الرئيسية / كتاب الموقع / الاحزاب … ومستقبل الحزبية

الاحزاب … ومستقبل الحزبية

النائب السابق ياسين بني ياسين

بدأ التحضير للانتخابات النيابية القادمة، وبدأ بعض الناس (وليس كل الناس) يستعدون لها كل بما يناسبه: جهاتٍ رسميةً حكومية، وأحزابًا، ومنظمات مجتمعية، وعشائر، ومرشحين، ومتابعين مهتمين.

والحديث عن الانتخابات النيابية ذو شجون، يأخذ مناحيَ كثيرةً واتجاهاتٍ مختلفةً قد تصل حد التباين والتوتر والخلاف، وربما الشحناء، لا قدر الله.

ومن المواضيع التي يتطرق إليها المهتمون هو حضور الأحزاب، فرديًّا وجمعيًّا، على الساحة الانتخابية هذه المرة، هذا الحضور الذي سيكون أوضح وأكبر وأكثر وأوسع وأعمق من الحضور في أي مرة سبقت. والسبب في هذا كله هو أن وجود الأحزاب السياسية في عامنا هذا يجد دعمًا من المسؤولين الرسميين، ويلقى اهتمامًا ومتابعةً منهم، كما لو لم يكن عندنا أحزابٌ قبل هذا الموسم. والحديث هنا ما زال عن “الساحة الانتخابية” فقط.

فهناك آراء واجتهادات وتوقعات يتحدث بها المتابعون المهتمون عن مدى الحضور الذي سيفرضه كل حزب على الساحة الانتخابية. وهناك أسئلة يطرحونها عن حظ كل حزب من هذه الأحزاب في عدد المقاعد التي سيمنحها الناخبون له. وأنا هنا أفترض حسن النوايا، ولن أبعد كثيرًا في شكوكي وعلامات الاستفهام التي تتوارد إلى مخيلتي، لأنّ «بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ». والشكُّ والارتيابُ والتساؤلُ قد تكون لها بالظن صلة وثيقة ودرجة عالية متقدمة من القُربي. والحمد لله أنه، سبحانه وتعالى، قال «بَعْضَ الظَّنِّ» ولم يقل “كلَّ الظَّنِّ”.

ولا بد هنا من قول شيء ذي مساس وثيق بهذه التوقعات والآراء. فأعداد المقاعد الحزبية وتوزيعها أمران مهمَّان، ولا شك. لكن أليس الأهم هو الدور الذي ستؤديه الأحزاب السياسية في الحياة العامة الأردنية بعد ١٠ أيلول ٢٠٢٤ م؟ وهل دور الأحزاب في اتخاذ القرارات المفصلية في كل المجالات وعلى كل المستويات سيكون حينذاك جوهريا (main)، أم هامشيَّا (marginal)، أم اسميًّا (nominal)؟

أنا شخصيًّا لن أكون إلَّا متفائلًا جدًّا (very optimistic). ولم أكن إلا متفائلًا في كل موقف على هذا المستوى. ومن هذا الإحساس بالتفاؤل الذي يغمرني، أؤكد لكم أن دور الأحزاب في تلك الأيام سيكون في إطار الخيار الأخير، ولن يخرج منه. والفتاوى والأسباب والمبررات موجودة. وهذه الفتاوى وأخواتها ستطل علينا جميعًا بوجوهها الجميلة في الوقت المناسب: بعد ١٠ أيلول ٢٠٢٤ م، لكن بإرهاصات ومقدِّماتٍ قبل ذلك اليوم التاريخي الذي أتمنى أن يكون مشهودًا.

وللإخوة الحزبيين والمهتمين بالحزبية الجديدة (neopartisanship) أقول: أرجو أن تؤخروا عتبَكم عليَّ فيما أقول إلى ان يأتيَ الموعد الذي أتحدثُ وتتحدثون ويتحدث الغيرُ عنه.

الأحزاب السياسية مهمة! والأهم من الأحزاب السياسية هي الغاية التي نشأت هذه الأحزاب من أجلها.

الأربعاء ٢٢ شوال ١٤٤٥ هجرية
الموافق ١ أيار ٢٠٢٤ ميلادية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *