الرئيسية / جامعات و مدارس / من ملامح تمكين المرأة في وزارة التربية والتعليم

من ملامح تمكين المرأة في وزارة التربية والتعليم

بقلم الدكتور عماد زاهي نعامنة

 إنّ وزارة التربية والتعليم بوصفها مكوِّنًا مؤثِّرًا من مُكوِّنًا الدولة الأردنيّة ومؤسّساتها العريقة – تؤمن بدور المرأة الفاعل في بلورة النقلة النّوعيّة للنهضة والتطور على الصُّعدُ كافّة، طالبةً ومعلّمةً ومشرفةً ومديرةً وقائدةً وعاملةً رائدة حيثما اقتضاها نداء الواجب، جنبًا إلى جنب الرجل، كفرسيْ رهان، سواء بسواء، وحذْو القُذّة بالقُذّة، من دون تمييز في الحقوق أو الواجبات على أساس الجنس (الجندر).      وإنّ النهج الذي تتّبعه وزارة التربية والتعليم في إرساء مبدأ المساوة بين الرجل والمرأة في نظامها التعليميّ هو نهج حضاريّ مبنيّ على النوع الاجتماعيّ، هذا المفهوم الذي تغيب جذوره الفكريّة عن كثيرين ما يدفعهم إلى التّعنّت والتعصُّب والتصّلب والتشنُّج لحظة يسمع المساواة بين الجنسين، أو حتى مجرّد المناداة بحقوق المرأة التي هي من حقوق الإنسان؛ ويروْن في ذلك إفسادًا لمقوّمات الأسرة ودعوةً لاسترجال المرأ؛  إذ تغيب عن أذهان أولئك أنّ المساواة النّوعيّة محور أساس لنهضة المجتمعات وبناء الحضارات ورفد مقوّمات التنمية وسياساتها النّاظمة. فالنوع الاجتماعيّ يوجّه الأدوار والمسؤوليّات نحو توطيد أركان القوة في مجتمعنا المتحضّر؛ إذْ ممّا لا شكّ فيه أنّ للمرأة دورًا كبيرًا في النّموّ الاقتصاديّ، وإحداث نقلة نوعيّة في المجالات كافّة.     وتبذل وزارة التربية والتعليم جهودًا بارزة ومتواصلة، بدت بشكل واضح للعيان منذ العام 2010م وهو العام الذي أنشأت فيه الوزارة قسمًا للنوع الاجتماعيّ، حيث عكفت على تحقيق الهدفَيْنِ الرابع والخامس من أهداف التنمية المستدامة 2030 انطلاقًا من خطتها الاستراتيجيّة المنبثقة من التزام الدولة الأردنيّة بديمومة تمكين المرأة  ودورها السياديّ وفق خطة إستراتيجيّة شموليّة من منظور النوع الاجتماعيّ وإدماجه في عناصر المنظومة التعليميّة والتعلّميّة كافة، ولا سيّما إبراز صورة المرأة المشرقة كمًّا ونوعًا، وتوهيج صورتها القابعة في ظلّ الآخر والنهوض بها من بوتقة التنميط والتبعيّة، إضافةً إلى بناء قدرات العاملين والعاملات فيها لتفعيل ذلك سلوكًا وممارسةً؛ ليكون جزءًا من التعليم والبيئة المدرسيّة، ومن ثمّ ترجمته إلى قيم واتجاهات خارج أسوار المدرسة، واستدامته منهجَ حياة في البيئة المجتمعيّة.  وإنّ وزارة التربية والتعليم في خطّتها الاستراتيجيّة المُحدَّثَة 2018- 2025 وبتوجيهات حكيمة من لدن معالي وزير التربية والتعليم ووزير التعليم العالي والبحث العلميّ أ.د. عزمي محافظة، وبمتابعة من عطوفة الأمين العامّ للشؤون التعليميّة د. نواف العجارمة، وعطوفة الأمين العام للشؤون الإداريّة والماليّة أ. سحر شخاترة – لَتؤكّد أهمّيّة تحقيق استراتيجيّة تعميم المساواة بين الجنسين في التعليم في المجالات الستّة للخطّة، ما يعني ضرورة دمج النوع الاجتماعيّ في الخطط التطويريّة للمدرسة والمديريّة على حدّ سواء، ما يتطلّب أنْ يصبح العاملون جميعهم على دراية تامّة بتحليل النوع الاجتماعيّ كأداة تساعدهم على مراعاة النوع الاجتماعيّ في التخطيط والتنفيذ، وفق منظور واعٍ بدءًا من النشر والتوعية وبناء القدرات والتدريب ، وصولًا إلى الرصد والتقييم.      وأصل القول: الرجل شريك المرأة وصنوها، على غير ما يحلو لكثيرين أنْ يعبّروا عنهم باللّحن المقلوب: المرأة شريكة الرجل وصنوه، أو كما يتردّد على ألسنة ليست بقويمة: المرأة نصف المجتمع، والمرأة أخت الرجال. وغير ذلك من التعبيرات التي ينضوي داخلها تقويض لفضاءات المرأة، وتحجيم لقدراتها وطاقاتها، غافلين أو متغافلين أنّ المرأة نسيج وحدها، وصانعة مجدها بنفسها، بل إنّها نواة قاطرة التنمية، وصانعة الآخر تاريخًا ومجدًا وحضارة، في مناخ تسوده أجواء التكامل والتكافؤ في الفرص وتحقيق العدالة الاجتماعيّة، من غير تعالٍ فيه من طرف على آخر ولا تفاخر.       وليس من المنطق  في خضمّ الحديث عن حقوق المرأة أنْ ننظر إلى الرجل على أنّه ندٌّ للمرأة، ومن المُجحف أيضًا أنْ نجعل حقوق الرجل معيارًا ننطلق منه في قَوْنَنَة حقوق المرأة، من باب تطابقهما في السياسات الناظمة والتشريعات الموجّهة؛ لأنّ ذلك لن يحقق المساواة بين الرجل والمرأة ولا يؤثّر في علاقات النوع الاجتماعيّ في المجتمعات، بل على النقيض من ذلك فمن شأنه تكريس التمايز النوعيّ بينهما، هذا التمايز الذي لا بدّ من الحدّ أو التخلص منه بالفعل الإيجابي؛ وصولًا إلى التحوُّل في بناء علاقات النوع الاجتماعيّ بتبنّي سياسات تتواءم واحتياجات المرأة، تحقيقًا للمساواة النّوعيّة.       إنّ ما نلمسه من تنمُّر ماديّ ومعنويّ ملموسين في المجتمعات تجاه المرأة، مدعاة للأسف، ومُقتضٍ التناديَ للقضاء على أشكال التّنمُّر كلّها إزاء ربيع الحياة وبهجتها وسؤددها، سواء أكان تعنيفًا أو تشهيرًا أو إنقاصًا للحقوق، أو تحجيمًا لأدوارها ومسؤوليّاتها، أو تهميشًا لمكانتها، أو امتهانًا لكرامتها، أو غضًّا من فكرها… وغير هذا ممّا هو ظاهر للعيان واقعًا معيشًا، وما يشهده الفضاء الأزرق ووسائط التواصل الاجتماعيّ والعالم الرّقْميّ، هذا العالَم الذي يأبى الذكوريّون إلّا السيطرة عليه، مع أنّ الرقمنة للجميع، فالابتكار والتكنولوجيا مسخّرة من أجل المساواة النّوعيّة بين الجنسين، المساواة النّوعية التي لا انفصام بينها وبين الثقافة العربيّة الإسلاميّة، ولا سيّما أنّ هيمنة الرجل وخضوع المرأة لا له علاقة له إطلاقًا لا من قريب ولا من بعيد بالفوارق الطبيعيّة أو البيولوجيّة بينهما؛ فما تلك الهيمنة وذاك الخضوع إلّا من صنيع المجتمع وأعرافه الاجتماعيّة، مع التنبّه إلى احترام الاختلافات وتقدير الآخر، فليس بالضرورة أنْ نكون متشابهين حتّى نكون متساوين.   وختامًا، لا يسعني إلّا أنْ أزجي الشكر نفيسًا لزميلاتنا الفضليات: المعلّمات والمشرفات التربويّات والمديرات والقائدات التربويّات والعاملات في وزارة التربية والتعليم مركزًا وميدانًا، والشكر موصول وافيًا لكلّ نشميّات الوطن الناسجات من خيوط الشمس ملاءةَ عزٍّ وفخارٍ، فألف تحيّة إجلال وإكبار للمرأة في وطننا العزيز والعالَم أجمع، وكلّ عام وهنّ بمَطير خير ونمير كبرياء في يومهنّ الأغرّ يوم المرأة العالميّ…   وما الأيّام كلّها إلّا حسبهنَّ تقديرًا وتوقيرًا.    ‘