الرئيسية / كتاب الموقع / انا والتايواني والفساد

انا والتايواني والفساد

انا والتايواني والفساد

بسام السلمان

في احدى السنوات اقترح عليّ صديق كان رئيسا لقسم السير ان اعمل مع رقباء السير كصديق للشرطة، وقال لي نعطيك دفتر مخالفات تستطيع مساعدتنا في تسجيل مخالفات السير على الذين يتجاوزون القانون والتعليمات، الصديق كان همه تنظيم حركة السير في المدينة والقضاء على ظاهرة الفوضى المرورية وخاصة السيارات التي بلا نمر والتي تشكل خطرا كبيرا على حياة المواطنين.

ذكرني الصديق بالرجل التايواني الذي لم يكن له شغلة ولا مشغلة غير رصد المخالفات والإبلاغ عنها، وبدأت الفكرة تختمر في رأس صديقنا قبل عامين عندما غرم لإلقائه عقب سيجارة وهو يقود دراجته البخارية، وتصادف تصوير أحد المارة له وإبلاغ إدارة حماية البيئة عنه.
وفكر الصديق التايواني في أن بإمكانه فعل الشيء نفسه للحصول على مال، كما ينص القانون التايواني على تكريم من يثبت تورطه في بصق أو إلقاء قمامة من مركبته، أو متجاوز للسرعة، أو قاطع للإشارة، أو متوقف في موقف غلط، أو متكلم بالتلفون وهكذا، ثم حصول الشخص المبلّغ على ربع قيمة الغرامة.
وقام بتركيب كاميرا في مقدمة دراجته لالتقاط صور المخالفات وهو يجوب الشوارع، وعندما يلاحظ أي مخالفة يلتقط لها صوراً ويسجل رقم اللوحة المعدنية، ثم يرسل الصور مع توضيح زمان ومكان حدوث المخالفة.
وعلى مدار عامين أبلغ عن آلاف من المخالفات، وحصل على مبالغ مجزية، إلى درجة أنه اشترى شقة مفروشة، وكون له رصيداً بالبنك، واستقال من عمله الذي لا يساوي راتبه فيه ولا 5 % من رصده للمخالفات.
وعلى مقدار ما أبلى بلاء حسناً في رصده وتقديم خدماته، ما كان من المسؤولين إلا أن يكرمّوه، ويمنحوه شهادة تقدير، وأصبح مشهوراً تتناقل صورته الأخبار ووسائل التواصل الاجتماعي.
وللأسف أن شهرته كادت تقتله، حيث تعقبه البعض ممن أبلغ عن مخالفاتهم، كمنوا له في أحد الشوارع للانتقام منه، وعندما أحس هو بالخطر سرعان ما بعث موقعه للشرطة، الذين وصلوا في الوقت المناسب قبل أن يقضوا عليه، ونقلوه على وجه السرعة إلى المستشفى.
ومن ذكائه وتوقعاته، كان قد أمن على نفسه تأميناً كبيراً، لهذا عوضوه عما أصابه.

ترى لو عملت مع اصدقاء الشرطة هل احصل على جزء من المخالفات التي سوف ارصدها، وهل سيتم معاملتي معاملة خاصة مثلا بالسماح لي بالاصطفاف المزدوج وقطع الاشارة الضوئية حمراء والسواقة بعكس حركة السير ورمي مخلفات الطعام والقمامة من شباك السيارة وان اتجاوز السرعة القانونية بدون ان ترصدني الكميرات، واذا علم الجيران والاصدقاء والعاملين في السوق الذي يوجد فيه مكتبي انني من يسجل بحقهم المخالفات هل يتركونني بحالي؟ لا اظن اقلها سيطلقون عليّ لقب الفساد كما اطلق اهل ام الطنافس هذا اللقب على عادل او عويدل الفساد.

حمانا الله واياكم من العمل كفسادين او فاسدين او مفسدين.