الرئيسية / من هنا و هناك / بسبب تردي الأوضاع الاقتصادية.. “الرحى” تعود إلى الشمال السوري

بسبب تردي الأوضاع الاقتصادية.. “الرحى” تعود إلى الشمال السوري

الرمثانت – بعد أن تخلى عنها السوريون لسنوات، عادت الكثير من المظاهر التراثية إلى بلدات وقرى شمال البلاد تحديدا، لما توفره من حلول تناسب حال الغلاء ونقص الخدمات الأساسية.

بأنامل أنهكتها السنون، وتحت أشعة الشمس الخريفية، تجرش الستينية خديجة عثمان من سكان ريف القامشلي، شمال شرق سوريا، الحبوب وتطحنها على ”الرحى الحجرية“، لتحضير أطباق شعبية لعائلتها، فهي لا تزال تحافظ على رحاها التي ورثتها من والدتها؛ والتي ورثتها بدورها عن جدتها.

وقالت خديجة: ”صوت حجر الرحى عاد ليتردد باستمرار في بعض البيوت السوريين الذين تخلوا عن المطاحن الحديثة والكهرباء لطحن الحبوب نتيجة الغلاء والانقطاع“.

وتابعت لـ“إرم نيوز“: ”حجر الرحى من أقدم الأدوات التي استخدمتها المرأة الريفية في طحن الحبوب كالقمح والبرغل وإعداد أطباق شعبية مثل خبز التنور والصاج والعدس والفريكة“.

وأوضحت خديجة أن ”الرحى آلة بدائية مكونة من حجرين دائريين وفتحة تُلقّم منها الحبوب وعصا خشبيّة لتدويرها، تختلف في أحجامها ويزن بعضها 30 كغ، فهي تصنع يدويا من حجارة بركانية سوداء تُنتقى بعناية من الجبال، تُنحت وتُصقل أياما بالمطرقة والإزميل“.

وتابعت: ”تُدار الرحى عكس عقارب الساعة، ويمكن التحكم بدرجة خشونة الحبوب المطحونة بزيادة كميّة الحبوب أو إنقاصها“.

2022-09-079485

وتنتظر سينم خليل (45 عاما)، جارتها خديجة لتنهي عملها على الرحى حتى تتمكن بدورها من طحن حبوبها،

تقول سينم لـ“إرم نيوز“: ”منذ القدم لم تتوفر الرحى الحجرية في كل المنازل، وفي القرى البعيدة عن المطاحن الكبرى، كانت الجارات يجتمعن ويتشاركنها لطحن حبوبهن“.

وأضافت أن ”الرحية عادت لمنازل السوريين، بعد غيابها لسنوات طويلة، نتيجة توقف المطاحن الحديثة عن العمل وانقطاع الكهرباء ومادة الديزل، بالإضافة لغلاء الأسعار في ظل الأوضاع الراهنة“.

وأشارت أن ”المطاحن غير متوفرة في العديد من القرى وبلدات المنطقة، وإذا توفرت فأجورها فوق القدرة المالية لعائلتي؛ لذلك أفضّل استخدام الرحى، رغم صعوبتها، كما تستغرق جهدا ووقتا طويلا، لكنه أوفر اقتصاديا“.

ولفتت أنه ”قبل الحرب، لم يعد أحد يستخدم الرحى، وباتت من الأدوات التراثية، قبل أن تأتي الحرب وتعيدها إلى الواجهة من جديد، ليكون سببا في توفر ما نقضي فيه حاجاتنا المنزلية، الخاصة بإعداد الأكلات الشعبية“.

وترى أن ”الحرب أعادت الحياة إلى الكثير من الأدوات والمهن، التي باتت مهنا وأدوات تراثية، قبل أن تعيدها الظروف الاقتصادية والخدمية“.

وتتمنى سينم أن تتحسن الأحوال الاقتصادية، لترتاح النسوة الريفيات من الأعمال الشاقة، خاصة في ظل الوقت الذي يواكب فيه العالم العصر التكنولوجي والتطور الصناعي، وفقا لقولها.