الرئيسية / كتاب الموقع / الطاعة وقاية

الطاعة وقاية

د. بسام العموش

٤١/ قال تعالى ” قلنا يا نار كوني بردا” وسلاما” على ابراهيم ” إنه الخالق الذي خلق السنن في هذا الكون، ومنها أن النار تحرق ، والذي وضع فيها هذه الخاصية سحبها منها ، إكراما” للمطيع الداعي أبي الأنبياء إبراهيم عليه السلام الذي واجه الباطل المنتفش والذي أُسقط في يده حيث صارت النار بردا” وسلاما” على ابراهيم.

٤٢. وقال تعالى ” فلولا أن كان من المسبحين للبث في بطنه إلى يوم يُبعثون ” نعم ها هو مطيع آخر عبر عبادة الذكر، يُسبح ربه وينزهه ويعظمه ويلجأ إليه وهو في ظلمة بطن الحوت ، فلا يرده ربه حيث يحول الحوت من حيوان مفترس طاحن هاضم إلى قارب نجاة يحمل عبده يونس عليه السلام وينقله في الباص السريع إلى الشاطئ، وتتوالى الأوامر الربانية بأن ينبت عليه شجرة من يقطين لتظلله حتى لا تحرق الشمس جسده المملح . إنها حماية ورعاية الله لعبده المطيع.

٤٣. وقال تعالى ” ولتصنع على عيني ” فها هو الوليد الضعيف موسى عليه السلام يطارده جند الطاغية فرعون بينما هو تحت رعاية الله في صندوق خشبي تلاحقه نظرات أخته لتعرف أين سيوصله قدر الله . وما أن وصل إلى قبالة قصر الطاغية حتى تحرك قلب امرأة فرعون بأمر من الله ” وألقيت عليك محبة مني ولتصنع على عيني” فالله هو الحافظ وهو المقدر وهو من يبعد عنك الشرور فاذكره وتوكل عليه وأحبه.

٤٤. وقال عز وجل ” ألم يجدك يتيما” فآوى” نعم كان محمد عليه السلام يتيما” لم ير والده ولم يعش في حضن أمه إلا بعض الوقت ، في بيئة التفاخر بالآباء والقبلية والعزوة ، فوالده مات وهو جنين ، وليس له أخ واحد ، وعمه الذي ضمه رجل فقير ذو عيال ، لكن الله آوى محمدا” ورعاه ، ولأنه يتيم أوصاه باليتيم ” فأما اليتيم فلا تقهر ” وبين أن من يدُع اليتيم سيدعه الله يوم القيامة ” يدع اليتيم…” ” يوم يدعون إلى نار جهنم دعا” ” فكل عوامل الضعف متوفرة لكن الله رب الكون خالق الإنسان اصطفى هذا اليتيم ليكون خاتم النبيين ورحمة الله للعالمين ، يزيل دينه حضارة الفرس “عابدة النار” وحضارة الروم ” الوثنية” ، وينقل العرب من قبائل غزو وتشرذم إلى ” أمة ” حضارية تتبنى العلم والبناء والإنسانية وتحمل رسالة لا مثيل لها ، أناس كانوا يدفنون المرأة إلى أناس يتعلمون من المرأة ويفرحون لمجيئها . أناس كانوا يبيعون البشر إلى محررين للبشر ” كلكم لآدم وآدم من تراب ” وكل ذلك على يد هذا اليتيم .

انها رعاية الله التي يجب أن نستشعرها ونحياها . اقترب من الله يكن الله معك ، ابتعد ستجد نفسك مكشوفا” حتى لو وصلت إلى مقام فرعون وهامان وقارون . سيزول عنك كل شيء والعبرة على أي شيء كنت وماذا فعلت ، وجمال الاسلام أن باب الله مفتوح للتوبة :
تب قبل موتك بيوم
وبما انك لا تدري متى تموت
فكن دائما” تائبا” ، فالله ينتظرك