كاظم الكفيري
تجسد ذكرى الإستقلال في وجدان الأردنيين أبلغ معاني النهضة التي شهدها الأردن في شتى الميادين، وهي ذاكرة جيل أورثها لجيل ومن بعده جيل، بقي الأردن صامداً رغم كل التحديات والمحن التي شهدتها المنطقة والإقليم.
الذكرى الثانية والسبعين ينبغي أن تكون كسابقاتها في كل عام، مناسبة لإعادة التقييم في مختلف العناوين في المجالين الداخلي والخارجي.
على الصعيد الداخلي قد تكون مناسبة لإعادة بحث الملف المعاشي للناس، تراجع الوضع الإقتصادي، تضخم المديونية، إرتفاع الأسعار، مما فرض زيادة في الأعباء على المواطن، يحتاج الوضع الراهن لحكومات تحل أزمات، لا حكومات تصنع أزمات، وحكومة الملقي تتحمل المسؤولية في تراجع الإستثمار بسبب غياب بيئة إجرائية و تحتية حاضنة، وغير قادرة على دعم الإبداع، لذا تراجع التعليم، الشعب بات يؤمن بمؤسسات الدولة الدستورية ولكنه محبط من أداء كوادرها، ومجلس النواب خير مثال، والحكومة في واد والشعب في واد آخر يعض على جراح الغلاء والبطالة والفقر، وقانون ضريبة الدخل الجديد آخر إبتكارات هذه الحكومة، هذا على الرغم من التوجيهات التي يطلقها جلالة الملك بإستمرار للحكومات بضرورة أن تسعى الحكومات إلى توفير بيئة يتمكن فيها المواطن من العيش بكرامة.
على الصعيد الخارجي، الحديث عن صفقة القرن، والتوجه الدولي بتصفية القضية الفلسطينية، والإبتزاز الإسرائيلي المتكرر للأردن، تشكل تحديات صعبة، من جانب آخر ينبغي أن يعاد ترتيب الموقف من الأزمة السورية، النظام السوري باقٍ ولن يرحل، حتى أشد المعارضة السورية تطرفاً في موقفها من النظام يئست من مطلب رحيل النظام السوري، وهذا يؤكدها التحول في خطابها، هذا يفرض علينا الإنخراط في تسوية سياسية تعود بنتائج إيجابية على الإقتصاد الأردني، ومن مصلحة الأردن بحث تبريد الجبهة الجنوبية في سوريا تمهيداً لفتح الحدود معها، ناهيك عن أن أزمات الخليج قد لعبت دوراً في تأزيم المشهد في الإقليم، وربما عائد هذه الازمات سيصب في مصلحة إيران، وقد نشهد تحولاً في المزاج الشعبي العام منها، السياسات الخليجية التي أدارت ظهرها للأردن قد تفرض البحث عن تحالفات جديدة، ولا يمكن التكهن بإرتدادات هذا الشكل من التحالف.
الأردن في عين العاصفة التي يمر فيها الإقليم، وهذا يتطلب مرة أخرى حكومة قادرة على الإستجابة لمستوى التحدي، حكومة خبرات تستطيع العبور من جزر النيران بكفائة وإقتدار. فهل نبدأ بهذا؟