الرئيسية / انتخابات / المعايطة : الناس لا تصدق الانتقال للعمل الحزبي.. وأصحاب المصالح ضد الإصلاح..وأحزاب ستنقرض

المعايطة : الناس لا تصدق الانتقال للعمل الحزبي.. وأصحاب المصالح ضد الإصلاح..وأحزاب ستنقرض

الرمثانت

في المناورة السياسية والتكتيك مع الحزبي الأردني والوزير العريق موسى المعايطة أقرب لصيغة إبحار مع ثنائية «الخبرة والصراحة» خصوصا عندما يتعلق الأمر بـ«شاهد رئيسي ومشارك حيوي في صنع الحدث» عبر اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية أو عبر موقعه لسنوات في وزارة التنمية السياسية.

وهو «شاهد» انتقل فورا لرئاسة الهيئة المستقلة لإدارة الانتخابات المشرف الدستوري على «الأحزاب السياسية والانتخابات» في البلاد وبالتالي في موقع الإشراف المباشر على «الولادة الجديدة للأحزاب السياسية» في البلاد ومن منطلق تشخيصي شفاف وواضح وواقعي.

 

التقت « المعايطة عدة مرات وفي أكثر من مناسبة، لكن الحديث الأخير تركز على منظومة الأحزاب الجديدة والواقع والخريطة والتحديات.

 

وفي ما يلي نص الحوار.

○ لك قول مأثور إبان نقاشات تحديث المنظومة السياسية «نفتح صفحة جديدة ونمضي للأمام» ما الذي تقصده بهذا السياق وهل فتحت الصفحة الجديدة؟

•نحن الآن تجاوزنا النقاش والتوافق وحالة التشاور الوطني وفتحت صفحات جديدة فعلا.

نحن في الاشتباك الفعلي الآن وما كنا نقصده ونقوله دوما إن كثرة الجدل والتجاذب وتصارع الآراء وتزاحم الاجتهادات انتهت مرحلتها، وإن واجبنا المضي إلى الأمام كأردنيين. وأزعم ان ما حصل تطور لافت، فالنقاشات والمشاورات انتهت بوثيقة أو بوثائق مرجعية واليوم ثمة قوانين جديدة للأحزاب والانتخابات وعملية تحديث المنظومة السياسية منشغلة وفعالة وتستقطب قواعد اجتماعية ونخبوية والصفحة التي كنا نألفها في الماضي طويناها لنفتح جديدة ونتطلع إلى المستقبل والأمام.

○ لكن ثمة آراء تبدو غير متحمسة للخطوات التي اتخذت حتى الآن؟

•هذا طبيعي إلى حد ما، لكن في التوافقات الوطنية لا تستطيع عموما الوصول إلى صيغة ترضي أفقيا الجميع، وفي العمل السياسي الوطني نتحدث اليوم عن مقايضة وطنية قد يخسر فيها البعض من أجل الصالح العام وصالح الكل وهذا حصريا ما نقصده بالمضي إلى الأمام وفتح صفحة جديدة وكل المقاربات في منظومات الإصلاح السياسي يعمل ويجتهد فيها البعض لصالح الكل.

ولا بد من تذكيركم بأن الجديد والتطوير بطبيعة الحال يحظى بمن يراقبه في المجتمع وأحيانا يحظى بخصومات وترافقه مساحات تردد وتشكيك، لكن العملية انطلقت وتمضي قدما الآن والعمل الحزبي شهد نقلات نوعية والأمل كبير في أن نحصل كأردنيين جميعا على جرعات كافية من الحماس برفقة نضج التجربة وتطويرها.

○ أشرت إلى وجود تشكيك وتردد أحيانا وخصومة طبيعية لعملية التحديث والتطوير؟

•طبعا ونعم..يحول ببساطة إلى خصم لا تجربة من لا يفهمها ومن كانت له مصالح من أي صنف وفقا لتقاليد الماضي يمكن ان يتحول إلى خائف على دوره وبالتالي إلى خصومة محتملة مع المشروع.

وأضف إلى مثل هؤلاء نماذج أخرى موجودة في المجتمع يفترض ان يبدد مخاوفها النضج والالتزام، فعاجلا أو آجلا علينا كما قلنا ان نمضي إلى الأمام.

مثلا من لم يألف العمل الحزبي الحر ومن لا يعرف عنه يمكنه أن يخاصمه إلى أن تتغير قناعته ومن لا يحب أن تتطور معرفته يمكنه أن يخاصم أيضا.

○ نحتاج بمعيتكم بعض التفصيل هنا؟

•ما أقصده عموما أن التحديث والتطوير خصوصا في العمل الحزبي والمنظومة السياسية قد يهدد بعض الوقائع والمكتسبات بالنسبة لبعض الناس. فبعض الأحزاب القديمة مثلا لا يعجبها التحديث وبعضها يعلم مسبقا أنه على حافة الانقراض والبعض يحبطنا تحت عنوان ضرورة عدم الاستعجال، وثمة أصحاب مصالح لا يعجبهم الإصلاح السياسي ولا يريدونه وقناعتهم أكيدة بأن الأمور في البلاد جيدة وفعالة بدون الإصلاح السياسي أو بدون أحزاب حاكمة يمكن ان تقلص تلك المصالح وتحصل على مساحتها.

○ حتى داخل أروقة القرار والحكومة والسلطة يقال بان بعض مراكز القوى تعيق مسيرة التحديث السياسي.

•لنتحدث هنا بأمانة وصراحة: أروقة القرار مهمة لكن طبعا يوجد بعض القناعات في مستويات وظيفية وإدارية مختلفة يفضل أصحابها ان لا يتحمسوا ويتحدثوا عن عدم الاستعجال.

لكن هذه الأطراف ليست بموقع إعاقة المشروع الذي حظي بكل التوافقات المؤسسية وتجاوز التشاور وتحول إلى رؤية وطنية فيها أقصى دلالات الإرادة والغطاء السياسي، وقد يصلح إذا كنا صريحين الاشارة إلى «تدخل فقط» وليس إعاقة وتقديري أن ذلك سينخفض هنا وهناك مع الوقت.

وعلينا أن نفترض في مستويات العادات الإدارية وبعض الموظفين إنه ليس الجميع يفهم بعد ما تقرر وما يجري ويحتاج لوقت إضافي حتى يفهم ويصحح موقعه في الخريطة الوطنية.

وليس سرا أن القيادة العليا والمرجعية تحدثت علنا مع جميع الأردنيين بوضوح في هذا المحور بما في ذلك تفصيل معايير بقاء المسؤول بعد الآن والذي سيرتبط بقدرته الواقعية على الإلتزام بمسارات التحديث الثلاثية.

من المراقبة إلى الحماية

يتفق المعايطة مع الإشارة التي ألمحت لها عندما يتعلق الأمر بتحول مراكز القرار الرسمي من الحياد أو قلة الحماس أو الفتور وفي بعض الأحيان التدخل السلبي في تطوير العملية السياسية إلى مستوى حماية مشروع تحديث المنظومة الذي تم التوافق عليه.

ويتفق مع القول إن حماية التحديث ينبغي ان تصبح واجب الجميع لا بل لا يختلف مع القول بان العقيدة الإدارية في بعض المؤسسات مطلوب منها أن تقفز إلى مستوى الرؤية والمشروع وبدلا من التردد والفتور أو أي نمط من التدخل يمكن الانتقال إلى مستوى عقيدة تشتبك وتحمي مع الإشارة إلى أن ذلك يحتاج طبعا إلى المزيد من الوقت.

ولا ينفي المعايطة ما تردد حول شخصيات نافذة من خارج مؤسسات القرار الرسمي ولها نفوذ وشبكة مصالح في السوق تتخذ موقفا سلبيا من مسار التحديث.

ذلك شمل أحيانا ولا يريد المعايطة التعليق هنا التواصل مع سفارات غربية في محاولة لإقناعها بأن الأمور في المملكة تسير بدون إشكالات وبانه لا مبرر للاسترسال بمقولة الإصلاح السياسي.

○ نريد إجابة مباشرة على السؤال التالي: إذا تقدم حزب الشراكة والإنقاذ بطلب تصويب أوضاعه لدى الهيئة فهل سيحصل على الرخصة القانونية؟

•إذا تقدم الحزب المذكور بالورق الصحيح والمطلوب لتصويب أوضاعه وفقا لمقتضيات القانون لا أملك أنا أو الهيئة أصلا إلا منحه الترخيص المطلوب وبصرف النظر عن ما يقال هنا أو هناك بخصوص أحزاب بعينها، لا بد من تأكيد التالي باسم الهيئة المستقلة لإدارة الانتخابات أن القانون يحكم الهيئة بالمعيار والنص وبالتالي جوابي على سؤالكم مباشر أيضا: نعم إذا قام الأخوة في حزب الانقاذ والشراكة أو غيره بالخطوات القانونية المطلوبة سيحظى بالرخصة القانونية دون أن يكون لي خيار معاكس.

○ ماهي برأيكم المشكلات التي تواجه بعض التيارات الحزبية التي لا تزال خارج إطار المنظومة وتحديثها وفقا للقانون؟

•هذا سؤال عمومي ولا أعلق عليه بحكم الوظيفة أو بإسم الهيئة.

لكن دعني أقول ومن ملاحظاتي الشخصية الرصدية ليس أكثر أن الأحزاب عموما لا تبنى أو تؤسس على الغضب بل على البرامج وبالتالي جاهزيتها تتأثر بهذا المفصل المحوري، وعلى الأحزاب ان تنضج تحت عنوان زيادة قيمتها التصويتية وسط المواطنين والناخبين أما القوانين فهي واضحة وتطبق كمسطرة على الجميع، ومن جهتي وبالخبرة بعض التيارات الحزبية عليها ان تفسح المجال لنفسها أكثر لكي تنضج بعيدا عن الغضب وفي تلك اللحظة قد يكون وضعها أفضل.

○ ماذا عن حزب جبهة العمل الإسلامي وتحضيراته القانونية من جهتكم كهيئة؟

•الحزب موجود وجزء من نسيج الخريطة الحزبية ومن جهتنا قام بكل الخطوات المطلوبة في نطاق القانون وهذا فقط الجزء الذي يهمنا في الهيئة.

○ واحدة من إشكالات المنظومة الحزبية الجديدة هي القول بأنها ستنتهي بعدد محدود من الأحزاب المتفوقة والأساسية والتي ستحظى بدورها بالمقاعد الحزبية في البرلمان؟

•دعونا هنا نتحدث عن الوقائع، ففي كل الدول الديمقراطية أحزاب صغيرة أو تجارب حزبية وزوايا لا زخم لها بالانتخابات، وفي نفس الدول التي سبقتنا في التجربة طبيعي بنحكي عن 4- 5 أحزاب أساسية، بتقديري هذا شيء طبيعي وينبغي ان لا يغضبنا.

النضج ونظرة المجتمع

يبتسم المعايطة وهو يشير إلى ان أحد الأحزاب الشيوعية العريقة في دولة أجنبية قيمته العددية تزيد عن 4 ملايين إنسان لكن في الانتخابات عندما حصلت حظي 2 في المئة من المقاعد.

ويتصور المعايطة أن وظيفة البرنامج السياسي المقنع للناس ولجمهور الناخبين هو الأساس في العمل الحزبي والأفضل للجميع التركيز على ذلك.

فأنت عليك أن تقنع الناس وتستقطب الناخبين ثم تدخل في عملية إدارة وحكم سيحاسبك عليها لاحقا جمهورك.

وهو يتفق ضمنا مع القول إن نظرة المجتمع الأردني لم تنضج بعد للأحزاب السياسية وإن المجتمع أحيانا لا يهتم بمشروع التحديث الجديد وينتج عن ذلك ما يسميه بعض المحللين بظاهرة العزوف عن الانضمام للأحزاب.

والسبب برأي المعايطة أن الناس عموما لا تصدق أن البلاد بصدد الانتقال للعمل الحزبي فعلا، والبعض لا يستوعب والنظرة للحزب تنتمي إلى تراثيات الماضي وعلى أساس ان الحزب يتمحور حول زعيم وسياسي وما بين برنامج حزبي سياسي يتألف من سطرين فقط وآخر شمولي تام يمكن رصد العديد من المحطات والمفارقات. وظيفة الحزب برأي المعايطة أن يشكل حلقة وسطى تستعد لانتخابات.

وتلك وظيفة لا تحتاج لمفكرين وفلاسفة ولعمالقة وزعماء كما يفترض كثيرون، فيما النظرة الضيقة تلك التي تفترض أن الحزبي ينبغي ان يكون مثقفا أو «نهفة زمانه» أو فيلسوفا ومفكرا وان البرلماني ينبغي ان يكون زعيما أو عملاقا والتجارب تقول لنا إن أحزاب خبراء صغيرة وخالية من الزعامات حكمت وقدمت ما لديها في بعض التجارب الديمقراطية الغربية.

○ لكن على سيرة العزوف: الأعداد المسجلة في الهيئة حتى الآن قليلة جدا قياسا بالطموحات والبعض يتحدث عن نحو 20 ألفا من المواطنين فقط سجلتهم الهيئة في عضوية القديم والجديد؟

•أغلب التقدير أن التجربة الأولى مهمة جدا والتدرج مطلوب وقناعات الناس قد تتغير ويزداد العدد لاحقا وما دمنا في البداية أرى أن شرط العدد لا يعني الكثير، واقتراحي هنا الانتباه والتركيز على التفاصيل والتعامل بجدية مع تطوير المنهجية والمبادئ والملامح العامة بدلا من التركيز على عدد الأعضاء المسجلين.

○ لكن كيف ستقود مشروعا وطنيا بهذا الحجم بمثل تلك الأعداد المسجلة؟

•بصراحة مسألة عدد الأعضاء لا تقلقني، فالعدد قابل للتطور مع الوقت والأهم برأيي هو القدرة على جمع أصوات الناخبين وليس عدد المسجلين في عضوية الحزب.

○ سمعنا تعبير عن وجود أحزاب أنابيب بمعنى التدخل في تصنيع بعض الأحزاب؟

•إذا كان تعليقكم سؤالا فجوابي مختصر، القانون واضح والساحة مفتوحة ومن يتحدث عن أحزاب الأنابيب فليتفضل ويتحفنا بحزب لا علاقة له بالأنابيب.

واقتراحي كان من البداية على بعض الأخوة السياسيين المسترسلين في التشكيك أن بإمكانهم تعديل النكهة وتصويب المسيرة والاشتباك إيجابيا. فبدلا من الانتقاد عليهم الذهاب إلى تأسيس أحزاب لتحقيق إضافة نوعية، وأنا شخصيا لست مع نظرية المؤامرة هنا وأميل إلى أن بعض المشككين خصوصا من السياسيين المعروفين لم تتوفر لديهم القدرة بعد على استيعاب ما يجري خلافا لأن بعض الأخوة كانوا لعقود من رموز المرحلة العرفية.

يختم المعايطة بمفارقة يقول إنه لا يفهمها بعد فكرتها أن المسؤول أو السياسي السابق ينبغي أن لا يلتحق بالعمل الحزبي وسبب ذلك برأيه «خطأ شائع» في التقدير فكرته أن الشارع لن يفهم بعد أن الحزبي لا يعني بالضرورة المعارض.

وفي المسافة الفاصلة ما بين الانطباع والاحتمال ثم اليقين، يختم المعايطة بثلاث قناعات يرى شخصيا أنه متأكد منها وهي أولا: القرار السياسي نهائي، ثانيا: لا خيار أمامه كمواطن إلا تصديق المشروع، وثالثا: ضروري أن يصدق الجميع وأن يحبوا تصديق ما يجري.القدس العربي