الرئيسية / كتاب الموقع / رمضان شهر الربح والخسران

رمضان شهر الربح والخسران

محمود مناع الزعبي

وصلَ ‘طويلُ العمر’ الى القاعة في الوقت المحدد، فعُقدَ الاجتماع بين الطرفين، نُوقشت الاجندةُ المطروحة في جلسة سادها اجواء حماسية توافقيةٍ، تصافح الطرفان وهُزت الايدي بحرارةٍ، ثم تعانقت الاجسادُ عناقاً حميماً، فرحاً بتوقيع العقد بينهما. وبموجب هذا العقد، يقوم الطرف الثاني بالالتزام التام بالبنود اعلاه، و عليه يتعهد بتنفيذ جميع الاعمال الموكّله اليه بكل امانةٍ واخلاص نيابةً عن الطرف الاول وذلك في فترةٍ زمنيةٍ مقدارها ثلاثون ليلةٍ.
سبب العقد هو ان الطرف الاول لن يستطيع اكمال المشروع الذي وُجد من اجله، وذلك لاجازةٍ طارئة مدتها شهر، لاسبابٍ خارجةٍ عن ارادته. قال الطرف الأول للطرف الثاني : مبروك عليكم العقد شباب، تكفوون، مابدي اوصيكوا، قوموا بالواجب ولاتقصروا. ردَّ الطرف الثاني قائلا: “اشربوا قهوتكم وابشروا بلي اجيتوا به!وانت طال عمرك لا تشيل هم، كأنك موجود وزيادة.”
هذا المشهد ليس بين ناديين رياضيين لشراء لاعب، ولا اتفاق بين رب العمل ومقاول لاقامة مشروع ما، ولا ببين جاهتين حضرت احداهما لطلب يد عروس،او لأخذ عطوة! انه مشهد يتكرر سنويا يكون فيه طويل العمر -الشيطان- الطرف الاول، ووسائل الاعلام والانتاج الطرف الثاني، والمشروع هو اجهاض شهر رمضان،و الهدف هو اخراج الشهر الفضيل من قدسية وحرمة وتحويله الى محطة زمنية للتنافس في الملذات والمتعة المحرمة وتفريغه من هدفه الاسمى وهو التقوى.
وبالفعل، ما ان بدأ العد التنازلي لاستقبال هذا الضيف الكبير، حتى نشطت محطات الاعلام التابعة لشياطين الإنس وتكثفت جهودهم لانتاج كم هائل من المسلسلات الساقطه والبرامج الهابطه اخلاقيا وذلك من خلال الشاشه الصغيره ‘التلفاز”. فاصبح شهر رمضان في اذهان الكثيرين مرتبطاً بالدراما الرخيصة التي تبث فيها مسلسلات وبرامج وجلسات طربيه تظهر فيها مذيعات وممثلات ومطربات كاسيات عاريات مائلات مميلات. دراما تصرف من الرخيص، تعرض الزنا والعشق والنصب والاحتيال وشرب الخمر وتعاطي المخدر على انه حرية شخصية. اقلام كُرست لبث السموم الاخلاقية كالخيانة الزوجية باسم الصداقة والانفتاح،صرنا لا نستغرب ولاننكر وجود امراة ورجل في وضع الزوجين، صرنا كذلك نتقبل ان رجلاً يحتضن بنتاً شابةً لانه يمثل دور الاخ الاكبر او الاب الحنون، اصبح الانتقام والقتل وتشتت الاسرة والسرقة هو الحل لقضايانا المعاصرة.
لم يبقَ سوى ايامٌ قلائل تفصلنا عن هذا الضيف الكبير .انه شهر المغفره والتوبه والعتق من النار، شهر مضاعفة الاجور وشهر التسامح والصبر وشهر كبح كافة الغرائز والمعاصي. لا تدعوا فرجةً للشيطان وحزبه ورجله وخيله. صوموا، صلوا، تصدقوا، اقيموا الليل، اغلقوا منافذ صغار الشياطين. انه شهر يناديكم فيا باغِ الخير اقبل، ويا باغ الشر اقصر. وفقنا الله واياكم لبلوغ شهر رمضان، واعاننا الطاعة ونحن باحسن الاحوال.
ملاحظة: اولئك الذين ينتظرون الجزء العاشر من ‘باب الحاره’ بلهفة وشوق، اود ان اطمنكم: لن يعرض هذا الجزء في هذا العام، وذلك لخلاف نشب بين المخرج بسام الملا وشركة “ميسلون” من جهة، والمنتج محمد قبنض والمؤلف مروان قاووق، من جهة أخرى. لذا صلِ التراويح بتأنٍ وتركيز، ما في داعي للعجلة طال عمرك!
ودمتم بكل الاحترام
محمود مناع الزعبي