الرئيسية / كتاب الموقع / الحكومة والتايتانك

الحكومة والتايتانك

 

بسام السلمان

هناك وجه شبه بين سفينة الأحلام التيتانيك والحكومة من عدة جهات. ومن منا لا يعرف التيتانيك ؟ السفينة العملاقة التي غرقت في المحيط والتي أصبحت بعد أن صنع من اجلها اكبر الأفلام وأضخمها على كل لسان وصرت تقلب حجرا فتجد Titanic وصار اسمها يدخل في كل شيء فالطعام تيتانك والملابس تيتانيك وحقيبة مكتوب عليها Titanic )) ، قلم ، خاتم ، مرآة ، قارورة عطر ، بل وصل الأمر إلى ظهور تسريحة شعر “تسريحة تيتانيك ” ومن منا لا يرى ان حكومتنا أصبحت كالتيتانك من خلال غرقها في بحر من المشكلات وحتى أنها أصبحت ماركة عالمية يضرب بها المثل بين حكومات العالم.
في أواخر القرن التاسع عشر الميلادي صنع الإنجليز باخرة عظيمة . كانت كما يقولون فخر صناعاتهم ، وعند تشكيل أي حكومة نقول عنها إنها حكومة الإنقاذ والقضاء على الفساد والخروج من القنينة وحكومة السعادة وحكومة الديمقراطية وحكومة الانقاذ.

وانطلقت التيتانيك في رحلة ترفيهية حاملة على متنها علية القوم ونخبة المجتمع كما يصفون أنفسهم، وانطلقت حكومتنا برحلتها بركابها والذين هم من علية القوم. وقد بلغ الفخر والاعتزاز ببناة السفينة درجة كبيرة من الغرور فسموها “الباخرة التي لا تقهر ” بل سمع أحد أفراد طاقمها يتشدق فخراً أمام بعض كبار ركابها بما ترجمته : حتى الله نفسه لا يستطيع أن يغرق هذا المركب، وقيل عن حكوماتنا المختلة إنها قوية ومتماسكة وأنها الحكومة التي لا تغرق ولا تقال، وفي اليوم الثالث من سيرها في المحيط الأطلسي وفي خضم كبرياء صناعها وركابها اصطدمت بجبل جليدي عائم فتح فيها فجوة بطول ( 90 متراً ) وبعد ساعتين وربع استقر الباخرة التي لا تقهر – كما زعموا – في المحيط ومعها  1504 راكب ماتوا غرقناً ولم ينج منهم إلا القليل.

حكومتنا تصطدم في كل مرة  بجبال من الجليد، فقر مدقع وطعام اغلبه غير صحي ونقص حاد في مياه الشرب وبطالة تزداد كل يوم بتسارع، وتغرق في ديوان زادت عن ال 50 مليار وعدم مقدرتها على ادارة الانتخابات بنزاهة.

وفوق ذلك كله حمل ثقيل على كاهل المواطن شقيق الحكومة مجلس الامة والذي لم يعد يقتنع به وهو الذي من المفروض ان يكون رقيبا على السلطة التنفيذة اصبح شريكا لها ومروجا لمشاريعها وداعما لنشاطاتها المختلفة والتي همها جمع الضرائب من المواطن.

التيتانيك غرقت ومات فيها من مات ونرجو من الله العزيز الكريم ان يحمي بلدنا من الحكومات والوزراء الزعاطيط غير القادرين على ادارة ملفات وزاراتهم المختلفة.

وذكرتني كلمة زعاطيط بقصة لرئيس وزراء العراق الأسبق نوري السعيد (قُتل 1958) أشار فيها إلى ما اعتبره قلة الدراية والخبرة في السياسة، بمفردة من أكثر المفردات شعبية وتعاطيا في المجتمع العراقي «زعاطيط» حيث قال بعد أن رفع الباشا كفيه إلى السماء قائلاً: «اللهم أشكو إليك زعاطيط السياسة)). وكلمة الزعطوط في العرف الشعبي تعني الصغير والذي لا يعرف شيئا ولا يفقه في أي شيء أي الدخلاء والمتطفلين على أمر من الأمور وقضية من القضايا.