحة، فقد كان يوما كئيبا بحق”.

ويقول” تذكرت كل ذلك عندما أحضر ابني كرم (الصف الثاني) شنطة سفر قديمة لي، كان يجرها على سبيل الدعابة، ودخل بها علي وانا منهمك بتسجيل علامات طلابي، ثم قال: بدك شي مهيار مقابله (طبعا هذا مزح بيني وبينه برفع التكلفة أحيانا)… ثم أضاف : أنا مسافر.. قلت له: وين مسافر؟ فاجاب : أمريكا.. فجأة أصابني شعور غريب.. مختلط بين الحزن وعودة الذكريات.. حدقت فيه… تخيلت أن المشهد حقيقي وكأني به كبيرا سأودعه في سفره، وتذكرت ايام سفري المتكرر وقسوة مشاهد الوداع… صفنت مع نفسي قليلا، محاورا ذاتي، لكن في داخلي قرار كبير ألا أسمح لأحد من أبنائي بالاغتراب… يا إلهي، تخيلت مشهد أن أحدهم مغترب عني لا أراه كل يوم..لا أشاهد وجهه وضحكته وأسمع كلامه مباشرة أمامي.. تذكرت نفسي وقسوة الغربة والبعد عن الأهل والأصدقاء والوطن…تذكرت منظومة مشاعر السعادة أو الألم أو الحزن التي كانت تنتابني واكبتها في أعماقي، لأني وحيد هناك… تيقنت كم كان والدي ووالدتي يشعران بالحزن عند سفرنا… حقا، الغربة موحشة، وقاسية، ومرة، رغم ان لها فضل كبير علي بعد الله سبحانه، فمن خلالها تطورت ونصجت.”

الغربة كربة ومرة وفيها الكثير الكثير من الحزب، حزن الفراق وحزن الفقد وحزن البعد عن الوطن والاهل، ومن هنا اشكيهم لله الذين يدفعون باولادنا الى الغربة والهروب من الوطن بحثا عن خبز حرموا منه في وطنهم، وسوف نسألهم يوم نلتقي عند الجبار العادل ونشكيلهم الى الله الرحمن الرحيم.

يا ظريف الطول وَقِّف تا أقولَّك
رايح ع الغُربِة وبلادك أحسنلك
خايف يا ظريف تروح وتتمَلّك
وتعاشر الغير وتنساني أنا