إيمان

بسام السلمان

اسمها ليس إيمان، رغم انها تحمل في قلبها ايمانا كبيرا، ايمانها اولا بربها الذي خلقها والذي يميتها والذي يدخلها الجنة بإذنه تعالى، وايمانها بمن هم حولها، من احبها ومن كرهها او بين بين، وايمانها بأن الحياة جميلة يجب ان نعيشها رغم ما مر بها من ظروف قاسية جدا جعلتها في سابق ايامها تفكر بالانتحار لولا مخافة الله سبحانه وتعالى، وإيمانها بأن اطفالها سيكبرون يوما ويعوضونها عن كل الصعوبات التي مرت بها وعن الظروف القاسية التي عاشتها خاصة ممن هم حولها.

كانت وما زلت فتاة جميلة، وربما يكون جمالها هو من زاد همها، فلقد تزوجت وهي طفلة، ولانها طفلة فانها لم تفهم ماذا يعني الزواج، وماذا يعني ان تشارك الزوج ادارة البيت والاسرة، ولانه كان مثلها فقد عانت الامرين، فلم تجد من يسندها عندما كانت تميل باتجاه السقوط، فهو كان طفلا تزوج طفلة.

عندما تقدم لخطبتها عن طريق امه، فرحت جدا وكأن احد ما قدم لها ملابس للعيد او دمية تلهو بها، كانت ابنة الخامسة عشر وكان هو يزيد عن عمرها سنتين او اقل، ولانها كانت يتيمة الام فلقد سارع كل من حولها الى مباركة زواجها وكأني بهم يريدن التخلص منها ووأدها حية بحجة الفرح وان العريس ” اللقطة ” وانه فرصة لا ولن تعوض. ولقد كنت سعيدة جدا خاصة عندما ذهبت برفقة زوجة ابيها وام العريس والعريس نفسه بالطبع كان معهم، عندما ذهبوا الى محل بيع الذهب واشتروا لها بالف دينار زينت بها يديها وعنقها، وزاد فرحها عندما لبست فستان العرس، قالت لها صاحبة محل بيع الفساتين وتأجيرها :  “ثمنه غالي ولا يستحق ان تشتريه وتلبسيه مرة واحدة وترميه”.

تلك الطفلة التي كبرت وتعبت وكانت تنتظر الفرح، الفرح الذي غاب عن حياتها طويلا، كان يسندها ويشد من ازرها ايمانها بالله اولا ثم بأن الحياة تستحق ان نعيشها وان السعادة ستأتي ولو بعد حين.

إيمان، وهذا ليس اسمها، تعيش الان في دار لايواء العجزة، احتفلت هذا العام بعيد الام او يوم الام ويوم العجزة وعيد الفطر وعيد الاضحى وعيد الميلاد وعيد راس السنة الهجرية والميلادية وكل اعياد الوطن والعالم، احتفلت بهذه الاعياد كلها وهي تجلس بالقرب من نافذة غرفتها المطلة على باب دار العجزة تنتظر احد ما يقول لها كل عام وانت بخير يا امي.