الرئيسية / كتاب الموقع / القمة العربية، بداية مشجعة ؟؟

القمة العربية، بداية مشجعة ؟؟

 

د. عدنان سعد الزعبي

 

انعقدت القمة العربية بنسختها ال32 في جدة ، وشهدنا تطورات جديدة و، وذكاء في الطرح والتعامل ، جاءت بعد تمهيدات جماعية نشطة ومدروسة، نفذت من بعض الدول العربية لللإنطلاق نحو اهداف و عناوين جديدة وجريئة منها : عودة سوريا ضمن اطار وحدة الامة ، روسيا وأكرانيا ، القضية الفلسطينة باعتبارها قضية العرب الأولى . جنبا الى جنب مع التعامل الصادق والجاد هذه المرة مع حال الامة العربية وتوحيدها وتوقيف نزيفها سيرا باتجاه الوحدة كقوة سياسية واقتصادية وحضارية فاعلة . تستطيع أن يكون لها شأن كبير في تطورات الواقع العالمي .

فهل كانت هذه القمة بداية سياسية عربية جديدة ، وحرص عربي بامتياز ؟، وهل في ذهن الفكر المنظم لهذه القمة وبهذه الاستراتيجية الذكية التي بدأت ملامحها تظهر بتوقيعات سعودية مصرية اردنية عراقية ، بدعم هذا التوحيد بخطة مارشال عربية يشعر فيها الجميع بالرضا والنتائج الملموسة للوحدة العربي ، فبدون نتائج ملموسة ، سيعود الإحباط العربي كالسابق .

وكما آمن الأردن في إطلاق المبادرة العربية للتعامل مع قضية فلسطين وبالذات من اخلال السعودية في بيروت 2002 كدولة قادرة على طرح مثل هذه المبادرة، فان السعودية هذه الأيام من افضل الدول العربية قدرة وإمكانية وفكفي خضم ما يشهده العالم من تطورات ، ، وتأهيلا على قيادة الامة نحو الطموح العربي وتطلعاته ، خاصة بعد التجربة الناجحة التي اظهرتها بالتعامل مع اقطاب الكرة الأرضية، ووجود مشاهد محفزة قامت بها الأردن ومصر والعراق في توحيد التكامل العربي وأبعاد حالات الهيمنة التي تحاول بعض دول الإقليم ممارستها ، فالسعودية ادركت مدى الدور العظيم الذي يمكن أن تلعبه الامة العربية اقتصاديا وسياسيا وجوسياسيا ، وفي إطار الامة العربية الموحدة ، التي ابدى العديد من زعمائها ضرورة بروز السعودية كقوة جديدة قادرة أن تؤدي دورا أكبر على المستوى الدولي من خلال المضلة العربية التي تدفع باتجاه تحقيق الأهداف . حيث بدى واضحا أن أولى الخطوات كانت الوحدة التي تضفي مبدأ القوة ، وإيقاف النزيف الصراعي الذي يحدث بلا مبرر غير مصلحة مراكز القوى العالمية والاطماع الصهيونية وبعض الأطراف بالمنطقة . ، الاستنزاف المادي الذي اضعف موازنات الدول الغنية في المنطقة وانهك الدول المتوسطة والفقيرة ، مؤخرا مشاريع التنمية والإصلاح والتطوير التي تريدها الامة للنهوض والتطور، أصبحت مشاهد واضحة صرخت بها الشعوب وطالبت بإنهائها . لإنهاء حالة التمزق الذي يحرص عليها أعداء الامة . أدركت السعودية أن الصراع في اليمن وفي سوريا وغيرهما في الدول العربية لا طائل منه ، وكل هذه الحروب والصراعات لا يمكن أن تؤدي إلا لدمار الدول وشعوبها ، وفائدة لتجار السوق العسكري ، واستنزاف كبير لموارد الدول ودورها في التنمية والتطوير وهذا بدورة قوى من موقفها على الساحة الدولية ،.

لقد عملت القيادة السعودية منذ فترة ليست بالقصيرة على دراسة الفكر الدولي واستراتيجياته التي تصنع قراراته والتعامل مع الدول العظمى بذكاء وحنكة وتحت مظلة عربية وإسلامية خاصة مع أمريكا وروسيا والصين ، ودخلت الى مثلث برمودا وأكتشفت اسراره ،وعرفت كيف يتحول الدور العربي الى دور فاعل لا أداه بيد الآخرين . فالسعودية عضو في دول العشرين ، والمتحكم الأول مع روسيا في أسعار النفط العالمية، ولديها القدرة على التحكم بأسعار أوبك ، وبدأـ قوتها عندما رفضت مطالب بايدن في زيادة الإنتاج ، واتفقت مع روسيا حماية الأسعار ، وتحمل أمريكيا وأروبا مساوىء ما صنعت أيديهم . معلنة التغير في طريقة التعامل مع الدول الكبرى عندما احضرت زعماء روسيا وأمريكيا والصين وعرضت الخطة التفاعلية الاقتصادية والنفطية ووضعت شروطها بكل وضوح وبمضلة عربية إسلامية .

ما قامت به السعودية، بالتوافق مع نشطاء السياسة والدبلماسية من الدول العربية ،توجيه رسالة للعالم بأسره بأننا قادرون ، بما نتمتع به من موارد وميزات وتاريخ ووحدة قادرون على أن يكون للأمة كلمتها ودورها على مختلف الصعد.

بتوحيد الامة وإعادة العراق لعهده وسوريا للبناء من جديد واليمن وليبيا والسودان الى دول منظمة حرة منتجه قوية . وإعادتها لنبض القلب العربي انما خطوة رائدة تتناسى الخلافات وتقدم مصلحة الامة على المصالح الفردية . ها هي قمة العرب وزعمائه الشباب اليوم توجه رسالة للعالم الغربي ، بخطوة ذكية وجريئة لم نعهدها من قبل بدعو الرئيس الاكراني وبخطاب يؤكد فيه على دور الأمة العربية في الدعوة للسلام العالمي واستقراره وعدم هيمنة الدول الكبرى وظلم الآخرين ، برهانا على الموقف العربي الموحد ، ورفض العرب لأي احتلال بالقوة ، خاصة وان العرب عانوا من إسرائيل برفض كل القرارات الدولية .

السعودية تمضي فيفلسفة القمة إعادة الاستقرار للمنطقة . بدعوتها ايران للحديث المباشر ، بعيدا عن الوسطاء ، والوقوف على المشاكل لمعالجتها خاصة وأن ايران تعاني، فشعبها ينقض عليها ، وسط العزلة الدولية ، والواقع الاقتصادي المر . والتكاليف التي تدفعها في اليمن ولبنان وسوريا والعراق. جنبا الى جنب ادراكها لأهمية ما تقوم به مصر والأردن من انقاذ العراق من محاولات ايران ، وابقائها في الصف العربي وقطع الطريق على ايران من كل محاولاتها عزل العراق عن أمته وأختراق سوريا وبناء امجاد وهمية ،بالضبط كما فعلت السعودية بموضوع اليمن لإنقاذ اليمن من محاولات الهيمنة الإيرانية . الفكر الاستراتيجي السعودي استفاد من التجربة العراية الأردنية المصرية وباشر بالخطاب المباشر مع ايران لإنقاذ المنطة من أطماع الطامعين بها . بتغذية الصراعات الإقليمية لاضعافها وتنفيذ مخططاتتهم بها .

أن إعادة اللحمة العربية ، وإعادة الحياة لسوريا ولحضن الامة العربية، يقطع الطريق على الطامعين بها شمالا وجنوبا ، وإعادة اللاجئين السورين للمشاركة في بناء الدولة من جديد ، فالمتبصر للخطاب الملكي الأردن( الذي تبنى مشروع عودة سوريا باجتماعات عربية ممهدة في عمان) . الذي طالب بإيجاد حلول سياسية ترضي الجميع في سوريا ، مشيرا الى دستور عادل جديد ، وضمانات للاجئين السوريين عند العودة، ، فالنظام السوري ادرك ، أن العودة للصف العربي يعني إعادة القوة لسوريا وتغطية اجواءه بما يمنع استهدافه والإساءة اليه من الدول المحيطة غير العربية ، هذا مع عقد الترتيبات اللازمة لانهاء الوجود العسكري الإيراني في سوريا ، باعتبار ذلك يشكل تهديدا دائم ولا تقبله هذه الدول، هذا إضافة للاستحقاقات التي تريدها ايران من سوريا لمواقفها معها ، وسوريا تدرك ذلك .. فالنظام السوري بأمس الحاجة للتصالح مع شعبه والأمة العربية والانتباه بشكل كامل للتنمية والتطوير لتعويض خسارة ما حصل والوصول الى وضع تعيد دورها وأهميتها وهيبتها في المنطقة .

الواضح أن الزعماء تحدثوا بصراحة ووضوح وحددوا أولويات الامة على الصعد كافة باستراتيجية اكدت على قضيتهم الأولى _ فلسطين ، وعلى الوصاية الأردنية على القدس لاستمرار حماية المقدسات من أطماع الصهيونية في الحكومة الإسرائيلية ، وعلى انهاء الصراعات وعودة اللحمة ، وبناء المنظومة الاقتصادية للاعتماد على الذات ، وتخليص الامة من التبعية التي حرمتهم حتى إرادة التعبير . ، وممارسة قوة الوحدة لتحقيق الأهداف والحقوق العربية .