الرئيسية / كتاب الموقع / طريق الشام

طريق الشام

بسام السلمان

يبقى طريق الشام الدولي، او عمان دمشق، أكثر الشوارع  التي تعرضت للظلم واكثر الطرقات التي عاشت الحرمان والقهر وفي الوقت نفسه كان شاهدا على حوادث كثيرة منها المفرح ومنها الحزين ومنها البطولي، ومنذ ان نقلوا الحدود الى قرية جابر ونقلوا معها الشاحنات التي كانت تمر من الرمثا اصيبت المدينة وشارعها المعشوق بحالة من الخوف والذعر والإنفصام اليومي في الوقت عينه.

وعلى طريق الشام  نفسه تختلط الحكايات، مئات المحلات التجارية، والاف العاملين فيها، وعلى امتداد هذا الخط الطويل، كان يمكن للمرء أن يراقب يوميات متناقضة تتجلى أمام عينيه. في اليوم الواحد، يصادف عشرات وربما مئات السيارات ذات اللوحات السورية واللبنانية والتركية واحيانا كثيرة الاوروبية. سيارات فخمة، وأخرى قديمة، سيارات سياسين وفنانين وعائلات نخبوية، أخرى فقيرة تجمع أغراضها وحقائبها على سطحها، فيما تنحشر العائلة كاملة في السيارة الواحدة. وكان يخترقها صوت سيارات الشحن التي تسير ببطء شديد تتقدمها سيارة عسكرية، مئات الشاحنات تمر من الرمثا من خلال شارع الشام باتجاه دول الخليج، وكنا نطلق عليه اسم الكنبوي، وكان تنشط فيه تجارة الدخان، يمارسها شباب صغار سواء كان شراء من السائقين او بيعهم.
وطريق الشام هو كل طريق دولي يربط مدن وبلدان مختلفة بالعاصمة دمش كالطريق الدولي بين بيروت ودمشق  والطريق الدولي بين عمان ودمشق والطرق الدولية التي تربط العاصمة دمشق بباقي المحافظات السورية وتعرف باسم طريق الشام في أغلب المحافظات السورية بدلاً من طريق دمشق.

ويذكر ابناء الرمثا والاردن وحتى العالم كله الحدث العالمي الذي وقع على خط الشام، وقد كتب عنه فهمي العزايزة في الرمثا نت وقال “بعد ظهر يوم الأربعاء 6/2/1991، اعترض شباب الرمثا قافلة شاحنات قادمة من تركيا ولبنان وسوريا ومنعها من المرور إلى بلدان الخليج العربي بكونها تحمل مواد غذائية وتجهيزات للقوات الأمريكية وحلفائها التي هاجمت العراق، بينما طائراتها قصفت شاحنات وصهاريج نفط وسيارات مدنية أردنية، فاستشهد ابن الرمثا السائق “محمد المصري”.

لكن وفي صباح اليوم التالي أفاق أهل الرمثا على تواجد كثيف لآليات وقوات الأمن تنشر في شوارعهم، ما سبب توترا وزاد في سوخنة الأحداث، لتنطلق يوم الجمعة 8/2/1991 حشود من ألوف “الرماثنة” باتجاه “خط الشام” تابعت سيرها وصولا إلى “كازية الشرع”، ثم عادوا جنوبا إلى دوار الرمثا، لكن وقبل الوصول إليه بأمتار تم إطلاق القنابل المسيلة للدموع وملاحقة الحشود إلى وسط البلد واُعتقال حوالي (100) شخص شيبا وشبابا.

وكتب النائب “فخري قعوار:”تحية للرماثنة.. فقد عبروا عن فورة رمثاوية شهمة، وأنهم لا يقبلون أن يقعدوا مكتوفي الأيدي بينما المواطنين الأردنيين الأبرياء يُقتلون، والقوافل تعبر الأردن لتغذية المعتدين، وهم بذلك قاموا بواجبهم الوطني والقومي.. فتحية لسواعد الشباب التي لم تدرك الحكومة لما قمعتها ولمصلحة مين”، كما وكتب “فهد الريماوي”: “ارفع رأسك يا أخي.. فأنت ابن الرمثا، وهاهي الرمثا تتسلق مجددا قمة النخوة، وتعاود كتابة اسمها في لوحة الشرف، هاهي الرمثا.. راية النضال القديم- الجديد،”، وبدوره قال ليث شبيلات: “لقد اتخذنا قرارا برلمانيا بضرب المصالح المعادية، ولم ننفذ ما اتخذنا.. فقط هم “الرماثنة” الذين نفذوا قرارنا الرسمي.. فبأي معنى وحق يعتقلون ويحاسبون”.

وكان هذا اخر العهد بخط الشام الذي اصبح الان شارعا ثانويا فارغا الا من المطاعم التي تنتشر على جانبيه بصورة قد تدخله كتاب جنس للارقام القياسية، خط الشام بلغة عامية “تبهدل ” فالحفر تنتشر فيه بلا حدود ومناهل الصرف الصحي ترتفع فيه وتنخفض بدون اي عمل هندسي، فوضى، ومياه الصرف الصحي تشكل فيه في احيان كثير برك اسنة تزيده سوءا وتنتقل منه الى السكان المجاورين، ومياه الامطار تحول الشارع الذي كان ذات يوم من الايام بالنسبة للرماثنة اعظم شارع بالتاريخ وبالعالم كله، تحول مياه الامطار الى برك يصبح من الصعب قطع الشارع من ضفة الى ضفة.

شارع الشام الذي كان المكان الاجمل “لكزدرة ” الشاب والذي كان اجمل الشوارع على الاطلاق يحتاج من البلدية والاشغال والسياحة والبيئة ومنا نحن المواطنين اعادة الاعتبار له ولو مرة بالسنة، ولكن يحتاج الى تنظيف وصيانة يومية حتى لا ننسى ان هذا الشارع كان يوما حياة الرمثا وروحها ونفسها والشارع الذي كانت تراقب منها امهات الشاب المغتربين في المانيا اولادهن عودتهم محملين بالحب والحنين الى حبيبتهم، الى الرمثا.