الرئيسية / كتاب الموقع / فَاْتَّبِعُوني أهْدِكُم سَبيل الرَّشاد

فَاْتَّبِعُوني أهْدِكُم سَبيل الرَّشاد

 

إبراهيم صدقة

فَاْتَّبِعُوني أهْدِكُم سَبيل الرَّشاد
الْحال والتَّمييز
يأخذ القلبَ بالخفقان الولوجُ إلى حالة يتناهى إلى الوعي خَبُّ صرير قلم -“إذا اسْتُوْدِعَ الأسْرارَ يومًا أذاعَها”- لم نعهد إليه العناية بِمُلْكِيَّتَنَا التاريخية. ولم نعهد منه إمداد وعْيِنا باستحواذ المكان الحاضر، ولا سلفية الظَّعن في متون حاشية خلدونيّة يعيش دورها الأخير. ربما يكون القلم مأخوذاً بحدسية التعليل التي تتصف بمنهج الطواف بين ركنين متناقضين ينشد التوليف بينهما (التمازج والتنافر، والحركة والسكون، البعث والموت) كأنّه يدور في حلقة في فضاء. والقلب متوجسٌ في حالة ترنح، يسكنه عقلٌ مدركٌ لأسباب الحركة، وعدم الحركة، فما هو بالخَبِّ الخَتُور ولا يكذب أهله. حالة هي إطار هشّ لمضمون أسندته حنكة الدرس، وأضنته متاهة لعبة أدركها الباطن دون الظاهر.
ذلك مشهد نستعيد من خلاله صورة تذكارية من روايات آبائنا منسلبة بإيقاع صرير القلم على خلفية “بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُون”. تلك مُلخصة الصراع بين طرفين غير متكافئيين يضرب بجذوره أعماقنا موقظة فينا “أدْرِكْ فَاها” ينتظر صدى استصراخه فيسمع “لا طاقة لي بِفِيها” وكأن حالة اليأس استحكمت من إطار المضمون حتى سكنت، ولا تقدر توصيل النذير فبلغ بها نهايتها في موقع المركز من “غلبني فوها”.
نمطية نتوارثها تنزع بنا إلى الاندراج في إدراك دلالة صرير القلم وبلاغة سبكه، وعمق رأيه- إنها تنطوي على حنكة الممازجة بين الأخذ والعطاء، وبين مؤرخ مُحَقق، وراوٍ مدلس لمتون مُنْكَرَة! وبسبب الثقافة الدينية في المجتمع مُقَوِّمٌ أساسيٌ في بناء التبعية الأبوية فإنها سوَّغت لنا الاستجابة “فَاْتَّبِعُوني أهْدِكُم سَبيل الرَّشاد” فينقلب هذا المفترض المؤوَّل إلى عامل تمايز يكون صعب الاختراق.
إبراهيم صالح صدقة