الرئيسية / كتاب الموقع / مبادرة الحزام والطريق الصينية (ح1)

مبادرة الحزام والطريق الصينية (ح1)

صدام الزعبي
يتولى هذا البلد حكومات همها الوحيد الحصول على المال بالطرق السريعة من جيوب المواطنين، أو برفع أسعار البترول حتى أصبح سعر البترول أعلى من السعر العالمي، ولكن السؤال الذي يُطرَح اليوم في عقل كل مواطن أردني: ما هي مهمة هيئة الاستثمار في الأردن؟ وما هو دور وزارة المالية ومستشاريها بوضع الاستثمار؟ وأين دور وزارة الصناعة والتجارة في جلب الاستثمار في الأردن؟ المشكلة التي تعاني منها كل حكومة عدم ارتباط مؤسساتها ببعضها والتي تطورت وأدت لحدوث هذه المشكلات الاقتصادية فأصبح اليوم دمار اقتصادي.
في بداية كل مشروع ناجح قد لا يكون هناك أرباح واقعية له، وأقل فتره يحتاجها تصل مدتها إلى خمس سنوات على أقل تقدير حتى يبدأ بتحقيق الناتج المطلوب، ولكن الحكومة لا تسعى للانتظار، ليس بسبب مراقبة هذا المشروع وتحقيقه على أرض الواقع، ولكن السبب الأساسي هو من صاحب هذا المشروع؟ الحكومة السابقة أم الحكومة الحالية؟ وخصوصا أن هناك حكومة جديدة كل أربع سنوات؛ بمعنى (أنا أتعب وغيري يتربع على شغلي وتعبي) ـ هذا ما يحدث.
أطلقت الصين مبادرة الحزام والطريق الصينية، ولكن أين الأردن من هذا المشروع يا حكوماتنا الرشيدة في ظل موقع الأردن الاستراتجي لترابطه بدول الخليج والعراق وسوريا ومصر، في السابق كان الاقتصاد الأردني يعتمد بشكل كبير على الاقتصاد السوري، وكانت مدينة الرمثا هي المركز الحدودي، وهي الداعمة إلى الاقتصاد، وبعد نشوب الحرب لم نسمع عن استثمار أو مشروع اقتصادي تبنته الحكومة وكان له فائدة للمواطن.
واليوم أصبح 50% من استيراد الأردن من الصين وشرق آسيا، إذن لماذا الأردن لا يشارك في هذا المشروع وخصوصا أن الصين حددت تكلفة هذا المشروع قد تزيد على 200 مليار دولار، وقد استنفرت الصين الكثير من قواها المالية والسياسية لإنشائه، وقيمته التجارية قد تصل إلى أرقام فلكية.
ويشكل هذا الطريق أهمية عظمى للصين، خاصة أنه يعد حلا جذريا لمشكلة فائض الإنتاج الصيني، فالإنتاج الصيني من الحديد والإسمنت يفوق حاجتها الفعلية، ولذلك فإن تصدير هذه المنتجات للخارج يعد حلا نموذجيا للصين، ومع وجود خط مباشر بين الصين وأوروبا، فإن تصدير هذه البضائع سيكون أقل صعوبة مما عليه الآن، والمبادرة هي بالأساس استراتيجية تنموية طرحها الرئيس الصيني تتمحور حول التواصل والتعاون بين الدول، وخصوصا بين الصين ودول أوراسيا، تتضمن فرعين رئيسيين، وهما “حزام طريق الحرير الاقتصادي” البري و”طريق الحرير البحري”.
تقول صحيفة نيويورك تايمز إن الانتاج الصناعي الصيني الفائض يعد أحد أهم الدوافع التي تقف خلف المبادرة. فعلى سبيل المثال تنتج الصين نحو 1,1 مليار طن من الفولاذ سنويا (وهي كمية تعادل تلك التي تنتجها كل دول العالم الأخرى)، ولكنها لا تستهلك داخليا إلا 800 مليون طن. ويقدر اتحاد غرف التجارة الأوروبية أن المبادرة ستستوعب 30 مليون طن من هذا الإنتاج الفائض فقط، ولطريق الحرير أبعاد محلية وخطة تنمية، إذ تسعى القيادة الصينية إلى تحويل مناطق الغرب والجنوب الغربي كي تكون منطلقاً لتحريك المرحلة القادمة من خطط التنمية في البلاد، وقد بدأت في تنفيذ وإنشاء المدن الصناعية والمطارات والأسواق التجارية والطرق السريعة وسكك الحديد والمعارض لجعلها محطة الانطلاق، وهذا ما سيعزز الاتصالات بين الصين وقارات أوروبا وأفريقيا وآسيا، وهذا من الأهداف الأساسية للمبادرة.
حيث أبرمت العراق أربع اﺗﻔﺎﻗﻳﺎت ﻣن ﺑﻳﻧﻬﺎ اﺗﻔﺎﻗﻳﺔ ﺣوﻝ إﻟﻐﺎء 80% ﻣن دﻳون اﻟﻌراق اﻟﻣﺳﺗﺣﻘﺔ ﻟﻠصين واﻟﺑﺎﻟﻐﺔ ﺛﻣﺎﻧﻳﺔ ﻣﻠﻳﺎرات وﻧﺻف اﻟﻣﻠﻳﺎر دوﻻر وﺗﺷﻣﻝ اﻻﺗﻔﺎﻗﻳات اﻟـﺛﻼث اﻷﺧرى اﻟﺗﻌﺎون ﺑﻳن وزارﺗﻲ ﺧﺎرﺟﻳﺔ للبلدين واﻟﺗﻌﺎون اﻻﻗﺗﺻادي واﻟﻔني وﺑرﻧﺎﻣﺞ ﻟﺗدرﻳب اﻟﻣوارد اﻟﺑﺷرﻳﺔ وﺗم اﻟﺗوﻗﻳـﻊ ﻋﻠﻰ ﻣذﻛرة ﺗﻔﺎﻫم ﺑـﻳن وزارتي اﻟﻌﻠــوم واﻟﺗﻛﻧوﻟوﺟﻳﺎ ﻓـﻲ اﻟﺑﻠــدﻳن لتدريب اﻟﻌﺷرات ﻣن اﻟﻌراﻗﻳﻳن ﻓﻲ ﻣﺟاﻝ اﻟطﺎﻗـة وﻛﻳﻔﻳﺔ اﻻﺳﺗﻔﺎدة ﻣن اﻟطﺎﻗـة اﻟﺷﻣﺳﻳﺔ ﻹﻧﺗاج اﻟﻛﻬرﺑﺎء.
وذكر بنك التنمية الصيني أنه يتابع بالفعل أكثر من 900 مشروع في 60 دولة تبلغ تكلفتها نحو 850 مليار دولار، وفي أواخر عام 2014 خصص 40 مليار دولار لصندوق طريق الحرير؛ بهدف البدء في تمويل مشروعات المبادرة التي تتجاوز تكلفتها الإجمالية تريليون دولار.
وأعلن مسؤولون صينيون، أن الاستثمارات الصينية المرتبطة بالمبادرة بلغت 60 مليار دولار منذ عام 2013، وسيبلغ إجمالي الاستثمارات الصينية في الخارج بين 120 و130 مليار دولار سنوياً على امتداد السنوات المقبلة، جانب كبير منها موجه إلى الدول المشاركة في مشروع طريق الحرير؛ ما سيكون محركا كبيراً لتعافِ في الاقتصاد العالمي والتجارة الحرة والاستثمار، بحسب وجهة النظر الصينية.
وترى جمهورية مصر العربية أن “الحزام والطريق الدولي” والانضمام إلى المبادرة الصينية عام 2014 لإحياء الطريق يحقق التعاون ومصالح الشعوب، وفرصة جيدة لمصر لعرض ما لديها من حوافز استثمارية وبتطبيق قانون الاستثمار الجديد، وفي ظل الاهتمام الكبير من جانب الشركات الصينية للاستثمار في منطقة محور تنمية قناة السويس، التي تطمح مصر إلى تحويلها إلى منطقة صناعية عالمية تكون جاذبة، ولا تظل مجرد ممر ملاحي.
واستقبلت تركيا مشروع الحزام والطريق، وقال الرئيس التركي رجب طيب آردوغان: إن مشروع الحزام والطريق “من شأنها القضاء على الإرهاب المتصاعد في العالم”، مؤكدا أن المشروع له دور مؤثر في المستقبل، بفضل أهدافه المتمثلة بربط آسيا وأوروبا وأفريقيا وحتى أمريكا الجنوبية بعضها ببعض.
ويبقى السؤال الذي يطرح نفسه أين الأردن من هذه المشاريع؟ أين دور هيئة الاستثمار الأردنية من يتبنى الدخول والمشاركة في هذه المشاريع التي سيكون لها دور مستقبلي للأردن؟ وما هو الدافع لعدم وجود الأردن في هذا المشروع؟