الرئيسية / كتاب الموقع / أعلام من الأردن: ماجد عرسان الكيلاني

أعلام من الأردن: ماجد عرسان الكيلاني

أعلام من الأردن: أ.د. احمد نوفل

أبو محمد ماجد عرسان الكيلاني. ابن الشجرة. إربد. صاحب الكتاب الشهير: هكذا ظهر جيل صلاح الدين وهكذا عادت القدس. وهو فيما أرى من أهم الكتب التي كتبت في هذا الموضوع، إن لم يكن أهمها.

تعرفت على أبي محمد في نابلس عندما نقل مدرساً إليها وذلك في أوائل الستينيات من القرن الماضي. وكنا طلاباً في المدرسة، وتواصلت المعرفة واللقاءات، ودرست مع أخيه المرحوم محمد عرسان في كلية الشريعة، وزرت الشجرة لزيارتهم سنة 66.

درس الدكتوراه في أمريكا في علم التربية وهو من أخطر العلوم ومن أهم العلوم، وعند القوم أساليب في التدريس وفنون ما من حرج في تلقيها فهذا من العلم المحايد، إنما المهم ألا نأخذ ثقافتهم، وأبو محمد الدكتور ماجد عريق عميق متأصل متجذر في قلبه وعقله قضية الإيمان والثقافة الإسلامية ومتنبه لخطورة الغزو الثقافي فلا خوف عليه أن يعود وقد تأثر بثقافتهم وإنما يعود وقد أخذ من معارفهم وهي من المتاح المباح ولا مشاحة فيه وفي تعلمه بل على العكس. ينبغي أن نعرف معارف القوم فقد وقفنا وتقدموا. وبعد سنين طالت قليلاً عاد إلى وطنه وبلده يدرّس في جامعات الأردن وخاصة جامعة اليرموك وغيرها.

وأصابه المرض بسبب حادث سير ولم يعطله عن التدريس فظل عطاؤه موصولاً وإن كان صار يسير والعصا يتوكأ عليها من وهن وضعف بسبب المرض. لكن الإرادة أقوى من إعاقة المرض. وكان في محاضراته يفتح آفاق العقل والفكر ويطرح دائماً الجديد، ويبلور أفكاراً مهمة.

ولعل الكتاب الإنجاز الخطير الذي حفر اسمه عميقاً في وجدان العالم العربي والإسلامي وأظهر فيه قدراته على التحليل والتنظير والاستنباط والتقعيد والتقنين واستكشاف السنن الاجتماعية والقوانين وما يسمونه حتميات التاريخ هو الكتاب الرائع الذي طبع ما لا يحصى من الطبعات ولخص واختصر واستفيد منه حتى لو زعم زاعم أنه لا تخلو منه مكتبة خاصة ولا عامة في بيت أو مدرسة ما كان مبتعداً عن الحقيقة.

هذا علم تربوي فكري ثقافي تجديدي غير تقليدي ناقد غير ناقل وإنما يقبس من النصوص ليستخرج منها الجواهر والدرر ويصوغها عقود عقيان ولؤلؤ ومرجان.

وفي المحاضرات العامة كان نجماً لامعاً يتنقل من مدينة لمدينة ومن جامعة لأخرى خاصة قبل المرض.

هذه عينة وهذا نموذج من أبناء الأردن شماله خصيب وجنوبه ربيع ووسطه بديع، والدكتور ماجد عرسان نموذج للعلم الغزير والذوق الرفيع والأناقة الثقافية وخصوبة العقل والتفكير والتجديد لا التقليد. هو باختصار مدرسة وعقول جمعت في عقل وهمم التقت في همة وقمم بسقت وبزغت في قمة. لسنا نبالغ -علم الله- لكننا إلى التقصير أقرب وعدم إيفاء هذه الواحة الفكرية والثقافية حقها.

رحم الله أبا محمد ابن الشمال الأردني هذا الشمال الذي خرّج ما لا يحصى من الرجال. ويكفي أن نستحضر أكفأ رئيس وزراء مر على الأردن أو سيمر أعني وصفي التل وإن كان جاء في وقت عصيب.

مرة أخرى ودائماً نترحم على أبي محمد ونسأل الله له الدرجات الرفيعة من إحسان الجزاء كما كان محسناً في العطاء.

أجزل الله له المثوبة وعوّض الله الأردن عن هذه النماذج خيراً. وسلام على الدكتور ماجد ابن الأماجد الكيلانيين.

رحم الله ابن الشجرة. فقد كان شجرة باسقة في العلم ذات غصون وأفنان.