الرئيسية / جامعات و مدارس / كتاب العربية لغتي للصف السابع أنموذجا

كتاب العربية لغتي للصف السابع أنموذجا

كتاب العربيّة لغتي للصّفّ السّابع أنموذجَا بقلم الدكتور عماد زاهي نعامنة     في إطار احتفاء العالم بيوم السعادة العالميّ الذي يوافق العشرين من آذار في كلّ عام كنت في مقال سابق قد عرضت لقطوف دانية من بواعث السعادة في وزارة التربية والتعليم، وقد وعدتُ المتلقّي في مقالتي تلك أنْ أعرض جوانب من بواعث السعادة في الكتب المدرسيّة، وها أنا ذا أفي بالوعد، وباقتضاب.    وغنيّ عن القول إنّ المركز الوطنيّ لتطوير المناهج كونها الجهة المسؤولة عن إصدار المناهج والكتب المدرسيّة بالشراكة مع وزارة التربية والتعليم- تبذل جهودًا مشرقة في إعداد المناهج والكتب المدرسيّة وتطويرها وفق أفضل الممارسات وعلى مستوًى منافس عالميًّا وبما ينسجم وقيمنا العليا وفلسفة التربية والتعليم في وطننا الحبيب.      وإنّ الناظر في مناهجنا وكتبنا المدرسيّة يجدها حافلة بأسباب السعادة ومنابع القيم الإيجابيّة التي تُدخِل روح البِشْر والحبور في نفس المتلقّي: قائدًا كان أو مشرفًا تربويًّا أو معلّمًا أو طالبًا أو وليّ أمر وآخرين غيرهم من ذوي الاهتمام والمتابعة لشؤون المناهج، ومنها الكتب المدرسيّة التي بين أيدي الطلبة، من حيث احتواؤها على معارف تتناسب ومستويات الطلبة وتداعب قدراتهم، وتضمّنها مهارات تتواءم وكفايات الطلبة، وأنشطة متنوّعة كمًّا ونوعًا، تراعي الفروقات الفرديّة وتلبّي ميولهم واتّجاهاتهم، فلا شكّ في أنّ المتعلّم حين يتمكّن من تلك الأنشطة ويؤدّي ما تحويه من مهارات سيشعر بنشوة السعادة ويفرح لتمكّنه من استيعابه وتحليلها؛ لذا فإنّ المناهج والكتب المدرسيّة تعدّ من أوسع منابع السعادة ومناهلها لدى مقدّمي الرعاية والخدمة ومتلقّيها والشركاء فيها جميعهم على حدّ سواء: طالبًا ووليّ أمر ومعلّمًا ومديرًا ومشرفًا، وتتعهد المناهج والكتب المدرسيّة هذه المنابع والروافد منذ الطفولة المبكرة، حيث تخاطب الكتب المدرسيّة ولا سيّما المطوّرة قدرات الطلبة وتحترم عقولهم وتقدِّر إنسانيّتهم، وتداعب ميولهم وتنمّي اتّجاهاتهم وتطلق خيالاتهم، وتُفتِّق إبداعاتهم، وتنطلق بهم من حيث بيئاتهم التعليميّة إلى معارف ومهارات عالميّة تربط تعلّمهم بالحياة، وغير ذلك ممّا تكتنزه المناهج والكتب المدرسيّة، الأمر الذي يأخذ بأيديهم إلى تقديرهم لذواتهم وأنّهم أهلٌ لما تحويه كتبهم من معارف ومهارات ومناشط، وسعة الأفق ورحابة التطلُّعات، ولا غروَ في أنّ هذا مجلبة للسعادة والمتعة وللذة والشغف والراحة؛ ما يقودهم إلى الإقبال على التعلّم بنهم وشغف،  وحتّى لا يكون الحديث نظريًّا دعنا نستعرض سريعًا الفصل الدراسيّ الثاني من كتاب العربيّة لغتي للصف السابع لِنَجد أنّ الكتاب قائم في كُلّيّته وشموليّته على المنحى الجماليّ في تعليم العربيّة وفق ما نصّت عليه مقدّمة الكتاب، وليس بخافٍ على أحد ما لهذا المنحى من تحبيب العربيّة لدى دارسيها، والإقبال على تعلّم مهارات العربيّة بشغف وسعادة.   وقد حوى الكتاب على وحدات دراسيّة تضمّنت جميعها نصوصًا غاية في الإشراق، إضافة إلى فقرات داعمة لتلك النصوص، مثل مقتطفات من أقوال جلالة الملكة رانيا العبدالله حفظها الله، علاوة على احتواء نصوصه القرائيّة ومهاراته الأخرى على أساليب تعبيريّة غاية في الجمال، ونصاعة البيان، ورصانة التعبير، ورشاقة المعاني، وسلاسة التراكيب، وسعة الدلالات، فضْلًا عمّا تخلّله من جمل وتعبيرات ذات قيم تبعث في النفس الارتياح وفي الصدر الانشراح، وتُعلي من بواعث الفرح والسعادة في نفوس الطلبة خاصّة  والمتلقّين عامّة، وتبعث في الروح الفضائل وقيم الخير والجمال والمُثُل العليا، ما من شأنه أنْ يطلق العنان للطلبة للانطلاق نحو كوامن الحياة والاستبشار فيها، واستمطار أفكاره، والتحليق في دنيا المرح والخيال، وتسريح أفكاره في فضاءات الإبداع وما وراء ميتافيزيقيا الإبداع؛ ليجد نفسه وقد تجذّرت فيها نوازع حبّ العربيّة وتعلّمها بشغف وسيادة، بل لست أغالي إنْ ذهبتُ إلى أنّه كلمّا أحسّ بضيق أو ضجر تاقت نفسه إلى تقليب صفحات كتب العربيّة لغتي ليهيم في خلود الحياة شوقًا وتحنانًا، ودًّا وتهيامًا.    وقد أحسن مؤلّفو الكتاب حين خصّصوا وحدة لأدب الزهد في الكتاب ذاته – وهي وحدة دراسية من بين عشر وحدات دراسيّة في فصليه الدراسييّن – إذْ أراد مؤلفوه في أنْ يوصلوا رسالة بمنهج خفيّ غير مباشر إلى القارئ أو المتلقّي بأنّ السعادة كما هي في الدنيا فلا شكّ أنّها أيضًا في الحياة الأخرى، ما يقتضي التوازن في نشدان خير الدارين من غير ما ترهيب ولا تأنيب، بل إنّ مفهوم الزهد الحقيقيّ لا يتعارض أبدًا مع اللهو أو أسباب السعادة الدنيويّة، بل يُذكيها في النفس ويزكّيها، عند كلّ واعٍ  يدرك الزهد على حقيقة الزهد من دون غلوّ ولا اشتطاط؛ ذلك أنّ ” الكيّس الفطن من دان نفسه وعمل لِما بعد الموت، والعاجز مَنْ أتبع نفسه هواها وتمنّى على الله الأمانيَّ”، ما يعني أنّ الزهد يجعلك سعيدًا ولو بامتلاك الحدّ الأدنى من احتياجات الفرد، فما بالك إنْ حقّق أكثر من ذلك، وهي غاية مشروعة لا تتعارض ومبدأ الزهد؛ ” فليس الزهد بتحريم الطيّبات وكفّها عن النفس كما يحلو لنفرٍ توجيهه جزافًا نحو التصحّر والتقعّر وشظف العيش وجلد الذّات، فقد كان الرسول – صلى الله عليه وسلّم – أزهد النّاس ولم يحرّم على نفسه شيئًا من الطّيّبات قطّ، بل كان أكثر الناس بشاشة وإقبالًا وانطلاقًا ، ونهج هذا النحو صحابته الكرام من بعده، حيث ساروا على مبدأ “اعمل لدنياك كأنك تعيش أبدًا، واعمل لآخرتك كأنك تموت غدًا” فيما روي عن عبد الله بن عمر بن العاص رضي الله عنه… وليس الزهد بتحريم الحلال ولا إضاعة المال”. وقد قطع قول الحسن البصريّ الذي ذُيِّلَتْ به لوحة الوحدة الدراسية في الكتاب المدرسيّ ذاته قول كلّ خطيب، وهو قوله: ” الزّهد في الدنيا يريح القلب والبدن”، ما يعني أنّ الزهد المنشود ههنا هو الزهد الذي يجلب للنفس الراحة قلبًا وقالبًا، تلك الراحة التي تبعث في النفس السعادة والرضا والقناعة، ومن منّا لا يبحث عن ذلك؟! وإنّ المتمعّن في هذه الوحدة الدراسيّة والمتأمّل فيها بعين الحقّ والحقيقة وعين الرضا يجدها تحوي معانيَ سامية، ومراميَ نبيلة، وقيمًا فاضلة، من شأنها تهذيب النفس وتحقيق توازنها، ومعادلة مساعيها، والمقاربة بين الكائن والمأمول، بلْهَ تضمُّنها روائعَ البلاغة، وبدائع البيان، وقلائد فصاحة اللّسان. ومن الأمثلة – وهي كُثر نكتفي بغيضٍ من فيض ما جاء منها في الكتاب – فمّا جاء من بديع النظم وترجمان الكلم، وجُمان النّظم في وحدة ” من أدب الزّهد” قصيدة الشاعر الأردنيّ وهو يترنّم – رحمه الله – بإلقائها ببراعة على أنغام موسيقا تصويريّة تدندنها أوتار العود الصيلة: نجمع مع طلعة الشمس أحلامَنا والصباح يقبّلنا ، ثمّ نمضي معًا وفي راحتينا دمًى للصغار وأنشودة للنهار  ومن ذلك أيضًا ما تضمّنه الكتاب من بديع قول الشاعر في تصوير مناقب البطل عبد القادر الحسينيّ:  ليكن ترابك مثل قلبك صافيًا ومباركًا (ونديّ) لم تهدأ الدنيا كأنّك لم تزل فيها تهزّ على تلال القدس جيشك كاملًا ملكًا تُتوّجه بوارق شعرنا العربيّ  وقول آخر: سلام على القدس الشريف ومن به       على جامع الأضداد في إرْث حبّه …  ونضارة نظْم آخر نظمًا يعزّز في النفس الفخر والعزّة والسموّ والتشوّف نحو العُلا، والعناية بالنوع جوهرًا قدْرًا لا بالكمّ عددًا ومقدارًا: وما قلّ مَن كانت بقاياه مثلنا     شباب تسامى للعُلا وكهول وما ضرّنا أنّا قليل وجارنا      عزيز وجار الأكثرين ذليل  ومستصفى القول إنّ ما أوردتُ يبقى نزرًا في بحر ما فاض به محتوى الكتاب من مُثل الخير والحقّ والجمال وبواعث السعادة والشغف، إلّا أنّ من أراد مَعيب أمر تكلّف في إبرازه، وصدق جلال الدين الروميّ حين قال: من رغب في هجرك وجد في ثقب الباب مخرجًا، ومن أراد ودّك ثقب في الصخرة مدخلًا…  مع أطيب الأمنيّات للأسرة التربويّة بدوام بشائر السعادة والأمل ومنائر البِشْر والتفاؤل بغد مشرق، فبالتعليم نسعد ونرقى.