إلى صديقي

محمود فلاح محادين

 

كما ترى فأنا لم أعد يا صديقي أجد أسباباً أو مناسبات أعنون فيها رسائلي، هل هذا يعني أنني أكتب لك لأجلي بالدرجة الأولى؟؟ ماذا عن الأسباب التي كنت أدعي وجودها لأكتب لك؟ هل تذكر عندما كتبت عنوان إحدى رسائلي :إلى صديقي الذي ينشد السلام؟ من كان فينا حقاً ينشده حينها؟؟؟

ولكن من قال أن الأسباب ضرورية لنطمئن على من نحب؟ نستطيع بسهولة إيجاد أي حجة للكلام معهم والسلام عليهم، إنفاق الجهد والوقت على خلق هذه الحجج هو الدليل الأقوى على أننا نحبهم ونتذكرهم وسط تفاصيل يومنا المتعبة والمعقدة والطويلة… أما تفاصيل المحادثة فليست مهمة المهم أننا نقضي الوقت معهم ولأجلهم…

سيلفيا بلات كتبت أثناء وجودها في إحدى المخيمات الصيفية مجموعة رسائل تم جمعها فيما بعد في كتاب إسمه رسائل سيلفيا بلات بين 1940-1963ضم رسائل أخرى لها في تلك الفترة، معظم هذه الرسائل كانت لإحدى صديقاتها وأمها، كانت تعلم أن الرسالة تأخذ فترة زمنية طويلة لتصل إلى الشخص المعني ليرد عليها برسالة تأخذ فترة زمنية مماثلة إلا أنها في إحدى المرات كتبت لصديقتها أنها أكلت اليوم سبع حبات فاكهة وتشعر بألم في معدتها وأنها لن تكرر هذا التصرف مرة أخرى…. هل تعرف ماذا قالت أيضاً سيلفيا؟ ليس للقمر أي سبب يدعوه للحزن…

أما أنا فأتناول طعاماً صحياً لأحافظ على وزني الذي وصلت إليه بصعوبة فكما تعلم عمليات الهدم والبناء عندي بطيئة أحياناً وغير منتظمة أحياناً أخرى ولكنني فخور بإلتزامي وبما أنجزته حتى الآن وأخطط للمزيد مستقبلاً لذلك فأنا أعدك أن تراني بشكل خارجي مختلف تماماً عندما نلتقي في المرة المقبلة، أنا لست مثل سيلفيا أتحدث بأمور تافهة فقد أدركت مؤخراً أن كل ما يتعلق بي له الأولوية وأعتقد أن عليك أن تعِ ذلك أيضاً…

أما بقية أخباري فعلى ما يرام، لا أزال أحب الإنسان والعصافير وأحاول رسمهم في كتاباتي، أخلق شخصيات شبه خيالية أحاورها وأراقب كيف تسيطر علي وتنقلب ضدي فجأة دون أي مقدمات، أنت تعلم مدى إحتياجي للكتابة وتعلم أنني عندما أكثر منها أكون بحاجة إلى الهرب إليها ولو لساعات… تعلم أيضاً أنني لن أتوقف عنها مهما كانت النتيجة لذلك كن مستعداً دائماً لتلقي المزيد من رسائلي، بالمناسبة هل تحتفظ بها؟ أين؟ إجابتك تعني لي الكثير فأنا أعرف أنك تواجه ضياع رواياتك بلامبالاة فهل تضع رسائلي أيضاً هناك إلى جانب ما تكتب؟

كن بخير حتى موعد رسالتي القادمة أي لا تفكر بأي شيء قد يعكر مزاجك، لا تفكر بشيء قد يتغير فجأة وهذا ينطبق على الجميع، لا تسمح لبضع ساعات خارج المنزل بتشويه جمالك الداخلي، اتركهم في الخارج وعد إلى غرفتك أنت وحدك خفيفاً كغيمة لطيفاً كنسمة عابرة، لا تسمح للتفكير السلبي أن يطفئ نورك وفكّر أننا نستمد منك الأمل والقوة… وأخيراً… أكتب!