الرئيسية / من هنا و هناك / أوجه التشابه والاختلاف بين الهجرة واللجوء والنزوح

أوجه التشابه والاختلاف بين الهجرة واللجوء والنزوح

الرمثانت

تلتقي المصطلحات الثلاثة (الهجرة والنزوح واللجوء) في معنى مغادرة مكان الإقامة والاستقرار، لكنها تختلف عن بعضها بعضا من حيث أسباب المغادرة والتوصيف القانوني والآثار المترتبة عن ذلك. وتعد ثلاثتها من أكثر القضايا والمشاكل التي واجهت المجتمع الدولي منذ قرون خلت.

مفهوم الهجرة
عرف لسان العرب الهِجْرَةُ والهُجْرَةُ وجذرها “هجر” بأنها “الخروج من أرض إلى أرض… وسمي المُهاجِرون مهاجرين لأنهم تركوا ديارهم ومساكنهم التي نشؤوا بها”. وأضاف أن “كل من فارق بلده من بدوي وحضري أو سكن بلدا آخر فهو مهاجر والاسم منه الهِجرَة”.

وتُعرَّفُ الهجرة اصطلاحا حسب السياق الذي ترد فيه، فتعني بالمعنى الشرعي هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه من مكة إلى المدينة، وهجر المحرمات وتركها.

وتعني في أدبيات علم السكان (الديمغرافيا) حركة سكانية، فالهجرة انتقال إرادي وطوعي بصورة فردية أو جماعية من موقع إلى آخر بحثا عن وضع أفضل اجتماعيا أو اقتصاديا أو دينيا أو سياسيا.

وقد تكون الهجرة داخلية من الريف إلى الحضر أو من إقليم إلى آخر داخل الدولة، أو هجرة خارجية، أي انتقالا من دولة إلى أخرى ومن قارة إلى أخرى.

أما وكالة الهجرة التابعة للأمم المتحدة (آي أو إم) فتعرّف المهاجر بأنه “أي شخص ينتقل أو انتقل عبر حدود دولية أو داخل دولة بعيدا عن مكان إقامته المعتاد، بغض النظر عن الوضع القانوني للشخص، وما إذا كانت الحركة طوعية أو قسرية، وما أسباب الحركة أو مدة الإقامة”.

تاريخ الهجرة
عرفت البشرية منذ القدم حركة سكانية كبيرة من بلد إلى آخر، ومن قارة إلى أخرى لأسباب اجتماعية عائلية أو اقتصادية أو علمية أو سياسية أو أمنية، وزادت وتيرة الهجرة في العقود الأخيرة.

وقَدَّرت المنظمة الدولية للهجرة، في تقرير لها، الهجرة العالمية لعام 2020 بنحو 272 مليونا على مستوى العالم، بزيادة 51 مليونا عن عام 2010.

وذكر التقرير ذاته أن ثلث العدد المذكور من العمال المهاجرين، وأن المهاجرين الدوليين يشكلون 3.5% من سكان العالم عام 2019.

الإطار القانوني للهجرة
تؤطر الهجرة قوانين تحدد القواعد والأسس التي تنظم الهجرة الخاصة بالمواطنين، سواء خارج حدود الدولة أو للأجانب الداخلين إليها بغرض الإقامة.

ونصت المادة 13 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على أنه “يحق لكل فرد أن يغادر أي بلاد بما في ذلك بلده، كما يحق له العودة إليه”.

وفيما يلي أبرز المعاهدات الدولية التي تمنح الحماية القانونية للمهاجرين:

– الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري.

– العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.

– العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.

– اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة.

– اتفاقيات منظمة العمل الدولية التي تحمي الحقوق العمالية وحقوق العمال المهاجرين.

– البروتوكولان الملحقان بالاتفاقية الدولية لمناهضة الجريمة الدولية العابرة للحدود، المتعلقان بالاتجار بالأشخاص وتهريبهم.

– أحكام الاتفاقية بشأن الأشخاص الذين لا يحملون جنسية دولة ما لعام 1954.

– اتفاقية انعدام الجنسية لعام 1961.

– اتفاقية حقوق العمال المهاجرين وأسرهم لعام 1990 ودخلت حيز التنفيذ عام 2003.

أعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 2000 يوم 18 ديسمبر/كانون الأول يوما دوليا للمهاجرين. كما أبرمت المنظمة الدولية للهجرة عام 2016 اتفاقا مع الأمم المتحدة لتصبح إحدى الوكالات المتخصصة التابعة لها.

ويشكّل الاتفاق العالمي من أجل الهجرة الآمنة والمنظمة والنظامية، أول اتفاق حكومي دولي أُعد تحت رعاية الأمم المتحدة واعتمد يوم 10 ديسمبر/كانون الأول 2018 لتغطية جميع أبعاد الهجرة الدولية بطريقة كلية وشاملة.

تعنى عدة مؤسسات وهيئات تابعة للأمم المتحدة بالهجرة، وهي:

– المفوضية السامية لحقوق الإنسان والهجرة.

– المفوضية السامية لحقوق الإنسان والحق في الجنسية.

– المقرر الخاص المعني بالمهاجرين.

– اللجنة المعنية بالعمال المهاجرين.

– المقرر الخاص المعني بالمشردين داخليا.

اللجوء
عرف لسان العرب اللجوء ومصدره “لجأ” بـ”لجأ إلى الشيء والمكان يلجأُ لجأ ولجوءا، ولجأ ولجئ لجأ والتجأ”، وزاد ألجأ، أي استند، و”ألجأه إلى الشيء: اضطره إليه، وألجأه عصمه”.

وورد في معجم اللغة العربية المعاصر “التجأ الشَّخْصُ إلى المكان لجأ إليه؛ قصَده واحتمى به، اعتصم به لتوفير الحماية والطُّمأنينة”.

ويعرف القانون الدولي اللاجئين بأنهم “الأشخاص الذين يجبرون على ترك بيوتهم خوفا من الاضطهاد، أفرادا أو جماعات، لأسباب سياسية أو دينية أو عسكرية أو لأسباب أخرى”. ويختلف تعريف اللاجئ اعتمادا على الوقت والمكان.

ووسّعت معاهدة اللاجئين عام 1951 تعريف اللاجئ بأنه “من خرج بسبب مخاوف حقيقية من اضطهاد بسبب عرقه ودينه وجنسيته وانتمائه إلى طائفة اجتماعية معينة أو ذات رأي سياسي، وتواجد خارج البلد الذي يحمل جنسيته، ويكون غير قادر أو بسبب هذه المخاوف غير راغب في الاعتماد على حماية دولته أو العودة لبلده بسبب المخاوف السابقة”، وهو التعريف الذي تعتمده المنظمات الدولية.

اللجوء ظاهرة قديمة
عرفت الإنسانية اللجوء منذ القرون الأولى من التاريخ المسيحي، وتصاعد خاصة في القرن الرابع الميلادي، وكانت الكنائس مقصد اللاجئين وملجأهم وملاذهم طلبا للحماية من الإمبراطورية الرومانية. وقد عمل رجال الدين المسيحيون على استصدارِ قانون للجوء عُرف بـ”قانون اللجوء المسيحي”.

وتوجد في الشريعة الإسلامية أحكام خاصة بمفهوم الأمان والجِوار (من أجار يجير، أي جعله في جواره وحمايته)، وهي صفة تُمنح لغير المسلمين، ويُسمح لهم بموجبها بدخول دولة الإسلام وضمان أمنهم ما داموا فيها.

وحق اللجوء، صفة قانونية قوامها حماية تُمنح لشخص غادر وطنه خوفا من الاضطهاد أو التنكيل أو القتل بسبب مواقفه أو آرائه السياسية أو جنسه أو دينه.

وشهدت أوروبا في ثلاثينيات القرن العشرين موجات لجوء واسعة لليهود من ألمانيا والنمسا بسبب اضطهاد النازية لهم، وبعد نكبة 1948 شُرد الشعب الفلسطيني بسبب مجازر الاحتلال الإسرائيلي واضطر لدروب اللجوء الطويلة.

ودفع الغزو الأميركي للعراق عام 2003 ملايين العراقيين إلى اللجوء إلى بلدان الجوار وأوروبا والولايات المتحدة، وعقب اندلاع الثورة السورية عام 2011، هُجِّر ملايين السوريين بسبب القمع والحرب، واضطروا للجوء إلى تركيا وأوروبا، مشكلين أزمة لجوء لم تشهدها القارة منذ الحرب العالمية الثانية.

وأدت التغيرات المناخية الكبيرة على كوكب الأرض لظهور نوع جديد من اللجوء هو “اللجوء المناخي”، حيث لم تعد مناطق متعددة من العالم -خاصة في المحيط الهادي والهندي والساحل الأفريقي- صالحة للسكن لارتفاع منسوب البحار والمحيطات أو لارتفاع شديد في معدلات الحرارة أو ندرة المياه، مما يهدد الملايين عبر العالم باللجوء.

ويعيش أكثر من 59.5 مليون شخص في حالة فرار من النزاعات المسلحة والاضطهاد في جميع أنحاء العالم، وذلك بسبب عرقهم أو دينهم أو جنسيتهم، فلم تعد بيوتهم تشكل ملاذا آمنا لهم كما لم تعد حكوماتهم توفر لهم الحماية. ويعد مخيم داداب في كينيا (460 ألف شخص) أكبر مخيم للاجئين في العالم.

الإطار القانوني للجوء
يوفر القانون الدولي الحماية للاجئين، وتتحمل مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين المسؤولية في ذلك، مع ضمان حصول اللاجئين على حقوقهم في طلب اللجوء وتلقي المساعدات من أغذية ومأوى ورعاية طبية. وتحدد مجموعة من الاتفاقيات الدولية والإقليمية المعايير الدولية للحماية منها:

المادة 14 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لعام 1948 باعتباره أول وثيقة دولية تقر بالحق في طلب اللجوء من الاضطهاد والحصول عليه.

معاهدة جنيف بخصوص حماية الأشخاص المدنيين في وقت الحرب لعام 1949 وخاصة المواد 44 و70.

المادة 73 من البروتوكول الإضافي الأول لمعاهدات جنيف بخصوص ضحايا النزاعات الدولية المسلحة لعام 1977، وتنص على حماية الأشخاص الذين كانوا يعتبرون قبل نشوب الأعمال العدائية دون دولة أو لاجئين.

معاهدة الأمم المتحدة للاجئين لعام 1951، التي اعترفت بمشاكل اللاجئين في العالم.

المواد 2 و12و13 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية لعام 1966.

بروتوكول بخصوص وضع اللاجئين لعام 1967، الذي وسّع مفهوم الحماية أمام الأشخاص الذين أصبح بوسعهم طلب

التمتع بوضعية اللاجئ، وأزال القيود الجغرافية والزمنية المذكورة في معاهدة اللاجئين الأصلية.

وتعضد مجموعة من الاتفاقيات الإقليمية والدولية المبرمة في إطار الاتحادين الأوروبي والأفريقي ومنظمة الدول الأميركية، الاتفاقات السالفة الذكر من قبيل المعاهدة الناظمة لنواحي معينة لمشاكل اللاجئين في أفريقيا عام 1969، وإعلان قرطاجنة (بإسبانيا) حول اللاجئين عام 1984.

ومن أبرز الحقوق التي يتمتع بها اللاجئون الحصول على أوراق إثبات هوية ووثائق سفر تمكنهم من السفر خارج البلد، والمعاملة كمعاملة مواطني الدولة التي تستقبل اللاجئين من حرية ممارسة الدين والتعليم الديني والحصول على السكن والتعليم والحصول على المساعدة القضائية وحماية حقوق الملكية الفردية والحق في تملك العقارات وممارسة مهنة والمساواة في المعاملة من قبل سلطات الضرائب.

مفهوم النزوح
عرف لسان العرب النزوح ومصدرها “نزح” بـ”نزح الشيء ينزح نزحا ونزوحا: بَعُدَ.. ونُزِحَ بفلان إذا أبعد عن دياره غيبة بعيدة”.

ويُعرّف النزوح اصطلاحا بأنه حركة الفرد أو المجموعة من مكان إلى آخر داخل حدود الدولة رغما عن إرادة النازح بسبب مؤثر خارجي مهدد للحياة، كالمجاعة أو الحرب أو الجفاف والتصحر أو أي كوارث أخرى، تدفع النازح إلى مغادرة موقعه والتوجه إلى موقع آخر طمعا في الخلاص من تلك الظروف.

كما يُعرف النازحون بأنهم “الأشخاص أو مجموعات من الأشخاص الذين أجبروا على هجر ديارهم أو أماكن إقامتهم المعتادة فجأة بسبب صراع مسلح أو نزاع داخلي، أو انتهاكات منتظمة لحقوق الإنسان أو كوارث طبيعية أو من صنع الإنسان وهم لم يعبروا حدود أي دولة معترف بها دوليا”.

ويعد النزوح بما هو انتقال قسري ﻟﻸﻓﺭﺍﺩ من مناطقهم أو بيئتهم وأنشطتهم المهنية، شكلا من أشكال التغيير الاجتماعي.

النزوح في أرقام
النزوح هو الآخر ظاهرة قديمة، وشهدها العالم بشكل متزايد في القرون الثلاثة الأخيرة، وزاد عدد النازحين داخل بلدانهم أكثر من أي وقت مضى بسبب تزايد الصراعات والنزاعات المسلحة، وكذلك الكوارث الطبيعية والمجاعات والتغيرات المناخية.

وحسب مجموعة البنك الدولي حتى عام 2023 يوجد نحو 60 مليون شخص شردوا قسرا إما كلاجئين ويقدرون بـ19.5 مليونا، أو نازحين ومشردين داخليا ويقدرون بـ38.2 مليونا، أو طلاب لجوء ويبلغ تعدادهم 4.6 ملايين.

وتؤكد المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن عدد النازحين داخليا يشكل حوالي 60% من عدد اللاجئين حول العالم، وأن أغلبية النازحين يبقون داخل بلادهم. ويعتبر هذا الرقم الأكبر منذ الحرب العالمية الثانية.

ويعيش أكبر عدد من النازحين داخل سوريا، ويعادل حوالي ثلث عدد السكان وأكبر نسبة نزوح في العالم. وتأتي بعد سوريا كولومبيا واليمن وأفغانستان، والكونغو الديمقراطية وإثيوبيا.

وتسبب المناخ عام 2021 بنزوح 23.7 مليون شخص داخل بلادهم، وكانت النسبة الكبرى من النزوح في الصين والفلبين والهند. غير أن النازحين لأسباب مناخية غالبا ما يعودون بسرعة لمناطقهم الأصلية.

الإطار القانوني
لا توجد منظمة دولية مكلفة بحماية النازحين، وتم توسيع تفويض مفوضية شؤون اللاجئين لتمكينها من الإشراف على المساعدات في مخيمات النازحين. ويتولى مكتب الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة منذ عام 1997 تنسيق المساعدات المقدمة للنازحين.

وشكّل الأمين العام للأمم المتحدة فريقا رفيع المستوى لمتابعة أزمات النزوح الداخلي ومعالجتها، خصوصا في ظل عدم وجود اتفاقية خاصة بالنازحين.

ويخضع أغلب النازحين داخل بلدانهم للقانون الوطني وما يضمنه من حماية، كما يخضعون لقانون حقوق الإنسان الذي يسري في أوقات السلم وفي حالات النزاع المسلح كذلك، ومن الحقوق التي يضمنها السلامة الشخصية، والحماية من المعاملة المهينة أو العقوبة القاسية، والحق في السكن والمأكل والمأوى والتعليم والعمل، والحياة الأسرية وغيرها.

ويسري القانون الدولي الإنساني على النازحين في حالات النزاع المسلح، شريطة ألا يكونوا مشتركين في الأعمال العدائية. ويمنع القانون المذكور إجبار المدنيين على ترك محال إقامتهم لغير ضرورة السلامة أو ضرورة عسكرية ملحة.

وتحظر القواعد العامة للقانون الدولي الإنساني على الأطراف المتنازعة استهداف المدنيين أو تجويعهم، أو العقاب الجماعي بتدمير المساكن والمباني المدنية، مع السماح لشحنات الإغاثة بالوصول للمدنيين.

وبخصوص حقوق النازحين، فقد تبنت الأمم المتحدة المبادئ التوجيهية الخاصة بالإطار القانوني للنازحين داخليا، وتضم 30 توصية تشكل الحد الأدنى من المعايير الشاملة لمعاملة الأشخاص النازحين داخليا.

وعلى الرغم من أنها غير ملزمة من الناحية القانونية، فقد التزم عدد من الدول والمؤسسات بتطبيقها، وفيما يلي بعض حقوق النازحين داخليا طبقا للمبادئ التوجيهية:

التمتع بالحماية ضد الإعادة، أو إعادة التوطين الإجبارية في أي مكان تتعرض فيه حياتهم أو سلامتهم أو حريتهم أو صحتهم للخطر.

التماس السلامة في جزء آخر من البلاد.

الحق في مغادرة البلاد وطلب التماس اللجوء إلى بلد آخر.

الهجرة واللجوء والنزوح.. فروق واختلافات

تتقارب المصطلحات الثلاثة دلاليا، لكنها تختلف من حيث الأسباب والتداعيات، ففي الهجرة يكون الانتقال من منطقة إلى أخرى ومن بلد لآخر بشكل إرادي وطوعي، وبدوافع ذاتية بعد تقليب النظر والتفكير بحثا عن حياة أفضل اجتماعيا أو اقتصاديا أو علميا أو دينيا أو سياسيا.

ويمكن للمهاجر أن يقرر ما يحمله معه من حاجياته ومتاعه وما يتركه، لا يخاف من شيء، كما أن بإمكانه متى شاء العودة لبلده بأمان ويحظى بحمايتها ورعايتها.

أما اللجوء فهو انتقال وترك للديار وفرار منها خارج الإرادة، وقرار اضطراري بسبب عدم الإحساس بالأمان والاستقرار، والخوف من التعرض للاضطهاد لسبب سياسي أو عرقي أو ديني أو انتماء فئوي اجتماعي، ولا يستطيع الرجوع والعودة في ظل استمرار أسباب المغادرة وترك البلد.

والنزوح حالة مختلفة عن الهجرة واللجوء من عدة وجوه؛ الأول أنه انتقال قسري لأسباب لا ترتبط بالشخص وظروفه الاجتماعية أو قناعاته السياسية وانتمائه الديني والاجتماعي، والثاني أنه انتقال إجباري جماعي يحدث فجأة، ودون سابق تخطيط أو تفكير من قبيل حصول نزاع مسلح في المنطقة التي يقطن بها النازحون، أو كارثة طبيعية تحول دون أن يتمكنوا من حمل ما يكفيهم من حاجيات ومستلزمات خوفا على حياتهم وسلامتهم، والثالث أنه انتقال في الغالب داخل البلد لا يغادره.

كما تختلف الهجرة عن النزوح في أمرين؛ الأول أن الهجرة تتم على مراحل، ويتم استيعاب المهاجرين في موطن الاستقبال على مراحل، أما في النزوح فتعجز المجتمعات المستقبلة عن استقبال النازحين واستيعابهم بأعدادهم الكبيرة دفعة واحدة، مما يخلف عددا من المشاكل والتداعيات التي تنعكس على مستوى حياة النازحين.

والثاني أن الهجرة تكون لبحث عن وضع أفضل وزيادة المكتسبات بينما النزوح فقدان للممتلكات وتوجه للمجهول، ويشكل البحث عن الأمن ولقمة العيش للبقاء على قيد الحياة أكبر هاجس للنازحين.