يرحم جدك

مصطفى الشبول

يالله الدنيا كيف تغيّرت وتغيّر كل شيء فيها ، لا أب ماين على أولاده ، ولا زلمه قادر يسيّطر على بيته صح ويمشّيه مثل ما بده (إلا ما رحم ربي) ، صار الولد بده يلعب دور زلمة الدار (وهو بعده مش مطلع حق طهوره) ، والمرأة بدها تمَشّي كل شيء مثل ما بدها وكل قرار بالدار يطلع منها … هكذا قال أبو علي ابن الخمسين عام والذي يعاني ما يعانوه معظم الناس ، من تغير جذري في الأدوار ، ويتمنى أن يعود به الزمان لأيام جده عقله المتزوج من أربع نساء وله من الأولاد والأحفاد ما شاء الله كان ، فقد كانت حياة عائلة الحاج عقله مضبوطة حسب الأصول ولا أحد يتعدى على حق ودور غيره ، وكان الجميع يفهم على الحاج عقله من نظرات عيونه وإيحاءات وجهه ، وكان إذا ما طُرح موضوع بأي مجال (خطبة عروس ، بناء بيت ، تدريس ولد بالخارج أو أي شيء صغير كان أو كبير) يسمع الحاج عقله لجميع الآراء ويكون قراره هو الحكم والسديد في الموضوع …
نقول لابو علي (ابن الخمسين عام) أسمع القصة والطرفة الصغيرة (ويمكن حدا سمعها وبعرفها من قبل) … تقول الطرفة : بأن شاب أخرس دخل إلى سوبر ماركت ، استقبلته الصبية اللي على الكاش : تفضل أستاذ .. الأخرس : هياه … الصبية : عفواً … الأخرس : أأأ هوووو هياه …. الصبية :عفوا ما فهمت عليك … عصّب الأخرس فنادت الصبية الشاب المسؤول …جاء الشاب يبتسم :تفضل أستاذ كيف بقدر أساعدك ؟ … قال الأخرس : هوووو هياه ! هياااااه … تبسم الشاب وقال للصبية : والله ما فهمت عليه … صار الأخرس يخبّط على الكاونتر …. أجا المدير على الصوت ، وبعد ما فهم القصة ، قال: بسيطة في محمود الشاب الأخرس اللي بالمستودع نادوه بلكي فهم عليه … وصل محمود ….الأخرس : هو هياه هيييب … محمود : هييي ابييب هاااا …. الأخرس : هياه هياااه …محمود : هياه …. بعدها هز الأخرس رأسه موافق مع ابتسامه … فرح الجميع للوصول للتفاهم …راح محمود على المستودع ورجع معه كيس أسود مليان وأعطاه للشاب الأخرس … فتح الأخرس الكيس وابتسم وحاسب محمود وطلع من السوبر ماركت …انبسط المدير واللي معه من محمود وسألوه : شو كان بده هذا … رد عليهم محمود وهو مبتسم : هيااااه يهووو بهيييي …
فهذا هو اللي صاير ، ما حدا عارف شو سر التغيير ، ولا حدا فهمان شيء … حتى لو نادوا محمود ما رح يحلها … والله يرحم جدك عقله، وسقى الله على أيامه….