الرئيسية / كتاب الموقع / ثلاثة أسباب لتأخر نجاح مجالس المحافظات (اللامركزية)

ثلاثة أسباب لتأخر نجاح مجالس المحافظات (اللامركزية)

* المحامي أسامة المستريحي

رئيس اللجنة القانونية مجلس محافظة اربد

 

بداية لا بد للقارئ أن يعلم مفهوم هذا المصطلح (اللامركزية) حيث أن الكثير من الناس والكثير من مديري الدوائر التنفيذية وقد يكون البعض ممن هم أعضاء في مجالس المحافظات لا يعي ماهية اللامركزية، وهذا السبب الأول من أسباب تأخر النجاح، حيث ان الحكومة قد قصرت في توعية الناس ونشر هذه الثقافة التي تعتبر بالنسبة لهم جديدة لكنها ليست حديثة، ومن الممكن أن نلخص مفهوم اللامركزية بحالتها المطبقة في الأردن بجملة (إدارة الموازنة الرأسمالية للمحافظة وتنفيذها ومتابعتها دون الحاجة المطلقة للرجوع الى الوزارات ودون الحاجة لتوقيع أي صاحب صلاحية في مقر الوزارات المركزي العاصمة عمان)، وقد تكون شبيهة بالنظام الفدرالي المطبق في الامارات العربية المتحدة لكنها ليست فدرالية وينقصها الكثير لكي تكون كذلك، حيث أن رقابة وسلطة مجالس المحافظات تنحصر في الموازنة الرأسمالية المحددة ضمن سقوف من دائرة الموازنة العامة ومثال اللامركزية البسيط أن تتخيل نفسك داخل بيتك ولك ثلاثة أولاد لكل منهم غرفة مستقلة ولكل منهم مصروفه الشهري، هم احرار داخل غرفهم، لكن حسب دستور البيت لايحق لهم تناول الطعام الا على مائدة الطعام المشتركة ولا يحق لهم طلب الزيادة على المصروف، وإن تزوجوا وخرجوا لبيوتهم المستقلة يكونوا قد تحولوا الى (مركزيتهم هم) و(لامركزية على أولادهم في غرفهم وعلى مصروفهم) وأصبحت انت بوصفك الأب والجد داخل النظام الكونفدرالي الشبيه بنظام الاتحاد الأوروبي.

وتبسيطا أكثر ان كل محافظة على مستوى الأردن يوجد بها مجلسين اثنين، الأول منتخب وهو مجلس المحافظة والثاني هو المجلس التنفيذي الذي يرأسه المحافظ وأعضاؤه هم المتصرفين ومدراء الدوائر الخدمية كالأشغال والمياه والصحة وغيرها.

مهمة المجلس التنفيذي اعداد الموازنة والدراسات والتخطيط للمشاريع، ومهمة مجلس المحافظة إقرار الموازنة ومتابعة المشاريع والرقابة على المجلس التنفيذي، وذلك حسب ما جاء في قانون الإدارة المحلية الذي نعي أن نصوصه مفيدة بحالتها التي هي عليها في هذه المرحلة،الا أن القانون بالمجمل بحاجة إلى بعض المراجعات وكذلك بحاجة إلى اصدار التعليمات التي اوجبها القانون لتساعد على تنفيذه ولم تصدر لغاية اليوم تقاعسا من الجهات صاحبة الصلاحية وهذا السبب الثاني من أسباب تأخر النجاح.

اما السبب الثالث في تأخر النجاح فهو بكل اسف ناجم عن عدم تطبيق ما هو مفيد بالتشريع، ومثال ذلك ان التشريع قد تضمن تفويض صلاحيات كل وزير وامين عام خدمي للمدير التابع لوزارته في كل محافظة فيما يتعلق بموازنة المحافظات، وان التشريع أيضا قد تضمن نقلا لصلاحيات كل من وزير المالية والوزير المختص بإصدار أوامر صرف السلف المالية لتنفيذ مشاريع المحافظات كلا حسب نظام وزارته لرئيس مجلس المحافظة ولنائب رئيس مجلس المحافظة ، الا اننا ولغاية اليوم لم نشهد أي تطبيق على ارض الواقع فيما يتعلق بتفويض صلاحيات الوزراء للمديرين التنفيذين التابعين لهم في كل محافظة ولم نشهد أيضا انه قد تم ممارسة صلاحيات رئيس مجلس المحافظة ونائب رئيس مجلس المحافظة بوصفهم قد نقل اليهم صلاحيات كل من وزير المالية والوزير المختص والأمين العام فيما يتعلق بالموازنة الرأسمالية للمحافظة

ومازلنا نسمع الجملة المعتادة ( بنستنى رد الوزارة او موافقة الوزير او الأمين العام ) وهذا بنتيجته ادى الى تغول الوزرات بمديرياتها على مجالس المحافظات وادى الى عدم تنفيذ المشاريع المقرة للمحافظة او تأخرها والى عدم تنفيذ الجزء الأكبر من مشاريع الموازنة الرأسمالية.

وقد يجد البعض بأن التجربة مازالت في بدايتها ولا بد لها في يوم ان تنجح، الا انه وبالمقابل نجد ان التشريعات المقننة لمجالس المحافظات (اللامركزية) قد تضمنت منذ بدايتها (تفويض الصلاحيات ونقلها).

وفي الخلاصة إن إنجاح التجربة يتوقف على (الرغبة في التنفيذ والتطبيق) والا سوف تلفظ التجربة انفاسها الأخيرة التي تستمدها من انفاس جلالة الملك التي تبقي الامل مفتوح للنجاح بإصراره على تطبيق الرؤيا وتقدمها وتمكينها وخير دليل على ذلك ما تحدث بها جلالته اثناء لقائه برؤساء مجالس المحافظات ورؤساء البلديات مشدداً على(أن اللامركزية لن تنجح إن لم يكن لها دور مالي قوي وان مجالس المحافظات هي المفتاح لأي تطوير وخاصة الإصلاح السياسي وانه يجب تقوية المجالس على الأرض).