الرئيسية / كتاب الموقع / الأحزاب التي نريد ونوعية المتحزبين

الأحزاب التي نريد ونوعية المتحزبين

مهندس خالد البشابشة
من يعتقد أن الأحزاب في الأردن وليدة ساعتها فإنه مخطئ ، فالأحزاب في الأردن موجودة قبل تأسيس إمارة شرق الأردن وتحديداً في العام 1919 ، واستمر تشكيل الأحزاب خلال تلك الفترة وقد شكلت أو دخلت في تشكيل حكومات متعاقبة حتى العام 1957، ونتيجة للظروف السياسية التي شهدتها الأردن خلال تلك الفترة تم تجميد أو توقيف كافة أنشطة العمل الحزبي وملاحقة من يمارسه إلى أن عادت في العام 1989 وذلك إيذاناً بعودة الحياة الديمقراطية في الأردن وممارسة الأحزاب نشاطاتها آلتي بلغت أكثر من 50حزبا وذلك في إنتخابات بدت وكأنها عودة للحياة الديمقراطية ولا زلنا نتغنى بمجلس النواب 89 حتى اللحظة.
أن انقطاع العمل الحزبي لمد 35 عاما في الأردن من العام 1957-1989 يعني عدم وجود الحزبيين الأصليين الذين قد واكبوا ذلك العمل عن فكر وقناعة وبرامجية مدروسة استشرفت المستقبل الأردني وما قد تصل إليه نتيجة الصراعات الحزبية المشتركة للدول العربية من الناحية العقدية أو الفكرية وهي أحزاب لها امتدادات متجذرة في تلك الدول أو نتيجة الصراعات على الساحة الأردنية أو الساحة العربية-العربية أو العربية – الإسرائيلية ، مما يعني أن أولئك الحزبيين أما انتقلوا إلى رحمة الله أو زجوا في السجون ومنهم من طلق العمل الحزبي طلاقاً بائن بينونة كبرى أو منهم ما يزال يمارس ذلك العمل ولكن على استحياء وبالتالي ظهور جيل يجهل معنى الحزب والحياة الحزبية ويحتاج إلى فترات ليست بالقصيرة لاستيعاب ذلك الإنقلاب في نمط الحياة والذي سيؤدي دون أدنى شك إلى جهل في تحديد الحزب الذي يمثله أو ينتمي إليه ويكون قادر على تحصيل حقوقه والدفاع عنها.
وما أن أطلق جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين رغبته في عودة الحياة الحزبية والديموقراطية بثوبها الجديد ونمط تفكيرها ومرجعيتها ذات الأصول الوطنية الأردنية للوصول إلى تشكيل حكومة نيابية على أساس برامجي ضمن شروط مدروسة جديدة تنخرط فيها المرأة كعنصر مهم في المشاركة وتفعيل دورها الأساسي في ممارسة أبسط حقوقها على أساس التكافل المجتمعي واتخاذ القرارات وصنعها بالإضافة إلى مشاركة الشباب واعطائها مساحة واسعة في تحديد مستقبله وذلك لما للشباب والمرأة الأثر الأكبر في تحديد اتجاهات البوصلة وتطويعها في خدمة الفرد و المجتمع أو من خلال دمج سته من المحافظات ضمن الشروط التأسيسية للأحزاب مما يعني تشاركية حقيقية نابعة من اختلاف العادات والتقاليد ونمط العيش والتفكير في كل محافظة.
ولكن لا تزال الرهبة والخوف لمجرد ذكر كلمة حزب على مسامع شريحة كبيرة من المواطنين تشكل لهم عائقا أمام انتسابهم وانخراطهم في العمل الحزبي وذلك لما شاهده وعاصره أو مراقبته للمشهد الحزبي الذي لا يعمل بخطى ثابتة ومستدامة في التعامل مع الأحزاب وتمييل كفة حزب على اخر حسب المرحلة التي تمر بها الدولة والمصلحة التي قد تواجه به حزب ضد آخر أو تيار ضد تيار آخر وللتوضيح أكثر ما كانت تتعامل به الدولة مع الأحزاب الإسلامية وحزب البعث بمرجعياته والشيوعيين والماركسيين وغيرهم حسب ما تطلبه المرحلة وبمعنى اكبر لم تكن الدوله تحسن إدارة المشهد الحزبي سواء مع اليساريين والمتطرفين منهم أو اليمينين ومتطرفيهم بالإضافة إلى المعتدلين او الموالين وكذلك إقحام العشائرية أحيانا في مجابهة الأحزاب ومحاولة إلغاء دورها.
لا شك أن الحياة الحزبية تطبيق فعلي للحياة الديمقراطية التي يتشارك به الجميع في رسم ما يتطلع إليه من خلال مشاركته في إتخاذ القرار الذي يراه مناسباً بانخراطه بأحد الأحزاب التي تكون مقنعة له وتتماشي مع ما يصبو إليه ومتوافقة مع طرحه ولكن أمامنا الكثير من الوقت والعمل حتى نبتعد عن القرارات العشائرية والجهوية وهذا ليس تقزيما من دور العشيرة الذي نقدسه ونحترمة ونومن بأن دورها أساسي ومهم ولن يمس ولكن علينا ان نتقن حسن الاستماع للغير واستيعاب من يخالفنا الرأي أو نجيد عمل المعارضة الوطنية النابعة من حبنا لبلدنا ولقائدنا والتي تعمل على تجويد وتحسين مخرجات العمل الحزبي وتأثيره على حياة المواطن بشكل مباشر من خلال توفير أدنى متطلبات العيش الكريم والأمن والعدالة المجتمعية وتكافؤ الفرص والتشاركية لهذا الجيل والأجيال القادمة والسعي للوصول إلى تشكيل حكومة برلمانية تخدم الموالين والمعارضين وكافة أفراد من يعيش على تراب هذا الوطن باختلاف الأصول والمنابت على المستوى الوطني وتتعامل مع قضايا الأمة العربية وعلى رأسها القضية الفلسطينية.
المهندس خالد أبو النورس البشابشة
#حزب_الميثاق