الرئيسية / كتاب الموقع / لا حماس بل فعلها الذي هز أمريكا وإسرائيل

لا حماس بل فعلها الذي هز أمريكا وإسرائيل

 

د. عدنان الزعبي

قلنا سابقا ، بأن الموقف الأمريكي الصارخ وتحشيده للحلفاء الغربيين وبمواقف صارخة معادية لابسط المبادئ التي تقوم عليها دولهم وفلسفتهم الفكرية نحو الحق والحقوق، والإنسانية ونصرة المظلوم ، والإصلاح والتعايش السلمي وحماية كرامة البشر، لنجد انفسنا أمام حقائق مذهلة أساسها غياب كل هذه المعايير أمام مصالح هذه الدول وهدفها الاستراتيجي المبني على الهيمنة المطلقة على هذه المنطقة وبروز تهديدات تنذر بتغير الواقع الذي طالما خططت اليه أمريكيا منذ الحرب العالمية الثانية وسلبها للدور الذي رسمته بريطانيا وفرنسا بعد اتفاقية سان ريمو .

الدعم الجنوني الأمريكي لإسرائيل ، وهذا الزخم السياسي والعسكري الذي فرضته منذ السابع من أكتوبر لم يكن أسبابه فصائل حماس أو حتى هجمات حماس بمقدار ما يتمثل في الاثار التي خلفتها تجاه الدولة الصهيونية وتهديدها بالزوال . فتدخل أمريكا المبالغ به كان هدفه إعادة التوازن للدولة الصهيونية التي أصابتها صعقة في دماغ الدولة خلخلت كل عناصر البقاء ، وحطمت كل ما تم صناعته لفرض نمطية القوة ، والجبروت والردع لإسرائيل في المنطقة . حالة الغثيان والهرب والخوف ،والهلع وفقدان التوازن ، اثبت للقاصي والداني هشاشة هذا الكيان ، وضعف أرادة مواطنيه وجيشه وعدم انتماء اهله له خاصة وأن الشعب الإسرائيلي جاء ليحضى بفرص افضل وليس لتقديم روحه ثمنا لارض ليست له أولحزب يتنافس اعضاءه على المطامع والمنافع والمصالح ! وبالتالي اكذوبة الجنة التي سيعيشها اليهودي في إسرائيل.

ادراك أمريكيا لهذا الواقع وبالتالي الخطر المحدق على وجود إسرائيل تطلب التدخل السريع لاعادة تثبيت هذه الدولة المصطنهة ولملمة فلولها ولو بالقوة ، لانها أدركت ، أن ما فعلته حماس مجرد بداية لانهاء دولة إسرائيل وخسران حليفتها الأولى ، ومركز مصالحها في المنطقة كونها دولة الردع ، والبعبع الذي صنع من أجل السيطرة على الشرق الأوسط بأكمله .

فامريكيا تدرك بأن جبهة غزة وجبهة الضفة وجبهة ال48، وجبهات أخرى يمكن تشارك وتنقض على إسرائيل وأنهاء وجودها ، وبالتالي تحطيم الأستراتيجية الامريكية في المنطقة ، خاصة وأن العرب الذين يتخذون من أمريكيا حليفا لاسباب أمنية وعسكرية و اقتصادية و سياسية سيجدون أنفسهم أمام فرصة لا تعوض للتخلص من مشكلة العرب الأولى والمتمثلة بإسرائيل وبالتالي القيام بأدوارهم التي تتطلبها شعوبهم .

تدرك أمريكيا أن حلفاءها التقليديون في الشرق الأوسط وخاصة المؤثرين ، لم يعودوا متلهثين في البقاء في الحضن الأمريكي الذي يستولى على مقدراتهم ، ويسيء لكرامتهم ولا يحترم العلاقات معهم ولا يقدرهم في مواقفه في قضايا الشرق الأوسط وخاصة في القضايا العربية ، هذا مع اكتشافهم للعبة الامريكية في سياسة فرق تسد وزرع داعش وتحطيم الدول العربية وجيوشها لغايات اكبر تسمح بالتمدد الإسرائيلي والسيطرة على المنطقة بأكملها . هذا إضافة لبروز قوى عالمية أخرى اقتصادية وعسكرية قادرة على الاحلال واستبدال للدور الأمريكي في المنطقة ، ونحن على مقربة لما فعلته المملكة السعودية بالتقارب أولا مع ايران لإنهاء الخلاف السياسي وتبعاته . ومع روسيا في تنظيم برنامج الطاقة العالمي ، ومع الصين في التحالف الاقتصادي الكبير والبدء في توظيف الثروات ..الخ . فاتفاق بريكس هز مراكز صنع القرار الاستراتيجي الأمريكي ، ومستقبل القوة العظمى في المنطقة .

الوقوف مع إسرائيل اصبح عند الامريكان حاجة أولى واستراتيجية تضاعفت أركانها مع تطورات التحولات الجديدة ، فكيف بها وهي تشاهد الدولة الأساس في منطقتنا وأملها حاضرا ومستقبلا تنهار ؟ خاصة بعد تصدع الجبهة الداخلية ، وانهيار الإرادة والعزيمة والعقيدة القتالية لكل الجنود والضباط ـ تحت شعار جديد مفاده : إسرائيل لم تصبح الجنة التي يحلم بها الانسان ولم يصبح التفكير المستقبلي بوجودها موجود ؟. فلنكلن وليود أوستن وجنيرالات الحرب الامريكان هم الذين اجبروا الأحزاب على تشكيل حكومة حرب وحاولوا انعاش الحياة في نفوس السياسيين والجيش في إسرائيل . ؟

ما يرعب الامريكان الذين هم من يدير الساحة السياسية والعسكرية في إسرائيل الآن ، هذا الجبروت عند حماس واستمرارها برشقات الصواريخ واستعدادها لحرب طويلة ، والاحتفاظ بالرهائن رغم كل هذا الدمار والقتل ، والمحاولات الاستخبارية والتكنلوجية للتعرف على مواقعهم ، والاكاذيب التكنلوجية التي يخرجونها الإسرائيليين بين الفينة والأخرى لتبرير ما يفعلون من دمار شامل . باستخدام اعتى الأسلحة الفتاكة والمحرمة دوليا . وما محاولاتهم الدخول الجزئي لغزة إلا دليل على عدم التيقن من سلامة العملية البرية ، التي ستنقلهم مرة أخرى الى أيام الفلوجه ، وأفغانستان بل اشد فتكا .

ما يخيف الامريكان الآن هذا المحور الإيراني والروسي ودخول حماس للتوالف لجبهة جديدة تدعمها مواقف دولية صاخبة من الصين وكوريا الشمالية وشعوب الامتين العربية والإسلامية ، والشعوب الغربية التي كشفت الحقيقة وايقنت الكذبة التي تسوقها عليهم الحكومات ووسائل الاعلام المتبنية للوجهة الامريكية الإسرائيلية . ، والأكاذيب المكشوفة التي أصبحت وسيلة نتنياهو الذي لا يعرف كيف يرثي كل الفتوق في سياسته ومورثها الذي حطم إسرائيل .

ولعل السؤال المطروح أمامنا بإلحاح ، والمتعلق بالمواقف العربية التي اجتهدت فقط بالتعبير عن المها وشجبها واستنكارها ، ، سؤال يطالب بالمواقف العملية التي يجب أن تبين جدية العرب في إيقاف المخطط الأمريكي الإسرائيلي في أنهاء القضية الفلسطينية بترحيل الفلسطينيين ، وأولى هذه المواقف الوحدة في الموقف والعمل ، والتكامل السياسي والاقتصادي الذي سيوفر السبل للإستغناء عن كل الاتفاقيات مع إسرائيل ، والتهديدات التي تواجهها الدول العربية ، أو التي اصطنعت لابقائنا تحت القبضة الامريكية . فالشيعي والسني هم مسلمون ربهم واحد وقرءانهم واحد ورسولهم واحد . فلماذا لا يصبح الشرق الأوسط اروبا الجديدة . نعم هذا ما يزعج أمريكيا وهذا ما جعلها مصرة على كسر كل القيم والأعراف والقوانين الدولية للأبقاء على إسرائيل فهل نعي هذه الحقيقة