الرئيسية / كتاب الموقع / حرب الإعلام في “طوفان الأقصى”

حرب الإعلام في “طوفان الأقصى”

نبيل غيشان
نجحت حركة المقاومة الإسلامية حماس في السيطرة على المشهد الإعلامي في اللحظات الأولى لانطلاق (عاصفة الأقصى) حيث ترافقت البندقية والصاروخ والكاميرا في تسجيل الأهداف والأحداث وفرض إيقاعها وحقيقتها على جيش الاحتلال وداعميه وكانت هي المصدر الوحيد للمعلومات والصور عن سير المعركة في كل وسائل الإعلام.

لكن الماكينة الإعلامية للعدو سرعان ما عملت على تشويه الحقائق وإطلاق الأكاذيب (عن مشاهد قطع رؤوس الأطفال الإسرائيليين وحرقهم) والتي تلقفتها الولايات المتحدة الأمريكية على مستوى الرئيس جون بإيدن ورئيس لجنة الشؤون الخارجية في الكونجرس والإعلام الأمريكي الذي لم يجد سوى صور أطفال غزة ضحايا العدوان لنشرها على اعتبار أنها لأطفال إسرائيليين.

وللأسف فات حماس أن تستغل إعلاميا عدة أحداث مهمة في الحرب التي تخوضها على مستوى العالم للرد على حملات التشويه المتعمدة التي تتبناها مؤسسات إعلامية عالمية لها وزنها. فمثلا لم تعرض الفيديوهات وجه الأسيرة الإسرائيلية ووجه أطفالها وهم يغادرون الى بيوتهم فرحين ولم نستمع لكلمة منها بعد الإفراج عنها وكيف عوملت في غزة؟ وماذا حملها رجال المقاومة من ماء وملابس وحلويات لأطفالها؟

أيضا لم يستفد رجال المقاومة إعلاميا من الاستهداف العشوائي للطائرات الإسرائيلية لبيوت غزة والذي أدى الى مقتل العديد من الأسرى الإسرائيليين ومنهم عسكريون، وكان الأجدى أن تظهر صور رجال الدفاع المدني الفلسطيني وهم ينتشلون جثث الإسرائيليين الذين قتلتهم طائرات الاحتلال، مع ذكر أسمائهم وربما بث رسائل من بقية الأسرى يناشدون أهلهم العمل على تجنيبهم الموت المحتوم بقنابل طائرات جيشهم.

لا بد من التركيز الإعلامي على إنذارات جيش الاحتلال لتهجير أهالي غزة وهي جريمة حرب يعاقب عليها القانون الدولي، واستهداف الاحتلال للمستشفيات ومنها المستشفى العسكري الأردني وسيارات الإسعاف وقتل الشهود من الصحفيين والمصورين.

المطلوب اليوم من رجال المقاومة على الأرض، رغم صعوبة المهمة، ضبط التصرفات الفردية والصور التي تخرج من الميدان ويمكن أن تسيء للمقاومة والتركيز بالصورة والصوت والمعلومة على ما يخدم المعركة ويرد كيد أعدائها. ومطلوب من كل الصحفيين والإعلاميين والمؤثرين الفلسطينيين والعرب على وسائل التواصل الاجتماعي التصدي لحملة التشويه الصهيونية الدولية ببث الصور الحقيقية من ارض قطاع غزة ومعاناة أطفالها ونسائها وشيوخها، حتى لو اضطررنا لنشر صور أشلاء الضحايا ودمائهم ومعاناتهم.

اليوم المواجهة العسكرية لا تجري على ارض قطاع غزة ومحيطها فقط، بل نشاهدها في وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي وعلى رأسهم الأمريكي الصهيوني مارك زوكربيرغ مالك منصتي فيسبوك وانستاغرام، ونشاهد حذف كل المواد والفيديوهات التي تبين الحقيقة والإبقاء على رواية الاحتلال التي تنحاز لصالح الجلاد ضد الضحية.

الحرب الإعلامية على رجال المقاومة شرسة وقذرة وممنهجة، وقد كشفت منصة (أيكاد) العربية المختصة في تقديم رؤى مفصلة حول سلوكيات مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي عن وجود لجان الكترونية إسرائيلية تعمل في اغلب الدول العربية وخاصة المغرب والسعودية ومصر والأردن مهمتها التأثير على المجتمعات العربية وضربها من الداخل لصالح الرواية الإسرائيلية.

وتقول منصة (أيكاد) التي تحلل وتراقب وسائل التواصل الاجتماعي وتفحص وتكشف الوهمي منها إن لجانا الكترونية وهمية تنشط في بعض الدول العربية تنشر معلومات كاذبة للتأثير على الرأي العام.

يجب الاشتباك الدائم أكثر مع الأعداء على وسائل التواصل الاجتماعي وتبني خطاب أنساني يركز على أن وجود الاحتلال للأراضي الفلسطينية هو سبب مباشر لعدم الاستقرار والأمن والمعاناة في منطقة الشرق الأوسط. وان لا حل إلا بجلاء الاحتلال والاعتراف بقرارات الشرعية الدولية وإقامة دولة فلسطينية حقيقية.