الرئيسية / كتاب الموقع / تعالوا نضحك

تعالوا نضحك

بسام السلمان

قلت لصديقي المتجهم دائما ويحمل بين عينيه”عقدة ” تقطع الخميرة من السوق، وكشرة قاتلة” تحتاج الى دورة تعليم الابتسامة”

وقلت له بعد ان شعرت بيده ترتجف ورأيت عينيه تضيقان غضبا”اليابانيون يستعينون بمدرسين لتعلم الابتسامة”.

واضفت له بعد ان ناولته فنجان قهوة عربية: تقول الاخبار “تُنظم في اليابان دورات للتدريب على كيفية الابتسامة، مخصصة لأولئك الذين اعتادوا على ارتداء أقنعة الوجه أثناء وباء كوفيد-19.
تناولت من صديقي فنجان القهوة وعرضت عليه ان اسكب له فنجانا ثانيا، هز رأسه وعلامات الغضب والكشرة ظاهرة على كل اعضاء جسده، قلت له بعد ان جلست” اليابايون انفسهم اعتادوا من خلال الكمامة التجهم فأحدهم يقول”لم أستخدم عضلات وجهي كثيرا أثناء تفشي فيروس كورونا في اليابان”.
وقالت احدى اليابانيات”إنها باتت تستعين بخدمات ما يعرف بـ”مدرب الابتسامة”، والذي يعيد تأهيل الأشخاص ليكونوا قادرين على إظهار الابتسامة على الوجه مجددا”.

تململ صديقي في مجلسه، ومد ساقيه بوجهي، وقال” غاب الضحك عن غالبيتنا منذ سنوات طويلة، كيف نضحك ونحن نعيش في ظل ظروف إقتصادية هي الأجمل والأروع” ، أقول ذلك لعلّي أضحك قليلا.

كيف اضحك وحكومات تمارس سياسات تبعث على الغضب حدّ البكاء، لقد غادرنا الضحك منذ زمن، وياليته يعود، حتى لو ضحكنا على أنفسنا، المهمّ أن نضحك، كيف نضحك ونحن نولد ونموت، ننام ونصحو على وقع الضرائب والرسوم التي تتجاوز المئة نوعا وربما اكثر والتي تكسر ظهورنا وتثقل كاهلنا، كيف اضحك وعندي عائلة مكونة من خمس افراد ونسكن بيتا بالايجار ولدي اثنان يدرسان في الجامعة ويحتاجان لمصاريف ورسوم جامعية لايكاد راتبي يكفي للوفاء بها في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي ما عادت تُطاق، وشقيقان لهما عاطلان عن العمل، وضعنا اصبح لا يُطاق وظروفنا ازدادت سوءا في ظل ارتفاع الاسعار المتكرر رغم التخفيضات الوهمية التي تقول عنها الحكومة ورغم الزيادات السنوية التي لا تُسمن ولا تُغني من جوع على الرواتب لانها تذهب في معظمها للضرائب ولا يبقى منها شيئا .

طلب مني صديقي ان اسكب له فنجان قهوة، شربه ووضعه امامه وقال، إن الأخبار السيئة تصل إلى غرف نوم الأزواج “فعندما تذهب الزوجة إلى غرفة النوم تبدأ بإبلاغ الزوج عن مشاكل الأولاد” وعن احتياجات الأسرة سواء كانت اقتصادية أو اجتماعية، وتنقل له اخبار الحارة عن الشباب العاطلين عن العمل وعن البنات اللواتي وصلن الى سن العنوسة وعن وعنوعن فكيف تتغير حالتي وكيف امارس الفرح او حتى اصطنعه” فعندما يستيقظ ابني ويرى  بين عيني رقم 11 وأمه غاضبة مني وشقيقه عابس واخته مكشرة وعند الخروج من البيت يجد أن سائق الباص غاضب، لأن الباص الذي سبقه أخذ ركابه وعندما تصل إلى الشغل تجد الكشرة على وجوه الجميع، كيف بالله عليك يصبح سعيدا وينجب اطفالا سعداء، غالبا ما يتهموننا بأننا نادرا ما نضحك، والأسباب وراء ذلك متعددة كضغط الحياة اليومية بهمومها المتزايدة.

اذا اردت ان تعرفي سبب حزننا وكشرتنا”إسأل النواب والحكومة، فهؤلاء جميعا هم السبب الرئيس في التكشيرة والحزن والغضب والتوتر”

اما سمعت عجائزنا قديما ونحن نقول ما قالن عندما نضحك” الله يكفينا شر الضحك “””

ودعني صديقي تاركا في صدري الف غصة وغصة وبين عينيّ كشرة لن تزول ابدا وندمت لاني حاولت ان اجعل منه انسانا مبتسما وضاحكا ولعنت اللحظة التي طلبت منها ان يضحك.