الرئيسية / كتاب الموقع / عيدٌ بأيّةِ حالٍ عُدتَ يا عيدُ

عيدٌ بأيّةِ حالٍ عُدتَ يا عيدُ

محمود مناع الزعبي

اوشك على الانتهاء الشهرُ الفريد، واقتربَ موعدُ العيد السعيد، يلبسُ فيه الصغيرُ والكبيرُ الجديد، يزور القريبُ القريب، ويتصافح فيه القريبُ مع البعيد. يتبادلون فيه التهاني راجين الأجر المزيد والقبول الأكيد. تُزار القبور للسّلام على اصحاب السُبات العميق ولإخذ العبرة ليوم الوعيد.
جاء العيد يحمل معه رسائل البهجة والفرح والسرور وصلة الارحام وتصافي الانفس. نعم لقد جاء العيد، ولكن بإي حال قد جاء! جاء ليشكل عبئاً اقتصادياً ضاغطاً على الكثير من الأسر. جاء العيد مع التقارب الزمني للمواسم التي تهوي بميزانية الأسرة الى وادي النفقات السحيق، مما ادى الى ارتفاع هاجس الناس المعيشي المقلق. فابتداءً بشهر رمضان ومرورا بموسم العودة الى المدارس وصولا لعيد الاضحى، كل ذلك يعصف بالراتب ولا يُبقي منه شيئا، مما يضطر رب الاسرة الى الاستدانه لتسديد العجز المالي الناتج من ارتفاع الاسعار والغلاء وارتفاع الضرائب وُدنُوّ قسط السيارة وموعد قسط الجامعة وقسط الجمعية وقرض البنك وسداد ديون البقاله وفواتير الكهرباء وحساب صهريج الماء… جاء العيد والناس قد خرجوا الى صعيد الشارع يجئرون احتجاجا على الاوضاع الاقتصادية المتردية … جاء العيد وحال المواطن حدث ولاحرج.

ومما يثقل كاهل رب الاسرة في العيد هو الطلب المُلحّ وغير المبرر احيانا من قبل اطفاله وافراد اسرته. وذلك من اجل توفير مسلتزمات العيد من ثياب واحذية وحاجيات ضرورية للبيت. فهذه ام سليم ترفض لبس العباءة ‘المقصّبة’ التي اشترتها ولبستها منذ شهرين في حفلة زفاف ناجية بنت عمها، والسبب ان جاراتها يشبّهنها بالمطربة سميرة توفيق عند ارتداء تلك العباءة. سليم نفسه يريد شراء بدلة رسمية مع ‘كندرة’ من المول لانه يوجد خصم على الملابس هناك، الامر الذي يفاقم حالة التغيّظ والزفير لدى ابو سليم.

يام أم سليم، سميرة توفيق وعبائتها المقصّبة استهوت كبار السن ايام الطيبين وهي تغني اغانيها الشعبية مثل (ياصبابين القهوة زيدوها هيل) و(مندل ياكريم الغربي) ومع غمزة من عينها اليمنى كانت تسقط ‘العُقل’ والاشمغة. اما انت يا سليم، فعندما كنتُ بعمرك، كنت ُاشتري ملابسي من شارع الوحدة بثمن بخس دنانير معدودة. كانت محلات الملابس الجاهزة في ذلك الشارع تنتشر في مسافة لا تتجاوز نصف كيلو متر واحد، ابتدءا من محل (ابواجوح للساعات) جنوبا، وصولاً الى صالون فوزي الحلاق شمالا. كنت بمجرد دخول ذلك الشارع، اشعر أنني اجوب شارع ‘الشانزيليزيه’. وعندما اشتري بنطالا وقميصاً من محل يوسف الحسن (سمير اميس) اشعر وكانني اشتريت حاجتي من ‘دبنهامز’، وحين ادخل محل الحاج ‘ابو انور’ او محل ‘المغيض’ لشراء بوط او كندرة، ينتابني شعور وكأني في محلات ‘ألدو’ او ‘ دوتشيني’ للاحذية. يازلمه لما كان للعيد هيبة ومعنى، كنت افرد القميص والبنطلون والكندرة على الفرشة وانام جنبهم على الارض منتظراً فجر العيد بلهفة من اجل الحصول على ‘البريزة’ من عمتي خديجة رحمة الله عليها. بعدين لويش بدلة من المول يا سليم؟ مهو بالعيد رح تقابل نفس الناس اللي افطرت عندهم برمضان تقريبا بس عاملين حالهم ضيوف وتسلم عليهم كأنه الك شهر ماشفتهم. يازلمه من شو بشكي سوق البحّاره؟؟…….. خف علينا يا،، يرحم جدك!!.

تحياتي وكل عام وانتم بخير سلفا