الرئيسية / كتاب الموقع /      ” في مئوية الدولة الأردنية “

     ” في مئوية الدولة الأردنية “

بسم الله الرحمن الرحيم

” في مئوية الدولة الأردنية ”

” الجوارنة ” وتاريخ القرية الأردنية؛ “عنبة” أنموذجاً

د.مأمون بني يونس/أستاذ جامعي

إن دراسة التاريخ الإجتماعي والإقتصادي هي التعبيرالحقيقي للكشف عن فعاليات الإنسان وإبراز مستوى السكان على إختلاف أدوارهم ومعطياتهم تجاه المجتمع المحلي، كما أن تكامل هذه الأدوار يشكل البناء الشامل في رسم الملامح العامة للمجتمعات والدول ، والمتتبع للدراسات التاريخية الأردنية يجد أن هناك شحاً في الدراسات الأكاديمية المحلية أفقياً وفي العمق، مع أهمية الدراسات الحديثة التي تناولت المدن الأردنية وجوارها بعامة.

إلا أن دراسة التجمعات السكانية في بيئاتها المحلية في القرى والأرياف التي عاصرت الأحداث بمعلوماتها الهامة، والغوص في تلك البيئات بما استندت اليه من حقول المعرفة إنما هي محاولة تحديد الظروف والتقلبات التي طالت تلك البيئات المحلية وما أحاط بها من حركات إنتقال السكان والبيع والشراء والسلع وحدود تلك المناطق وتسيير الخدمات التعليمية والصحية والحرفية ، ما يساهم في تأريخ المنطقة في إطار من المفاهيم يشكل من جديد بناء التاريخ الوطني الشامل .

غير أن العمل العلمي الجاد والهادف في دراسة “عنبة” الأرض والسكان، نموذج القرية الأردنية في “تاريخ الأردن الحديث” للأستاذ الدكتور أحمد الجوارنة – جامعة اليرموك -، والتي كشفت الغطاء عن الملامح العامة لهذه القرية : الأرض والسكان والتعليم والأحوال الإجتماعية في ناحية الكورة بعامة ، والمشاركة في حروب الدولة العثمانية بثلة من شهدائها وتنظيماتها الإدارية ، وذلك من خلال الحفر في المصادر والمخطوطات التاريخية الهامة من مثل دفتر مفصل ضرائب نواحي جبل عجلون وسجلات المحاكم الشرعية والوثائق الرسمية من دائرة المكتبة الوطنية ودائرة الصحة العامة وغيرها، أغنت الكثير من مظاهر الحياة الإجتماعية والإقتصادية للبيئات المحلية والمجاورة.

ولعل الإهتمام في دراسة التاريخ المحلي يسلط الضوء على الفكر التاريخي الجمعي الذي يعنى برفع مستوى النشئ والخريجين بتحقيق الكفايات (المهارات والمعلومات) من خلال البحث التاريخي للبيئة المحلية والتي تنعكس بالتالي على ثقافة المجتمع.

إن ما أكدت عليه الدراسة من الإهتمام بمثل هذه الدراسات البحثية التاريخية والثقافية في بيئات المجتمع المختلفة في الأردن من شأنه الإرتقاء بثقافة النشئ والبناء عليها، من خلال الدراسات الأكاديمية في الجامعات والمؤسسات المعنية التي تصقل شخصية الخريجين وتعزز ارتباطهم بالأرض والمجتمع في ضوء تحقيق المهارات والمعلومات التي اكتسبوها والتي هي بالضرورة تنعكس على المجتمع ومؤسساته.

فقد أضاءت الدراسة على مفردات العمل من أدوات الزراعة والنقل والفعاليات الإجتماعية في المناسبات المختلفة، والتعاون المجتمعي في الشدة والرخاء والمبادرة والإلتزام بقيم المجتمع وأعرافه والمشاركة في الأملاك والإنتاج والتكافل والإصلاح في أوقات الشدة والرخاء والأمراض والأوبئة.

أخيراً تعتبر الدراسة مرجعية علمية موثقة من المرجعيات الفريدة للباحثين والمهتمين في الكشف عن تاريخ الحياة الإجتماعية والإقتصادية للقرية الأردنية، وإنني في هذا المجال لا أملك إلا أن أبارك مثل هذه الدراسات الوطنية المجتمعية والجهود البحثية الهامة التي قام بها الأستاذ الدكتور، والتي تعتبر إضافات علمية وطنية نوعية أبهرت الباحثين والمهتمين في تاريخ الأردن الحديث والمعاصر.