الرئيسية / كتاب الموقع / مشروعنا الوطني الذي تأخر

مشروعنا الوطني الذي تأخر

د. عاكف الزعبي

لا تقدم لدوله في عالم اليوم تسعى للحداثه وحماية أمنها الوطني ورعاية مصالحها ان لم تمتلك مشروعاً وطنياً لقيادة وتوجيه مسيرتها في التنميه السياسيه والبشريه والمورديه والاقتصاديه والاجتماعيه . مشروع يعينها على التحول إلى دولة ديمقراطيه مدنية عنوانها المواطنه ، وسيادة القانون ، والحريه السياسيه والشخصيه ، والتنوير الذي يرقى بالقيم الجمعيه للمجتمع .

بحسه القيادي الوطني العالي ورؤيته السياسيه الاستشرافيه رسم الحسين عليه رحمه الله النسخه الاولى للمشروع الوطني الاردني ما بين العامين 1989و1990 بأيدٍ وطنيه مخلصه من مختلف الطيف السياسي والفكري الاردني فكان الميثاق الوطني الاردني ونفضت الدوله عن كاهلها حملاً ثقيلاً لعقود ثلاثه من الاحكام العرفيه تزامن مع عودة الانتخابات النيابيه عام 1989 وصعود مجلس نواب مثل ابناء الوطن وتوقهم لحياة ديمقراطيه حقيقيه ترتقي بالاداء الوطني المؤسسي الرسمي ، والمجتمعي الى أعلى مستوى لبناء الاردن الحديث .

لكن وعلى صعيد مقابل خلال ثلاث سنوات فقط 1990-1993 ومع انتهاء مدة مجلس النواب 1989-1993 كانت قوى الشد العكسي التي تمثل المحافظين من الجانب الرسمي ورجال الاعمال النافذين قد وضعت خطتها وأكملت اختطاف المشروع الوطني الاردني الذي اشرف عليه الحسين رحمه الله إما خوفاً من التغيير او حفاظاً على مصالحهم الخاصه أو للسببين معاً . وكانت بداية الاختطاف مجلس نواب الصوت الواحد 1993-1997 الذي مثل قانون انتخابه تراجعاً كبيراً ، كما شاب الانتخابات تدخلات رسميه ليكون النموذج المعاكس لمجلس نواب 1989-1993 .

عودة استشرافيه ثانيه لمشروع وطني اردني قادها جلالة الملك عبدالله الثاني على نار هادئه تمثلت بالاوراق النقاشيه السبعه التي طرحها اعتباراً من آخر ايام العام 2012 وحتى العام 2015 . لكنها مع الاسف لم تحظ باهتمام كاف يليق بأهميتها لامن مؤسسات الدوله والحكومات في مقدمتها ولامن مؤسسات المجتمع المدني من نقابات واتحادات وجمعيات على اختلاف انواعها ، فكانت صيحه في واد لم تلق سوى الترحيب النظري رغم كل ما اتصفت به كمشروع وطني نوعي .

في محاولة ثانيه عاد جلالته في العام 2022 امام ظرف سياسي واقتصادي عالمي ومحلي استثنائي للتأسيس لخطوة تمهيديه جوهريه وشامله للمشروع الوطني للدوله القائم على اوراقه النقاشيه السبع طارحاً مشروع الاصلاح والتحديث السياسي والاقتصادي والاداري 2023-2032 . وقد باشرت الحكومه في تحويله الى برنامج تنفيذي عملي خاضع لمتابعة ربع سنويه .

العالم والمستقبل ليسا في وارد انتظارنا ليقدم لنا المزيد من الفرص لانتاج مشروعنا الوطني ووضعه موضع التنفيذ . ويقتضي الواجب الامساك بقوة بالرؤيه الوطنيه في اوراق الملك النقاشيه والتنفيذ الدقيق والأمين لخطوتها الاولى في التحديث الثلاثي السياسي والاقتصادي والاداري والتحوط من أي محاولة لاختطافها من قبل قوى الشد العسكي التي سبق وان دفنت مشروع الميثاق الوطني ، وساهمت في التلكؤ في تبني الاوراق الملكيه لعشر سنوات كاملة.