الرئيسية / كتاب الموقع / الالكترونيون

الالكترونيون

بسام السلمان
قبل عام تقريبا ذهبت الى ديوان عشيرة الزريقات في الرمثا معزيا بالخالة زعيلة كايد السقار ارملة المرحوم قاسم الزريقات رحمهما الله واموات المسلمين ودخل بعدي مجموعة من الشباب في نفس الوقت وتم الحديث عن توزيع بطاقات الافراح عن طريق الفيس بوك وتحول الحديث من ساخرا الى جديا على هذا الامر والذي توقع احد الشباب ان يصبح هو الاصل وان تصبح حياتنا الكترونية بعد سنوات قريبة.
وقتها علقت على هذا الامر باننا نتجه الى الغاء حياتنا الاجتماعية والتواصل بين الاقارب والاصدقاء والجيران وستصل بيننا الامور الى الغاء صلة الرحم من قاموس حياتنا وتصبح الامور كلها الكترونيا.
والخوف ان يؤدي التباعد الاجتماعي اذا دام لفترة طويلة الى كسر الروابط والعلاقات والبنى الاجتماعية ويؤدي ذلك الى تصغير المجتمعات دون ان يجمعها شيء سوى القوة والعنف.
وتحققت نبوءة الشاب وجاء من يجبرنا على التحول الى الكترونيين بسرعة البرق كما يقولون، وباقل من سنة اصبحت مناسباتنا كلها الكترونية، الزواج والطلاق والوفاة، تقديم التهنئة وتقديم العزاء وغيرها كلها صارت من خلال الفيس بوك والوتس اب والهاتف.
احزنني جدا انني لم استطع المشاركة في دفن زوجة ابن خالي والعزاء واحزنني ايضا ان جارة لنا توفيت ولم استطع تقديم العزاء لزوجها طيب القلب المحترم ولابنائها وايضا وفاة جار لنا ورفيق الدراسة واقارب اصدقاء وووو…، ماتوا ولم نقدم لهم العزاء الا عبر وسائل التواصل الاجتماعي او الهواتف.
نحتاج الى وعي في كل تصرفاتنا وتحركاتنا من اجل ان نعود الى حياتنا الطبيعية.
بسام السلمان

تعليق واحد

  1. غيضٌ من فيض

    يتعلق الأمر عزيزنا بسام السلمان بالتكنولوجيا، وهي بالتعريف المختصر، الأدوات التي أستطاع الانسان إبتكارها على مر العصور لتخدمه، فثلما كانت الرسائل في عصور سابقة تكتب على رقع الجلود، إبتكر الصينيون الورق والحبر، وحيث راق الأمر للأوروبيين بعد ذلك فأبتكروا المطبعة، فقد نقش الأمريكيون الحرف بالضوء على عتمة الشاشات وسارعوا في نقل الكلمة وبث الصورة.

    لا شك أنك تذكر النكتة التي راجت في طفولتنا بالسؤال: أبوك إتجوز عكروتة؟
    وذلك إشارة للفصل بين زمانين بتوجيه دعوة حضور الزفاف، ما بين بعث مقدار من “الحنـّا” يرافق الدعوة الشفوية للحضور، وما بين الزواج ع كروت- أي بطاقات دعوة، حيث أن آبائنا بالمجمل شبّوا أيضاً بين زمانين، قبل وبعد إنتشار المطابع في بلادنا.

    توفي قبل أيام مهندس الكمبيوتر الأمريكي البارع “لاري تسلر” مبتكر أسلوب النسخ واللصق في علم البرمجيات، وعندما سئل عن جدوى إبتكاره، قال: أنني ساهمت فقط في جعل حياة الناس أسهل.

    وما بين النسخ واللصق، وبين زمان وزمان تختفي تعابير الوجه، ولغة الجسد، وصدق المشاعر، وليس هذا هو الأخطر، لكن المخيف فعلاً هو كما تفضلت المنظومة القيميـّة التي تتبدل شيئاً فشيئاً.