الرئيسية / كتاب الموقع / الله على زمان الفيس بوك والاي فون

الله على زمان الفيس بوك والاي فون

بسام السلمان

سيأتي يوم من الايام يتندر الجيل القادم على الاي فون والانترنت ووو ويتمنوا لو يعود زمان الفيس بوك والتويتر والتيك توك وووو، ويصبحوا كما نحن الان في كل مجلس في زمننا الحاضر وعند التطرق إلى الحديث عن جيل مضى نتحسر على ما فات من تلك الأيام الجميلة، بل ويحدونا الحنين إلى ذلك، مما يجعلنا نتساءل وبشدة ما الذي تغير..؟

الكثير ممن تسألهم مثل هذا السؤال تكون اجابتهم هو الحنين الى جيل البساطة الذي تميزه حلاوة اللقاء الممزوجة بصفاء القلوب بل والمحبة والعطاء، وكثيراً ما نشاهد منشورات عبر وسائل التواصل الاجتماعي تتغنى بـ «ايام زمان» وتناشد عودة هذا الزمان، مستخدمين صور أدوات كانت تستخدم قديماً مثل (البابور، الهاتف الأرضي، الفانوس) وغيرها من الأمور القديمة. وكأننا نعيش الان في زمن الاشرار مثلا رغم ان هذا الزمان مميز بانه اصبح عالم واحد والجميع فيه اصدقاء ولكن بدلاً من الالتقاء الفعلي أصبح اللقاء إلكترونياً، وأصبح من الممكن أن تتواصل مع أي شخص في أي وقت ومن أي مكان.

فالعالم أصبح هو قريتك والجميع هم جيرانك، ولو نظرنا نظرة إيجابية لحياتنا لوجدنا أن غالبية الأشياء التي نستعملها اليوم أفضل بكثير من حيث الجودة والسهولة مما كانت عليه سابقاً، فلماذا مازال الكثيرون متعلقين بأيام زمان، وكأننا نعيش اليوم في زمن الأشرار؟!

ولو اجرينا مقارة صغيرة بين ما نعيشه اليوم وبين ما كنا عليه في ايام زمان فسنجد أن الحياة اليوم أسهل بكثير مما كانت عليه سابقاً، فالكهرباء متاحة على مدار الساعة دون انقطاع بعد أن كانت لا تصل للكثير من البيوت والمساكن، وتنقطع في معظم الليالي، هذا بخلاف أنه لم تكن موجودة أساساً، ولننظر إلى الهاتف الذكي الذي بين أيدينا وما يمكننا أن نصنع من خلاله، فبدلاً من سلك تجره خلفك داخل غرف البيت لتتمكن من إجراء مكالمة، وإذا خرجت تصبح غير متاح ولا يُعرف لك أرض، أصبحنا اليوم ننعم بوسائل اتصال عديدة منها المحادثة الكتابية والصوتية.

الحقيقة أن المشكلة ليست في ايام زمان ولا في “هذه الايام”، المشكلة تكمن في أننا لا نستمتع بما نملك، نحن أمام معضلة حقيقية فكل ما بين أيدينا اليوم من أمور وأغراض   ووسائل وآليات وأجهزة جاءت لتسهل حياتنا، لتجعل منا أناساً سعداء يستمتعون بما يملكون.

وأخيرا اتوقع أن يأتي جيل بعدنا يضع صورة الآي فون ويترحم على زمن الطيبين، وهم لا يعلمون أن جيل الآي فون يتمنى رجوع الهاتف الأرضي «أبو عجلة»، وتستمر الحكاية دون أن يستمتع أحد بحياته وما ينعم بها من تطورات تسهل حياته وتجعله أقرب للسعادة وهو يدير لها ظهره ويتباكى على زمن الطيبين إلا ثلة قليلة تعرف كيف تُحمد النعم.

والسؤال الذي اختم به: هل اصبحنا عبيدا للتكنولوجيا؟ هل في كلامي تناقض؟

ربما