الرئيسية / كتاب الموقع / هكذا يقتضي الحال

هكذا يقتضي الحال

 

الدكتور معتصم درايسة

في إحدى السنوات وأنا في مدينة الخبر في المملكة العربية السعودية، كنت أتردد على إحدى المكتبات التي يغلب عليها الطابع الاسلامي من حيث الكتب المباعة والأشياء الأخرى، وكان البائع الرئيسي فيها من إحدى الجنسيات العربية. كان يكرم لحيته ويهين شواربه ويلبس ثوبا قصيرا وغطاءا للرأس، ملتزما بما تنص عليه السنة النبوية الشريفة……ودارت الأيام حيث كنت قد انقطعت لفترة من الزمن عن تلك المكتبة…..وفي أحد الأيام، كنت بسوق آخر اسمه (سوق السويكت) حيث دخلت على أحد محلات الحاجات النسائية برفقة زوجتي، نظرت الى البائع بدقة وشعرت حينها بأنني ربما رأيته وقابلته من قبل.

 بعدها، بادرت بسؤال ذلك البائع عن مكان عمله السابق، فأجابني بصراحة بأنه كان يعمل باحدى المكتبات قبل عدة أشهر وتركها لظروفه الخاصة. وحينها أدركت أن البائع كان هو نفس الشخص الذي كان يعمل بالمكتبة التي كنت أتردد عليها سابقا، حيث كان حاسر الرأس حالق ومهينا للذقن وللشنب معا، يلبس جينزا ضيقا وقميصا ملونا يظهر جزءا من صدره، فلما سألته عن ذلك التغيير الكلي في مظهره أجابني: هكذا يقتضي الحال، ولكل محل ظروفه.

أنا أؤمن ايمانا قاطعا بأن الدين يمكن أن يخلق منظومة قيمية إجتماعية مبنية على التمسك بالأخلاقيات الحميدة والسلوكات القويمة، لكنني أمقت أن يرتبط التدين بالمظهر أكثر من ارتباطه بالجوهر، فمظهر الشخص المسلم المتبع للسنة النبوية الشريفة يجب الا يستغل من أجل تحقيق مصلحة ما أو منفعة دنيوية أو أن يهدف الى إحداث تأثير على أفراد المجتمع واستغلال مشاعرهم وعواطفهم الدينية بل ينبغي  على صاحبه أن يحرص دوما على أن يقرن المظهر بالجوهر، وإلا فلا يمكن اعتبار ذلك المظهر الا نوعا من الغش والتدليس.

أود أن أشيرهنا الى أن المملكة العربية السعودية ومنذ سنوات تمنع عمل الرجال في محلات الحاجات النسائية وتشترط أن تدير النساء وحدهن مثل هذه المحلات لمنح الرخص المطلوبة.

 

تعليق واحد

  1. د. معتصم درايسه

    كنتم دوما تذكرون عدد من قرأ المقال…..أين ذهبت هذه الخاصية؟