أبو فلان

مصطفى الشبول

دخل أبو فلان الديوان ، الكل اعتدل وعدّل قعدته ، نادى أحدهم: بجنبي يا أبو فلان ، وقال آخر: مكاني يا أبو فلان … الكل تبرع بمكانه لأبو فلان ، جلس أبو فلان بسدر المضافة وبدأ بسرد بطولاته وانجازاته ( يفرد عضلاته) والكل ينصت ويبصم له بالعشرة ( يبصموا ويوكلوا حلاوة).

أبو فلان زلمه بيشتغل بالتجارة من هو صغير ( والله اعلم ، وعلى ذمة جيرانه انه بتاجر بالحشيش والمخدرات) لكن أبو فلان جيوبه عامرة ، وكل أكم شهر بيعمل مناسف على لحم وبنادي وجهاء البلدة ، فالناس غمّضت عيونها عن شغل أبو فلان ونوع تجارته ، وما بذكروا من أبو فلان إلا كرمه وطيبته ومناسفه ، وصارت كل الناس تحلف بحياة أبو فلان … (اللي عنده جاهه ينادي أبو فلان على رأسها، واللي عنده طهور لأبنه ينادي أبو فلان ، واللي زوجته زعلانه ينادي أبو فلان يردّها) فأصبح أبو فلان عصب من أعصاب الحياة بالقرية .

أبو فلان قاطع رحم وما بزور خواته ، وأبوه وأمه ماتوا غضبانين عليه ، كما أن أبو فلان استولى على أراضي إخوانه ، وما بعرف طريق المسجد ، وما بعرف كيف يتوضأ ، وما بعرف يقرأ سورة الفاتحة ، ويغلط بالشهادتين ، لكن بفلوسه اللي جمعها بالحرام صار وتصور أبو فلان ، ( اللي ما كان حدا من أهل البلد يناديه إلا بلقبه ) ومع الأيام أصبح من مقرري شؤون البلدة ووجهائها، وصار يضع ثقته ويحجبها عن الناس الكرام حسب هواه ومصلحته ، والمصيبة إن أبو فلان له شعبية كبيرة ويحصل على ثقة الأكثرية ليس حباً فيه لكن حب بالمناسف والولائم اللي بعملها، حتى أن رجال البلدة يتباهوا بالجلوس معه ويرددوا ( قال أبو فلان ،وحكى أبو فلان، وعمل أبو فلان، ودفع أبو فلان، واليوم كنت مع أبو فلان)

فلو أردنا أن نحكي الواقع و الصحيح نقول : بأن الخلل مش بس بأبو فلان ، الخلل بالناس اللي بتسحج وبتصفق لأبو فلان وبتعطيه اكبر من حجمه ( على شان لقمة طبيخ) ونسوا انه تاجر حشيش ويعمل بترويج المخدرات ، وله دور كبير في فساد البلد ودمار بعض الشباب ، والمصيبة عندما يرشح نفسه لأي شيء يحصل على أعلى الأصوات .

فما أكثر المصابين بمرض أبو فلان وسحيجته ، ولا نقول إلا حسبنا الله بأبو فلان وأشكاله واللي بشد على أيده.