الرئيسية / كتاب الموقع / في يوم الأم..آسف يا أبي  

في يوم الأم..آسف يا أبي  

بسام السلمان
كان والدي رحمه الله احد افراد القوات المسلحة، ويحمل ابي وسام الكرامة كغيره من جنود الجيش، وبسبب قلة اجازاته والتي كانت احيانا تطول لاكثر من اسبوعين فإنني لم اكن ارى ابي كثيرا، وقد اكون مررت بطفولتي وبسن المراهقة وهو بعيد عني حتى عندما تقاعد من الجيش ولان الظروف الاقتصادية كانت صعبة جدا فقد عشت بداية سن الشباب وهو بعيد عني حيث كان يعمل بتجارة مواد البناء ما بين لبنان والسعودية، ثم اصيب بالشلل بسبب حادث سير، اذكر ذلك اليوم جيدا، كان يوم اربعاء وكنت في اليوم نفسه سجلت كطالب في قسم الصحافة والاعلام في جامعة اليرموك، وفي المساء اتصل احد اقاربنا واخبرنا ان حادثا وقع لوالدي وهو متجه الى السعودية وانه ادخل الى مستشفى الزرقاء الحكومي، وفيما بعد اخبرني احد الاطباء ان سوء طريقة الاسعاف ربما تكون تسببت بشلله، ولقد تحمل ابي الم المرض لاكثر من ثلاثين عاما وكان ولله الحمد صابرا قارئا للقرآن محتسبا كل المه ولم يكن يتذمر او يشكو ابدا وكل من يعرفه يعرف هذه الصفات فيه.
واذكر عندما تقاعد أبي وكان في نهاية السبعينيات من القرن الماضي أن راتبه التقاعدي تأخر لعدة شهور ولاننا عائلة كبيرة راح يعمل مع احد “اقاربنا ” في القصارة، عامل باطون، واذكر ايضا انه عمل في بقالة وذلك من اجل ان يجعلنا نعيش حياة نوعا ما مقبولة، وكان يبذل كل جهده في سبيل اسعادنا وجعلنا نعيش حياة مستقرة.
ومن ذكرياتي معه انه اشترى عندما تحسن وضعه المالي سيارة مارسيدس ” 200 لف ” وكانت كما يقولون موديل سنتها، وكنت لم ابلغ الثامنة عشر، واذكر انني قدتها دون ان يكون لدي تلك المهارة في قيادة السيارة ولمّا عدت الى البيت كانت صينية الكلتش محترقة، اذكر انه استبدلها بمبلغ 80 دينار في ذلك الوقت، المهم في الامر انه نصحني فقط ولم يتعامل معي باي نوع من القسوة.
أبي، والناس اليوم يحتفلون بالامهات اسمح لي ان اقول لك انني تمنيت لو انك شاركتني في اشياء كثيرة، فأنا افتقدتك في طفولتي وفي مراهقتي وفي شبابي، والآن افتقدك جدا يا ابي، واعلم انني نادم على كل لحظة لم استطع فيها أن اكون قربك ولم تكن انت فيها قربي، نادم جدا. فأنا يا أبي لم أكن أدرك في ذلك الوقت أن السنوات القادمة ستكون عجافا بلا سقيا أبوتك ولا دفء روحك. سامحني يا أبي فلقد أنستني ظروفي أن أهبك قدر الحب والاهتمام الذي أهديتني إياه. وان فعلت فما كنت سأستطيع لذلك بلوغا. فأنت من جبلت على ذلك. وأنت المعطاء الذي يهب اولاده ولا ينتظر منهم سوى أن يكونوا من خير الناس قربا الى الله وقربا بين الناس ودا واخلاقا.
عندما مات ابي رحمه الله وادخله فسيح جناته كان كأنه ما زال حيا، على هيئته التي كان يتلو فيها القرآن على سريره بالقرب من شجرة الليمون والتي ماتت هي ايضا في العام نفسه الذي توفي فيه ابي.
الى أبي الغالي: إن عيد ألام هو عيدك أيضاً فلقد كنت سند أمي العظيمة في الحياة، وكنت رغم حاجتك للرعاية والعطف، كنت عطوفا على أمي حنونا متسامحا، فهذا العيد، بل كل يوم هو أيضاً عيد لك فأنت كأمي بحنانك وأنت اعظم انسان واعظم شخصية و اطيب قلب و اكثر شخص هيبه في حياتي.. رحمك الله ورحم الله امي وادخلكما فسيح جناته.

تعليق واحد

  1. جهاد ابو عيد

    عليه رحمات ربي فقد كان صابرا محتسبا لا يتأفف من المرض كان رحمه الله قارئا للقران بشوشا عند زيارته اسأل الله أن يتغمد ابو بسام بفسيح جناته