الرئيسية / كتاب الموقع / قانون «الدولة اليهودية»: آخر رصاصة .. والمشهد يقترب من الخاتمة!

قانون «الدولة اليهودية»: آخر رصاصة .. والمشهد يقترب من الخاتمة!

ايهاب سلامة –
يسدل توجه كيان الاحتلال «الإسرائيلي» بسن قانون «قومية الدولة» قريباً، آخر فصل من فصول مسرحية السلام التي بدأت منذ ربع قرن من الزمان، ويقفل آخر الأبواب في وجه الطامحين بـ «حل الدولتين»، ويطلق آخر رصاصة على جثمان المفاوضات الفلسطينية «الاسرائيلية» الذي يجثم في غرفة العناية الحثيثة منذ أربع سنوات غابرة.

إعلان «الدولة اليهودية»، يجري على قدم وساق، فرئيس وزراء الكيان بنيامين نتنياهو أوعز أول أمس لرؤساء أحزاب إئتلاف حكومته، بإقرار قانون «قومية الكيان»، بعد شهرين من مصادقة كنيست الاحتلال على القانون الذي حمل اسم «قومية الدولة»، كذباً وزوراً، فهو في الحقيقة قانون «دولة يهودية» عقائدية، وليس «قومية» وفق مسمى القانون الذي ستتجلى مخاطره الكارثية لاحقاً، فاليهودية ديانة وليست قومية، لكنهم أخبث من يتلاعب في الألفاظ والمسميات لغايات أخبث..

يهودية الكيان، تعني إعلان الكيان الإسرائيلي «دولة ثيوقراطية» بالكامل، مقامة على أساس عقائدي صرف، فقانونها الخطير قيد الاقرار يعتبر الكيان دولة لليهود فقط، عاصمتها القدس المحتلة، ويلغي حق مواطني الأراضي الفلسطينية المحتلة في عام 1948 مسلمين ومسيحيين، من كافة حقوقهم التي كانت مقضومة أصلاً، ويكرّس السياسات العنصرية، بل يقننها هذه المرة!

يهودية الكيان، التي حذف من مشروع قانونها بندًا يعرف الكيان انه: «دولة يهودية وديمقراطية» واستبدله بـ«دولة قومية للشعب اليهودي» فقط، ويقضي باستخدام التاريخ العبري في جميع معاملاته الرسمية، مثلما يمنح مناطق التجمعات اليهودية مكانة خاصة يحظر على العرب مسلمين ومسيحيين من السكن فيها، كما يعني أنه يحق لأي مخلوق في الكون، يعتنق الديانة اليهودية، أن يصبح مواطناً اسرائيلياً فور قدومه الى الاراضي المحتلة، وهو الأمر الذي يوطىء لاحقاً إلى استقدام بقية يهود الكوكب الى فلسطين المحتلة «لفيفا»..

أخطر ما في إقرار قانون «يهودية الكيان»، أنه يلغي حق أربعة ملايين لاجىء فلسطيني بالعودة، وبذلك تكون ملفات مفاوضات «الوضع النهائي»، قد طويت، وحسمت سلفاً، بعد تحييد الولايات المتحدة ملف مدينة القدس، باعترافها وإعلانها المدينة الفلسطينية المحتلة عاصمة أبدية للكيان، والاخطر، أن يهودية الكيان، تحمل في ثناياها رائحة مشاريع «ترانسفير» جديدة، بعد إسقاطها حق المواطنة للفلسطينيين فيها!

إعلان الدولة اليهودية، بعد اعلان القدس عاصمة للكيان، أحد أهم البنود الأساسية لـ «صفقة قرن ترمب»، وسيطلب فور اعلانها، من السلطة الفلسطينية ورئيسها محمود عباس، أو من يخلفه، الاعتراف بأن فلسطين التاريخية المحتلة، دولة يهودية! مثلما سيطلب لاحقاً ايضاً، من القبائل العربية التائهة في صحاري التاريخ، الاعتراف بأكبر تزوير عرفته البشرية، وشطب فلسطين المحتلة من قواميسها..

الأمر المؤكد، أن يهودية الكيان، سيمنح الصراع لاحقاً وحكماً طابعاً عقائدياً.. ويجسّده بين مسلمين ويهود، لا عرباً و«اسرائيليين»، وهو بقراءات التاريخ، المآل الحقيقي الذي تسير نحوه خواتيم الأمور شئنا أم أبينا..

أردنياً، فان إعلان «الدولة اليهودية» يعني «اسرائيلياً» وفوراً، أن الأردن وطن بديل.. فلا عودة، ولا حق بتقرير مصير، فوفق قانون الكيان الجديد، تصبح فلسطين المحتلة «دولة» لمن يعتنقون الديانة اليهودية فقط، ما يعني.. ان من يعيشون في الشتات، سيظل وطنهم الشتات، ويوطّنون في البلاد التي لاذوا اليها، حتى يقضي الله أمراً كان مفعولا.

المشهد الختامي، باتت تتجمع معالمه كقطع «البازل».. والواضح تماماً أن أفق الحلول مع كيان الاحتلال قد سدّت جميعها، في وقت رفعت فيه الأمة شعاراً استراتيجياً خائباً طوال ربع قرن خلى: «لا خيار سوى السلام»!

المصيبة أنه لا الفلسطينيين أو الأردنيين ولا أحد من أمة الفصاحة والبلاغة كلها، يحمل مشروعاً سياسياً بديلاً لـ «خيار السلام» الذي هوى دون رجعة، ومن المؤكد أننا سنصطدم قريباً بواقع صعب ومعقد للغاية، لم نهيئ له حالنا أبداً، وقد نجد أنفسنا كالغراب الذي أراد أن يصبح حمامة.. فما صار حمامة، ومؤكد بأنه لن يعود كما كان غرابًا!