الرئيسية / كتاب الموقع / جبهة داخلية أقوى و فلسطين البوصلة

جبهة داخلية أقوى و فلسطين البوصلة

 

الدكتورة روان سليمان الحياري

يأتي خطابُ جلالة الملك في خضم ما تشهده الأراضي الفلسطينية من انفجار مأساوي و أحداث تصعيد خطير وعنف وعدوان كنتيجة محتمة لغياب أفق الحل السياسي العادل للقضية الفلسطينية، والانزلاق نحو صراعات دموية حجتها وجودية! لنصعق كل يوم بأخبار أبشع الجرائم الانسانية من قتل و تشريد و ترويع للابرياء واغتيال حقوقهم الانسانية، لن يخدم التصعيد أياً كان و لن يؤدي الا الى اندلاع المزيد من دوامات العنف والحروب و التشريد في المنطقة بأسرها.

 

تقف دول المنطقة والمجتمع الدولي اليوم أمام استحقاقٍ إنسانيّ وأمني وسياسي يتطلب تحركاً عادلاً فورياً لتكثيف الجهود الدولية لوقف التصعيد في غزة ومحيطها ومنع تدهور الأوضاع وتوسّعها إلى الضفة الغربية و دول الجوار و انعكاس ذلك كله على الأبرياء من أطفالٍ و نساءٍ حكم عليهم قسراً بتعطيل حقوقهم الانسانية أو تهجيرهم تحت أية مساومات معلنة وغير معلنة فالايام القادمة حبلى بالكثير!

 

مواقف الاردن العربية و القومية واضحة في جميع المحطات والمحافل الدولية، دعى الاردن دوماً لضرورة الحل السياسي العادل للاشقاء الفلسطينيين والحفاظ على الوضع التاريخي والقانوني القائم في المقدسات الإسلامية والمسيحية بالقدس، وتأكيد دورالوصاية الهاشمية و بعدها الاستراتيجي تحسباً لما حصل و سيحصل!

 

حزينة على قتل و تشريد الابرياء و العزل، لا شك في ضرورة فتح ممرات إنسانية عاجلة لإدخال المساعدات الطبية والإغاثية إلى قطاع غزة، وأهمية حماية المدنيين الأبرياء ووقف التصعيد ، إن ترحيل الأزمة إلى دول الجوار من خلال محاولة تهجير الفلسطينيين من الأراضي الفلسطينية أو دفعهم للنزوح لن تفضي الا الى مفاقمة أزمة انسانية حقيقية.

 

نحتاج كأردنيين -أكثر من أي وقت مضى لتمتين جبهتنا الداخلية لتكون صلبة منيعة، أمام أية تحديات تتعلق بأمن الوطن وسيادته، والمضي بخطى بنَّاءة ثابتة في فصل متجدد من حياة الاردن الحديث السياسية، خيار قوتنا فيه ديموقراطي بامتياز-بفضل حكمة جلالة الملك- أردن أكثر قوة و منعة وحداثه بمشروعه التحديثيّ الوطني السياسي و الاقتصادي و الاداري المستجيب للظروف والمتغيرات والتطلعات، في مسيرة بناء لانضاج مرحلة سياسية وطنية هامة نحو حزبية برامجية لها خطط عمل اقتصادية وادارية حقيقية تترجم إرادةَ شعبٍ طامحٍ وعاملٍ لغد أفضل، تتظافر فيه الجهود الشعبية و تلتفُ فيه المؤسسات و القوى الوطنية حتى لا نخذل الوطن! أما نشامى الجيش العربي و الاجهزة الامنية درع الوطن الحصين والجنود الاوفياء، فانتم مضرب المثل في الاخلاص والعطاء.

 

لن يزيدنا خطاب جلالة الملك كدماء جديدة من نساءٍ و شباب آمنَّا بمشروع التحديث الوطني السياسي؛ إلَّا إصراراً على المزيد من البذل و العطاء لنكون طاقة التغيير الخلاّقة التي يحتاجها الوطن رغم كل التحديات -عملاً لا قولاً-جديرين بالثقة الملكية الغالية، ماضون بعزيمة لن نسمح فيها باغتيال أحلامنا في غدٍ أفضل لنا و لابنائنا، و سنقف سداً منيعاً خلف قيادتنا الهاشمية في وطنٍ لا يعرف إلاَّ دروب النجاح في محيط ما كانت تحدياته عبر التاريخ إلَّا صعبة ومستمرة، شاهدة كيف كنَّا نخرج منها في كل مرةٍ أقوى!